على الرغم من العزلة الدولية التي تواجهها السياسة الأميركية حول العالم نتيجة حماقات ترامب الكثيرة، إلا أن إدارة الأخير مستمرة في رفع وتيرة التصعيد في قضايا عديدة وعلى رأسها ملف إيران النووي، حيث لا تكف عن التحذير والتهديد وفرض العقوبات الأحادية غير القانونية، واختلاق الأكاذيب المفضوحة وافتعال مشكلات لا مبرر لها، ما يشي بوجود نوايا أميركية خبيثة لارتكاب المزيد من الحماقات بسبب الوضع الانتخابي المقلق لترامب.
ففي جديدها بعد تطبيق “سناب باك” المثير للجدل ضد إيران، أعادت واشنطن تدوير ماكينة أكاذيبها معتبرة أن برنامج إيران النووي لا يزال يشكل “تهديدا” للسلام الدولي، متهمة إياها بالإرهاب وإخفاء مساعيها للحصول على سلاح نووي، وذلك لتبرير أفعالها غير القانونية والتأثير على أطراف السداسية الدولية، وجرّها لفخ اعتبار إيران مصدر الشرور في العالم، لتبدو واشنطن هي المخلص والمنقذ من هذه الشرور..!
قانوناً لا يحق لواشنطن أن تتحدث عن برنامج إيران النووي أو تقيّم التزامها بالاتفاق من عدمه، فهذا الأمر مُناط بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الجهة التي تملك التفويض والإمكانات والوسائل التي تمكنها من أداء دورها بمهنية وحياد، وتقرير ما إذا كانت إيران ملتزمة بالاتفاق أم لا، أما واشنطن فقد خرجت من الاتفاق بادعاءات كاذبة، واتخذت ضد إيران عقوبات اقتصادية تضر بمصالحها ومصالح شعبها في محاولة لتقويض نظامها وحكومتها، ولا يخفى على أحد أن ذلك بسبب الصراع العربي الصهيوني ودور إيران المحوري في المنطقة وليس بسبب الملف النووي.
ومن نافل الكلام هنا أن نقول إن السلام الدولي مهدد فعلياً ولكن ليس بسبب إيران التي حاربت الإرهاب ودعمت قضية فلسطين، وإنما بسبب ما تقوم به واشنطن من استفزازات وتدخلات غير شرعية في شؤون الدول الأخرى، ووجودها الاحتلالي في مناطق عديدة مثل شمال شرق سورية، ودعمها غير المحدود للكيان الصهيوني الغاصب، وحشد أساطيلها العسكرية على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأميركية لتهديد الصين وروسيا وفنزويلا وإيران.
أما رعايتها لصفقات “السلام” بين محميات الخليج الضعيفة والكيان الصهيوني بعيداً عن تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، فليس أكثر من خداع وتضليل للرأي العام الدولي، لأن أجواء المنطقة تحولت بسبب السياسة الأميركية إلى ما يشبه برميل البارود القابل للانفجار في أية لحظة.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود: