كأنه من ساعات حدث، ووقع، لمن عاش الحدث العظيم، صحيح أنه مضى عليه سبعة وأربعون عاماً، لكنه مازال بهياً، نضراً، في كل ساحات الحياة نلمس وقعه ونبضه، ليس الأمر قصيدة شعر، ولا معلقة مزركشة، بل هي الحقيقة التي يجب أن تبقى واضحة جلية لمن به صمم.
صناعة النصر والكرامة والقدرة على اجتراح المعجزات هي الصفحات التي كتبها تشرين بإرادة الجيش العربي السوري، ومن كان معه في خندق المواجهة، لم يكن الأمر حرباً ومعارك عسكرية فقط، بل إرادة نهوض وقدرة على كسر وتحطيم الأغلال التي رسف بها الفكر العربي حينها، وملخصها أن الهزيمة قدر لايمكن تجاوزه، والعربي لايمكن له أن يتعامل مع أحدث تقنيات السلاح، فكانت الحرب التحريرية التي قلبت المعادلات كلها، وبثت روح الفعل والأمل في شرايين الجسد الذي أدامه الصمت والحزن.
في الحديث عن الوقائع ومجريات المعارك كتبت عشرات المجلدات، وكتب أبطال الجيش العربي السوري صفحات النصر الحقيقي، وهذا ما أسس لغد مختلف، ولاستراتيجيات مختلفة أيضاً.
فما نراه اليوم من تآمر على سورية وحرب عدوانية، ليس إلا استمراراً لمحاولة اغتيال النصر الذي تحقق، وقلنا ليس نصراً عادياً، بل أسلوب حياة وفعل، وإرادة حرة أبية، ومنذ ذاك التحول الكبير، والمؤامرات مستمرة على سورية، تتنوع الأساليب والأشكال، والغاية واحدة، نعرفها ويعرفها الجميع، نقرأ الكثير من ملامحها فيما سمي صفقة القرن، وفي هرولة المطبعين، وغيرها، نقرأ في استباحة إرادة المقاومة لاحتلال الأرض ونهب المقدرات والثروات، الحرب مستمرة علينا، ونحن نعرف أنها تتلون، لكننا أيضاً اليوم أكثر قدرة على المواجهة، ونعرف كيف نحمي نصرنا، ونصون أرضنا ووطننا، الحرب طويلة طويلة، ولكنها كما كانت بالأمس نصراً نعتز به، ونعيشه، هي اليوم كذلك.
من نبض الحدث- بقلم أمين التحرير- ديب علي حسن