نائب مدير الكلية السياسة العسكرية للثورة: إرادة مقاتلينا أساس انتصاراتنا وحرب تشرين التحريرية أحدثت انقلاباً جذرياً في خارطة المنطقة السياسية

الثورة أون لاين- حوار غصون سليمان:

على تخوم الحقيقة كانت حكايات نصرهم تردد صداها في كل الميادين العربية والعالمية، وما بين اليقين وذاك النصر كانت إرادة الحياة المتجددة، تثقل ميزان الحق على سطوة الباطل.. إنه اليوم الموعود الذي أراده صناع الكرامة لتكون نقطة البداية في السادس من تشرين الأول عام ١٩٧٣، الحدث العسكري الأبرز لنصر تشرين الذي تجسد في صفحات تلك الحرب، حيث استلهمت الأرض الطهور عنفوانها من تحت أقدام الأبطال، حين عبروا صحراءها وسهولها ووديانها وجبالها، بخطواتهم الواثقةالمغروسة في عمق الانتماء، على عكس سيرورة الكيان الصهيوني الغاصب المحتل للأرض زوراً وبهتاناً.
في الطريق إلى الكلية السياسية العسكرية كان إيحاء الأمكنة يعطيك عظمة البناء والتأسيس للجيش العربي السوري، فلكل مصنع من مصانع الرجال بصمة عز ووثيقة وطن مخضبة بخصال الكبرياء.
من ذلك البهو الواسع أطل نائب مدير الكلية السياسة العسكرية مرحباً بالفريق الإعلامي القادم للوقوف على خصوصية منجزات حرب تشرين التحريرية التي أسست لخارطة انتصارات متوالية نشهد فصولها منذ عشر سنوات في معركة لا مثيل لها ضد لغة الإرهاب والإرهابيين.
العميد الركن أيمن يوسف نائب مدير الكلية السياسة ابن الميدان المشارك بمعارك النصر، الشاهد على بطولات جيشنا المغوار الذي حقق معجزات في كل التفاصيل، يرى في ذكريات حرب تشرين التحريرية أن لكل أمة صفحات ناصعة في تاريخها تستمد منها القوة والعزيمة ، فتكون هذه الصفحات حافزاً للانطلاق في مسيرتها، ونكون نحن الأبناء سبباً لاستمرارها في أداء رسالتها الإنسانية.
إن حرب تشرين التحريرية عام ١٩٧٣ هي أحد أبرز صفحات أمتنا المشرقة في تاريخها الحديث، فقد كانت الشرارة التي أيقظت العرب من سباتهم الذي كاد يسقط من أيديهم أي حيلة لبعث وجودهم من جديد.
كما أنها النبض الذي جدد الحياة في عروق أبناء الأمة، ومنحهم القدرة على صياغة أبجدية جديدة في المواجهة، استطاعوا من خلالها أن يتبوؤوا موقعاً لهم في المنبر الدولي طالما كان مصادراً
على امتداد سنين كثيرة من الزمن.

وعن أهمية حرب تشرين التحريرية أوضح العميد يوسف كيف أحدثت حرب تشرين انقلاباً جذرياً في الخارطة السياسية للمنطقة، وكانت جسر عبور للإنسان العربي إلى الضفة الأخرى التي وجد نفسه فيها حراً كريماً يأبى الذل، ويرفض أن يكون أسير التبعية والخنوع والاستسلام، الأمر الذي جعل العالم يعيد ترتيب حساباته، مؤسساً لمرحلة هي الأخطر في تاريخ الصراع بين الشعوب، على أرضية التخطيط الدقيق واستراتيجية الشهادة، وشعار التشبث بالأرض وعدم التراجع أمام العدو، فانتصرت الإرادة العربية في حرب تشرين التحريرية، كما انتصرت المقاومة الوطنية اللبنانية عام ٢٠٠٠، وعلى الأرضية ذاتها
يتابع شعبنا العربي الفلسطيني نضاله المشروع ضد قوى الشر والبغي والعدوان، وعلى الأرضية نفسها يتابع أبطال جيشنا الباسل هذه الرؤية في طرد المرتزقة والإرهابيين من أرض سورية، حيث قدم هذا الجيش مئات الآلاف من الشهداء والجرحى من أجل الحفاظ على كرامة وطننا، وقد حققنا الانتصار رغم شراسة المعركة والدعم الأميركي الصهيوني المفتوح.
وأوضح العميد يوسف في حديثه أهمية حرب تشرين التي تنطلق من كونها أبرز حدث عسكري في تاريخ الصراع العربي الصهيوني استناداً إلى المفاجئة التكتيكية التي أحدثتها، والخطة المحكمة، والأداء الرائع اللذين تميزت بهما هذه الحرب والذي خطط لها القائد المؤسس الرئيس حافظ الأسد، إضافة إلى النتائج العظيمة التي تحققت بفضل مقاتلي الجيشين العربيين في سورية ومصر، والتضامن الفعال على المستوى العربي وقت ذاك.
وحول أهمية التدريب النوعي ودوره في تحقيق الانتصار، أشار نائب مدير الكلية السياسية العسكرية إلى أن التدريب هو ممارسة يومية لدينا نجسده سلوكاً دائماً وممارسة نوعية متميزة، لذلك نحن في هذه المرحلة نقوم بإعداد المقاتل والجندي العربي السوري إعداداً مرموقاً في الكلية السياسية، من خلال تربيته على العقيدة الوطنية والتي جوهرها الدفاع عن الوطن والكرامة والشرف والإخلاص، ليكون سفيراً حقيقياً في تشكيلات الجيش كافة، بما يمتلك من الإرادة والعزيمة والقوة، باعتبار الإرادة هي أساس الانتصار في المعارك الوطنية، ومواجهة العدو بكل صلابة وقدرة على تعزيز الصمود في كل مواقع القتال الأمامية والخلفية لتحقيق الغاية المطلوبة وهي دحر الإرهاب والقضاء عليه وتخليص مجتمعنا وبلدنا من براثنه، وتفويت الفرص على المشاريع والمخططات الاستعمارية الغربية التي تحيكها الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية العالمية، وتنفذها الأدوات الرجعية العميلة.
وهذا التدريب برأي العميد يوسف هو الذي يميزنا عن العدو، فكما هو معلوم فإن أبواب العالم مفتوحة للعدو الصهيوني لامتلاك أحدث أنواع الأسلحة، وإذا كان صعباً مجاراة هذا العدو بذلك، فإننا حققنا التفوق على العدو بتدريبنا النوعي لأنه مرتبط بنا وبجهدنا ولياقة مقاتلينا من ضباط وصف ضباط، إلى جانب انضباطنا والمحافظة على سلاحنا وحسن استخدامه بالشكل الأمثل، وهذا من شأنه أن يحقق لنا تفوقاً كبيراً وتحقيق الانتصار المتواصل على جميع الجبهات.
وبين نائب مدير الكلية السياسية العسكرية أن الأوطان لها تاريخ يصنعه القادة العظماء ويخلدونه في صفحات المجد والكبرياء، وبالتالي فإن لتاريخ هذا الوطن دروساً غنية ومليئة بالمفاخر والبطولات التي سطرها أبناؤه الأبرار بسواعدهم ودمائهم الطاهرة.
ولأن سورية كانت ولا تزال قلب العروبة النابض وموئل الأحرار والشرفاء من أبناء أمتنا العربية فقد أخذت على عاتقها الدفاع عن قضايا الأمة منذ عقود غير عابئة بالخطوب مهما اشتدت، مقدمة قوافل الشهداء من أبنائها الأطهار الأبرار دفاعاً عن كرامة الأمة وصون عزتها وكبريائها، لذا لم يكن مستغرباً في وطن بحجم سورية وجيشها الباسل وقائدها الفذ أن نستنهض جميعاً وندرك حكمة القائد المؤسس حافظ الأسد أن يبدع في قرار الحرب ويعلن للعالم أجمع فاتحة انتصارات العرب وبدء زمن البطولة والمقاومة بعد عقود من المرارة، لذلك كانت الصحوة مدوية في الآفاق مع انطلاق جحافل العزة على جبهتي الجولان وسيناء، هو قرار تاريخي لقائد عبقري خالد أدرك حجم القدرات العربية وعرف كيف يطوعها في خدمة الهدف.
وإذا ما ربطنا الماضي بالحاضر نستطيع فهم الحدث، حيث استطاع السيد الرئيس الفريق بشار الأسد أن يسطر مع أبناء جيشنا انتصاراً كبيراً على قوى الفجور والبغي التي حاولت إرجاع سورية الى عهود التخلف، ولكن ما تم تحقيقه في هذه الحرب كان أشبه بالمعجزة لدرجة أن مراكز الدراسات الغربية لم تستطع أن تفهم حتى الآن كيف أن سورية هذه الدولة محدودة الإمكانيات المادية، كيف انتصرت ودمرت كل قوى الشر في أشرس معركة لم تتعرض لها أي دولة من دول العالم .
وفيما يتعلق بحرب تشرين التي تعتبر الإنجاز الأكبر في التاريخ العربي المعاصر، وكيف كانت مرحلة الإعداد والتحضير واتخاذ قرار الحرب، يوضح العميد يوسف بالقول: انه لا يمكن الفصل بين قرار الحرب ومرحلة الإعداد والتحضير حيث استطاع القائد المؤسس أن يقرأ البيئة الاستراتيجية ويستشرف آفاق المستقبل ويرسم خارطة الطريق بما يتناسب مع الأهداف الوطنية والقومية، فقد كان بيده ثقة مطلقة بالشعب العربي السوري، كما آمن بطاقته الكامنة، وجسد في قيادته لسورية طموحات هذا الشعب في العيش الحر الكريم، ورفض كل أنواع الخنوع والاستكانة، وتجاوز ثقافة الهزيمة وعمل على ترسيخ ثقافة الصمود والمقاومة ضد المحتل لاستعادة ما اغتصب من حق، ثم جاء قرار الحرب ليجسد العمل الدؤوب في ميادين التدريب والتحضير لقواتنا المسلحة وإعادة بناء الجيش وفق أسس علمية متطورة، حيث استطاع في غضون أقل من ثلاث سنوات إعادة هندسة القوات المسلحة، وما تحتاجه على صعيد التهيئة وتأمين السلاح وتعزيز الثقة بالنفس، وحب الوطن، وبذل الغالي والنفيس لصون كرامته، إضافة إلى صقل الخبرات بالمهارات واكتساب العلوم العسكرية التي تمكن المقاتل من استخدام أحدث أنواع الأسلحة، وحين اكتملت ظروف المعركة كان القرار بخوض حرب تشرين التحريرية.
وختم العميد يوسف حديثه بالقول: إن سورية على مر التاريخ والعصور تتعرض بحكم موقعها الاستراتيجي لغزوات وحملات عسكرية دائمة، لكنها وفي كل مرة كانت تبوء تلك الحملات بالفشل والاندحار والانهزام على هذه الأرض الطيبة بفضل مقاومة شعبها وجيشها وإرادة قائدها، مضيفاً انه كما قاوم وناضل أجدادنا وآباؤنا ضد العدو المحتل في مختلف مراحله الزمنية التي مرت على هذه الأرض، لن نكون نحن اليوم إلا كما كانوا أبطالاً أشداء، وكما انتصروا في السابق، سننتصر نحن الآن رغم ضخامة وشراسة المعركة.