بعد أن ودع معظم المواطنين اللحوم الحمراء كارهين بسبب ارتفاع أسعارها المتواصل حتى أصبحت خارج قدراتهم المادية اتجهوا إلى اللحوم البيضاء أي إلى لحم الفروج ولكن المستغلين دائماً لهم رأي آخر فبعد أن أجهزوا على الثروة الحيوانية من خلال تهريبها بدأت رحلة القضاء على قطاع الدواجن.
حيث بدأ هذا القطاع يشهد تراجعاً حاداً على مستوى الإنتاج والاستهلاك بسبب الخسائر الكبيرة التي بات يتكبدها، وبتسارع مستمر، وأدت إلى عزوف عدد كبير منهم عن العمل، وخاصة المداجن الصغيرة، مما أدى إلى تراجع إنتاج الفروج بشكل كبير من إجمالي العدد الممكن تربيته، وكذلك تراجع إنتاج بيض المائدة إضافة إلى انخفاض الاستهلاك المحلي، بسبب تدني القدرة الشرائية للمواطن.
طبعاً كل هذا التراجع في قطاع الدواجن سببه هو ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير وخارج قدرة المربين وتحكم التجار المستوردين لهذه المادة بأسعارها إضافة إلى مستلزمات الإنتاج الأخرى، من أدوية بيطرية وأجور النقل، وأطباق الكرتون، وعدم توفير مواد التدفئة من مازوت وغيره، ودون أي دعم حقيقي أو فعال من قبل الجهات المعنية.
ولا شك أن الكلفة الأكبر لتربية الفروج مرتبطة بالأعلاف وأسعارها ومدى توفرها، وما تؤمنه مؤسسة الأعلاف من كميات للمربين لا يكفي لإطعام الطير ليوم واحد، مما أوقع المربين تحت رحمة التجار المتحكمين بالسعر والمواصفة.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأعلاف المستوردة لصالح المؤسسة يقوم بتأمينها التجار أيضاً، أي أن المؤسسة تقوم بدور الوسيط ليس إلا.
قضية ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة قديمة، وستبقى مستمرة، طالما أن القائمين على عمليات الاستيراد متحكمون بتسعيرته بجملة من المبررات تجعل فاتورة الاستيراد تحقق لهم أرباحاً طائلة.
كل ذلك انعكس خسائر كارثية على مربي الدواجن وبدوره على أسعار السوق وعلى جيب المواطن المستهلك، فعلى سبيل المثال تجاوز سعر صحن البيض العشرة آلاف ليرة، وسعر كيلو الفروج المذبوح والمنظف فقد تجاوز العشرة آلاف أيضاً.
يجب أن يكون هناك حلول بديلة وإسعافية لمربي الدواجن تخفف من وطأة أعباء تكاليف الإنتاج، وأولها وأهمها الأعلاف، والتي تحتاج إلى خطة بديلة عن عمليات الاستيراد المكلفة التي يقوم بها التجار، ألا وهي إعادة الاعتبار بشكل جدي لإنتاج الأعلاف محلياً، لما ستخففه من أعباء وتكاليف على المربين، وبالتالي يتم قطع الطريق على الذين يلهثون وبحجة تلبية حاجات السوق المحلية إلى استيراد الفروج والبيض، و أخيراً القضاء على قطاع الدواجن.
عين المجتمع- ياسر حمزه