ظاهرة ليست جديدة لكنها الأكثر حضورا هذه الأيام تمنحك بعض مؤشراتها واقع الضيق والقهر والحاجة لستر واقع الحال..بعد تضارب ألوان الغلاء وما أفرزه من وجع قلب وهموم حياة طالت كل شيء.. مادفع العديد من الناس لاسيما ربات المنازل في الأرياف والقرى للجوء إلى اسلوب” التعفير” أي البحث في كل موسم من المواسم بعد جني محصوله من قبل أصحابه ، عما تبقى من مزروعات كالبصل والذرة والفاصولياء والبامياء ،وبعض ثمار الجوز واللوز والتين ،والعنب.
وبالتالي علينا ألا نستغرب هذا الفعل اليوم ممن يقومون بهذا العمل الشاق الذي يشبه رحلة البحث عن السراب، لأن طعم المرارة خطف حلاوة ماكانت تتذوقه الأسرة السورية ، وتشتهيه في منازلها وموائدها بوفرة وسهولة المنال.
فبعض النساء يتباهين أنهن يحصلن في تعفير اليوم على خمسين أو مئة “جوزة” على سبيل المثال لا الحصر كانت مختبئة هنا وهناك تحت أوراق الشجر وارض الفلاحة المتعثرة بتربتها بعدما وصل سعر الكيلو في موسم المكدوس مابين ١٥-٢٠ ألفا .ماساهم بحدوث عجز حقيقي في الميزانية المتواضعة عند العوائل السورية ،ناهيك عن غلاء الزيت وعدم استقرار سعر الباذنجان والفليفلة في الأسواق والمحلات المختلفة.
ولايختلف الوضع أيضا في آلية البحث عن فرادى البصل المطمورة في أعماق الأرض و بقيت هاربة في زوايا مختلفة ،أو مموهة بين أكوام القش لتكون من نصيب من يبحث عنها ..وبالمقابل قد تتعب العيون وهي تتنقل لرؤية الثمار من تينة إلى أخرى وعبر أراض مختلفة لتجد ضالتها بتأمين سلة تين في أواخره لم يعد يغضب أصحاب الرزق، لتجفيفه أو صناعتة كمربى حسب الرغبة..وعلى ابواب موسم قطاف الزيتون ربما تكون الغلة أوفر عند شريحة المحتاجين.
التعفير بدا حالة دارجة، بعضهم استثمرها لتحسين الدخل ماديا والبعض الآخر لتأمين لقمة العيش،وحتى البعض من المقتدرين باتت تستهويه هذه الصنعة.. إنها الظروف الخائنة التي فرضت نفسها بأسوأ الأشكال قسرا دون رحمة على الأرض والإنسان السوري الذي عانى غدر القريب والبعيد.
عين المجتمع -غصون سليمان
السابق
التالي