جسر العبور إلى المنصب

 

رغم زحمة الأخبار والاجتماعات والتصريحات وكل ما هو متداول عن الأسعار وأزمات الرغيف والبنزين، إلا أن ما استوقفني بين كل ذلك خلال الأسبوع الماضي خبران، الأول يقول إن السيد وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا طلب من كافة المهندسين الزراعيين العاملين في وزارة الزراعة والقائمين على رأس عملهم وممن يجد في نفسه الكفاءة لتولي إدارة صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية على الإنتاج الزراعي التقدم بطلب خطي مرفق بالسيرة الذاتية.

أما الخبر الثاني فهو ما صرح به محافظ الحسكة غسان خليل بأن المحافظة بحاجة إلى مديري دوائر ومؤسسات أقوياء ومبادرين ولديهم الرؤى والطروحات التي تذلل الصعاب وتضمن تحسين نوعية الخدمات المقدمة للأهالي مشيراً إلى بدء عملية تقييم أداء جميع المديرين والمديريات والعمل على استبدال الضعيف إدارياً منهم.

ولعل الأمر اللافت في الخبر الأول هو آلية التعيين أو التكليف بإدارة المؤسسات والدوائر مهما اختلفت مستويات مواقع المسؤولية، فقد جرت العادة أن يصدر القرار دون أن يعرف أحد باستثناء صاحب القرار والمعني بمضمونه، ويتم ذلك وفقاً لمدى قُرب أو بُعد أو معرفة صاحب القرار بمن يتم تكليفه. أما أن فيتم الإعلان عن ذلك مسبقاً ويتم وفقاً لمن يرغب وتتوافر فيه الشروط المحددة وصولاً إلى المفاضلة بين المتقدمين، فذلك خطوة أولى باتجاه تكافؤ الفرص والنظر إلى الجميع على امتداد العين وبعيداً عن الاختيار من الموجود على السطح دائماً، وخطوة أيضاً نحو التفتيش عن الكفاءات التي نحتاجها ولا يقدمها أحد لأنها لا تعرف أحداً من أصحاب القرار.

أما ما صدر عن محافظ الحسكة فهو أيضاً يأتي في السياق نفسه وله مدلولات كثيرة أولها أننا لم نعد نذكر متى وكيف تم إعفاء مدير من مهامه في الحسكة رغم مضي عدة سنوات أمضاها بعضهم في المهمة نفسها. ولم يسمع أحد بأي نوع من أنواع التقييم .. لا إعفاء .. ولا تكريم .. ولا عقوبة .. ولا جردة حساب الحقل مع البيدر.

من هنا يأتي الشعور بالتفاؤل بعودة عجلة التقييم والفرز بين من يعمل ومن لا يعمل إلى السكة بعد أن انحرفت العجلة عن مسارها منذ زمن طويل ولا سيما بعد الحرب على سورية، حيث أصبحت شماعة الظروف والأزمة مبرراً لأي تقصير وفشل، وهذه مناسبة للتذكير بأن كل نظام إداري يحمل في ثناياه الحاجة إلى مراجعته وتقييمه وتنميته وتطويره وفق المتغيرات والمستجدات التي تطرأ على بيئته الداخلية بجوانبها التنظيمية والإدارية.

والمسؤول الناجح هو الذي يراقب الأداء ويتدخل عند أي نقطة ضعف واستبدالها بنقاط قوة.ولعل من يقول ذلك يكون أدرك واقع الحال وهو إن بعض المؤسسات القائمة حالياً تعاني من ضعف العملية الإدارية كلياً من خلال نظام إداري محدود مكرر الأخطاء في معظم المؤسسات لا بل أكثر من ذلك سادت ثقافة الجمود وعدم الاستقواء والاستمرار بالمهمة من خلال الأداء الأمثل والنزاهة، وإنما بالعلاقات الشخصية والاجتماعية والولاءات الخاصة فتحولت بعض المؤسسات العامة لمؤسسات روتينية غير منتجة وهادرة.

ودائماً نقول: إن في التعميم ظلماً لأنه بالمقابل هناك إدارات تغلبت على الصعاب وأثبتت كفاءة إدارية في الأداء. وبالمقابل تكشف الأزمات والظروف الصعبة الإمكانات والقدرات الإدارية الضعيفة لدى العديد ممن جاؤوا إلى المواقع الإدارية عن طريق الخطأ.

لأن مثل هؤلاء جاؤوا وهم يفتقرون لمقومات تحمل المسؤولية وثقافة التعامل مع الناس والخبرة في التغلب على الصعاب.. فهذه الأمور من أولى المتطلبات الواجب توافرها في القيادة الإدارية حتى تتمكن من إنجاز مهامها بكفاءة عالية يضاف إليها بعض السمات الشخصية الأخرى التي تلعب دوراً بارزاً في أداء القائد الإداري ولا سيما ما يتصل بالموضوعية والانضباط وحسن الأداء والنشاط والمبادرة والقدوة الحسنة، ولعل كل ما تقدم يلخص الإشكالية الموجودة والمتمثلة في آليات التعيين وفي جسر العبور إلى المناصب ومواقع المسؤولية وهي إشكالية تؤدي في معظم الأحيان إلى عبور من يحتاج إلى منصب وليس من يحتاجه المنصب.

الكنز – يونس خلف

 

آخر الأخبار
مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.. نصائح عملية لموسم ناجح "جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي "التربية والتعليم" تعلن آلية جديدة لتغيير أسماء بعض المدارس مدارس حلب تستقبل طلابها بحلّة جديدة الشرع يلتقي ملك إسبانيا ورئيس الوزراء الهولندي في نيويورك "حقائب ولباس مدرسي".. مبادرة أهلية تخفّف أوجاع العام الدراسي تطوير البرامج الإنسانية والتنموية في حلب  أونماخت: مشاركة سوريا بالأمم المتحدة تفتح الباب لمرحلة جديدة  وزير الصحة يفتتح مركز معالجة الأورام السرطانية في درعا  تراجع إنتاج الزيتون في حماة بنسبة40 بالمئة بسبب الجفاف  هل حققت "مهرجانات العودة للمدرسة" الجدوى والهدف؟  الحوكمة في سوريا.. ركيزةٌ غائبةٌ لريادة الأعمال وفرصةٌ لمستقبل زاهر  إدلب تستعيد نبضها.. مبادرة "الوفاء لإدلب" تكتب فصلاً جديداً  التعليم المهني.. جسرٌ نحو المستقبل وفرص الحياة الواعدة  الخطاب الرئاسي يؤكد أن سوريا تنتمي لمناضليها في الداخل والخارج  باحث سياسي : خطاب الشرع يؤسس لمرحلة من التعافي و النهوض والانفتاح  تعهد ترامب الحازم ..هل سيمنع نتنياهو من ضم الضفة؟ "النشرة الضوئية"..  فجوة تضع المواطنين بمواجهة منتحلي الصفة الأمنية موقع فرنسي: إسرائيل تفتعل الفوضى الأمنية في سوريا تكريم المؤسسات الفاعلة في ختام مشروع بنيان 3