الثورة أون لاين- عبد الحليم سعود:
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية من موعدها، واضطرار كل من المرشحين، الجمهوري دونالد ترامب الساعي بكل ما يستطيع لتجديد ولايته في البيت الأبيض، ومنافسه نائب الرئيس السابق الديمقراطي جو بايدن الذي يتقدم باستطلاعات الرأي حالياً، لاستخدام كل ما لديهما من أوراق لكسب المزيد من المؤيدين قبل الثالث من تشرين الثاني الموعد المضروب لإجراء الانتخابات، دخلت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون على خط التنافس المحموم بين المرشحين، حيث تم الكشف عن جزء جديد من رسائلها على البريد الالكتروني إبان تسلمها منصبها بين عامي 2009 و2013.
وتفضح الرسائل أسرار تورط إدارة أوباما بافتعال الفوضى التي عمت الشرق الأوسط تحت عنوان “الربيع العربي” من خلال الدعم الذي قدمته هذه الإدارة لتنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي، وعلاقة كلينتون الوثيقة بقناة الجزيرة القطرية التي كانت البوق الأعلى جعجعة وتحريضاً على العنف والفوضى والإرهاب في السنوات العشر الماضية.
الكشف عن رسائل كلينتون في هذا الوقت بالذات لا يقدم جديداً حول مسألة تورط الولايات المتحدة بالفوضى التي شهدتها المنطقة منذ عام 2010 حتى اليوم، فقد قدمت إدارة أوباما وكذلك إدارة ترامب آلاف الدلائل التي تثبت هذا التورط وتؤكده بالبراهين الساطعة، فالقوات الأميركية موجودة على الأرض لتعزيز الفوضى وهي تقدم كل ما تستطيع من دعم للتنظيمات الإرهابية الموكول إليها صناعة الفوضى، ولكن يبدو أن إدارة ترامب محشورة بالوقت ومضطرة للنبش أكثر في أسرار مسؤولي الإدارة السابقة التي كان بايدن جزءاً منها بمنصب نائب الرئيس، وذلك لأن استطلاعات الرأي ما زالت تعطي تفوقا واضحاً للأخير على ترامب رغم همروجة إصابته بالكورونا وشفائه السريع منها، واستمرار تعلق ترامب بقشة كورونا للنجاة من خسارة محتملة.
اللافت في هذا الكشف المتأخر عن علاقة كلينتون بتنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي وقناة الجزيرة أنه يدخل في إطار الصراع الدائر حاليا بين عدد من الدول الخليجية وبين مشيخة قطر التي تشكل داعماً أساسياً للتنظيم وممولاً سخياً للكثير من الفوضى التي جرت في المنطقة باعتراف وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، فوفق ما جاء في بريد كلينتون فقد زارت الأخيرة قناة الجزيرة في أيار عام 2010 أي قبل حمى “الربيع العربي” والتقت مديرها آنذاك وضاح خنفر، وكذلك أعضاء مجلس إدارة القناة حيث جرت مناقشة زيارة وفد من القناة إلى واشنطن في منتصف أيار من العام ذاته، وتوّجت هذه الاجتماعات، بلقاء مع رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني.
وفي رسالة أخرى، طالبت هيلاري، قطر، بتمويل ما سمي بـ «ثورات الربيع العربي»، عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون.
كذلك كشف بريد إلكتروني آخر مسرّب، يعود لأيلول 2012، عن تعاون قطر مع جماعة “الإخوان”، لإنشاء قناة إعلامية باستثمارات كبيرة، وذلك بعد أن اشتكى التنظيم الإرهابي من ضعف مؤسساته الإعلامية.
كما كشفت رسائل كلينتون أيضاً عن دعم قطر لجماعات إرهابية بليبيا، وأوضحت إحدى الرسائل التي أفرج عنها، والمتعلقة بقضية استخدام كلينتون إيميلها الخاص، عن دور قطري خبيث لزعزعة استقرار ليبيا، استناداً على اتهامات وجهها رئيس الوزراء الليبي الأسبق محمود جبريل للدوحة، بمحاولة لعب دور أكبر من اللازم في شؤون بلاده، ودعم فصائل متشددة.
وبحسب الرسالة الإلكترونية المؤرخة في تشرين أول 2011، فقد لعبت قطر دوراً في تحالف دولي ساعد على الإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي.
اللافت في الأمر أيضاً أن موضوع بريد كلينتون السري تمت إثارته في الانتخابات الرئاسية الماضية، ولكن الموضوع أغلق بعد فوز ترامب بالرئاسة، وهذا يؤكد أن إعادة فتحه اليوم هو دليل على وضع ترامب السيء في استطلاعات الرأي وخشيته من الهزيمة أمام بايدن، أما الأخير فيبدو مرتاحا وأكثر ثقة، حيث وعد الأميركيين بالأمس بإخراج البلاد من أكبر سلسلة أزمات تعيشها على المستويات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والبيئية، والصحية، معتبراً أنها أكبر أزمة منذ الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر.
أما ترامب فقد هاجم بسلسلة تغريدات، كل من الصحفيين، والديمقراطيين، وخصمه بايدن على السواء، كاتبا يقول «كمّ كبير من الأخبار الكاذبة»، مضيفاً «لقد جنّت وسائل الإعلام لأنها تدرك أنني في طليعة كل استطلاعات الرأي التي يحسب لها حساب»، من دون أن يحدد أياً منها، ثم تابع «كاليفورنيا أصبحت كارثة، صوتوا لترامب».
كما ألمح ترامب في حديثه مع فوكس نيوز، إلى احتمال أن يكون خصمه الديمقراطي البالغ 77 عاماً مريضاً، وقال «إذا نظرتم إلى جو، كان يسعل بشكل فظيع السبت، ثم يمسك بكمامته، ثم يسعل»، مضيفاً «لا أعرف ماذا كان كل ذلك، لكنه لم يحظ بكثير من التغطية الإعلامية».