الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
تشير التوقعات إلى أن جائحة الفيروس التاجي (كورونا) يمكن أن يقتل 40 مليون شخص ، ويقلل الناتج الاقتصادي العالمي بمقدار 12.5 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2021، وأن العمل على إنهاء هذا الوباء في أقرب وقت ممكن هو في مصلحة الجميع.
لكن في معظم دول العالم ذهبت النداءات من أجل توحيد نهج عالمي لمواجهته أدراج الرياح، بحلول أوائل تموز الماضي، كان هناك 160 لقاحًا مرشحا ضد فيروس كورونا الجديد قيد التطوير، منها 21 في التجارب السريرية، وعلى الرغم من أن الأمر سيستغرق شهوراً قبل أن يثبت أن واحدًا أو أكثر من هؤلاء المرشحين آمن وفعال وجاهز للتسليم، فإن البلدان التي تصنع اللقاحات تتنافس بالفعل من أجل الإنتاج أولاً.
وللحكم على الطريقة التي تصرفت بها الحكومات خلال الوباء الحالي وحالات تفشي المرض السابقة، يبدو من المرجح بشدة أن مثل هذا السلوك سيستمر في غياب التزام دولي قابل للتنفيذ بتوزيع اللقاحات على مستوى العالم بطريقة منصفة وعقلانية، والمرجح أن يعطي القادة بدلاً من ذلك الأولوية لرعاية مواطنيهم بدلاً من إبطاء انتشار COVID-19 في أماكن أخرى، أو المساعدة في حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية الأساسيين، والفئات السكانية الضعيفة للغاية في مناطق أخرى.
هذا النوع من “قومية اللقاح”، أو ما يسمى نهج “بلدي أولاً” في التخصيص، سيكون له عواقب عميقة وبعيدة المدى، ومن دون تنسيق عالمي قد تتنافس البلدان ضد بعضها البعض، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللقاحات والمواد ذات الصلة، بحيث تكون إمدادات اللقاحات التي أثبتت جدواها محدودة في البداية حتى في بعض البلدان الغنية، لكن المعاناة الأكبر ستكون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فقد تضطر هذه الدول إلى مشاهدة نظيراتها الأكثر ثراءً تستنفد الإمدادات وسيتعين عليها الانتظار شهوراً (أو أكثر) لتجديد مواردها، في غضون ذلك سيتوقف العاملون في مجال الرعاية الصحية والملايين من كبار السن وغيرهم من السكان المعرضين لمخاطر عالية في البلدان الفقيرة دون حماية، ما سيؤدي إلى انتشار الوباء وزيادة عدد الوفيات فيها، وسيعرض ذلك أنظمة واقتصادات الرعاية الصحية الهشة للخطر الفعلي خلال سعي تلك البلدان للحصول على اللقاحات، وستبحث البلدان التي ليس لديها إمكانية الوصول إلى المخزون الأولي عن أي شكل من أشكال النفوذ الذي يمكنها من العثور عليه، بما في ذلك منع تصدير مكونات اللقاح المهمة، ما سيؤدي إلى انهيار سلاسل التوريد للمكونات الخام والمحاقن والقوارير. وقد تقوم الحكومات اليائسة أيضًا بإبرام صفقات قصيرة الأجل للقاحات لها عواقب سلبية على مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية والاستراتيجية طويلة الأجل.
وبالطبع لن تكون النتيجة مصاعب اقتصادية وإنسانية لا داعي لها فحسب، بل ستتمثل أيضًا في استياء شديد من البلدان التي تحتفظ باللقاحات، الأمر الذي سيعرض التعاون الدولي الذي سيكون ضروريًا لمواجهة تفشي الأمراض في المستقبل للخطر – ناهيك عن التحديات الملحة الأخرى، مثل تغير المناخ والقضاء على الأمراض والانتشار النووي.
لم يفت الأوان بعد كي يسود التعاون العالمي على الخلل الوظيفي العالمي، لكنه سيتطلب من الدول وقادتها السياسيين تغيير المسار. ما يحتاجه العالم هو اتفاقية استثمار وتجارة لقاحات COVID-19 قابلة للتنفيذ من شأنها أن تخفف من مخاوف القادة في البلدان المنتجة للقاحات، الذين يخشون من أن مشاركة إنتاجهم سيجعل من الصعب رعاية سكانهم. ويمكن صياغة مثل هذا الاتفاق وتعزيزه من قبل المؤسسات والأنظمة القائمة، ولن يتطلب الأمر أي آليات إنقاذ جديدة، تخلق ديناميكيات تصنيع اللقاحات والتجارة العالمية عمومًا طبقات من الاعتماد المتبادل ، ما يشجع المشاركين على الوفاء بالتزاماتهم. ومع ذلك فإن ما يتطلبه الأمر هو القيادة من جانب غالبية البلدان المصنعة للقاحات بشكل مثالي.
بقلم: توماس جيه بوليكي
FOREIGN AFFAIRS