احتفاء باليوم الوطني للبيئة، أقيمت في فرع نقابة المهندسين بدمشق يوم أمس الثلاثاء، ندوة علمية احتوت على محاضرات قيمة جداً هي عملياً خلاصة أبحاث بيئية، نظرية وعملية اضطلع بها باحثون سوريون وباحثات سوريات.
كان لافتاً للانتباه تأكيد الدكتور حسين تينة رئيس فرع نقابة المهندسين بدمشق، أن مهندسي سورية يتهيئون لإعادة إعمار بلدهم ببعد بيئي جلي، يرسخ بناء صحياً، نظيفاً وجمالياً وحميداً بيئياً.
وتطور الدكتورة غادة بلال الأستاذة الجامعية ورئيسة لجنة البيئة في نقابة دمشق للمهندسين، وجهة النظر السابقة إلى اعتبار أن البيئة الحميدة، ليست اللون الأخضر البهي وحسب، بل هي نظافة وسلوك حضاري وأداء واع علمياً، يصون صحة الناس الجسدية والنفسية.
ثمة تحديات كبيرة يجب أن نواجهها، وما من شك أنها تتفاقم، وسط حرائق كثيرة منذ شهر آب الماضي وحتى الآن، ولا نستطيع إهمال أن الأمطار لم تنهمر بعد وقد أصبحنا في النصف الثاني من الخريف، حر شديد لا يُطاق، (يبس) الأشجار والأعشاب، وهو من دون شك عامل مؤهب لاندلاع حرائق كبرى لأتفه الأسباب.
ومثلما يقال: رب ضارة نافعة، وها نحن نشهد حراكاً مهماً للرد واستعادة ما خسرناه، ولَم يقتصر الأمر على الندوة التي أشرنا إليها، ولعل من أهم عناصر ذاك الحراك، اتفاق ثلاث وزارات (التربية والتعليم العالي والإدارة المحلية والبيئة)، مع اتحادي الطلبة والشبيبة ومنظمة طلائع البعث، على المساهمة في إعادة تشجير ما احترق. ولاسيما أن الدولة السورية خصصت مايقرب من أربعة مليارات ليرة كإعانة فورية للمنكوبين بتلك الحرائق، بهدف الترميم وإعادة التشجير، وجرى إرفاق ذلك ببلاغات بشأن إعادة تشجير الأراضي المحروقة حسب نصوص قانون الحراج السوري.
ويأتي توجيه وزارة التربية بتخصيص (حصة درسية في اليوم الوطني للبيئة للحديث عن أهمية الغابات، إذ لا حياة من دونها، وعن أهمية أن يحب التلاميذ والطلاب الأشجار بصفتها عطاء ثراً على صعد كثيرة)، يأتي هذا التوجيه ليتوج حراكاً مهماً في صالح البيئة السورية، ولعل – زمنه – ينزع عنه الصفة الروتينية، ويمنحه قوة جديدة، يجب أن تصعد به إلى مرتبة أن تكون تلك الحصة أسبوعية على مدار العام الدراسي وأن يتم تدريب المعلمين والمدرسين عليها وأن تترافق مع حصة ثانية في يوم آخر (حصة عملية) يغرس فيها التلاميذ والطلاب الشجيرات في باحات مدارسهم وحارات مدنهم والأراضي المهملة في قراهم.
وما من شك أن كل هذه القرارات والتوجيهات والبحوث تكتسب كبرها ودورها الوطني من تطبيقها، ما يُؤكد ضرورة وجود جهة عليا (لجنة عليا للتشجير –
أروقة محلية – ميشيل خياط
هيئة عليا لاستعادة الأراضي المحروقة)، تقود الأداء الميداني الإصلاحي وتشرف عليه بحزم، بعيداً عن – عدم وعي – المستهترين بالأشجار والبيئة. سورية يجب أن تعود خضراء ما يؤكد ضرورة تشجير كل شبر فيها. يجب أن نعود إلى تشجير ٣٠ مليون غرسة كل عام، وأن تصبح مدننا محضونة بالغابات، وكلما أكثرنا من الشجر، اعتدل مناخنا، وانحسرت موجات الحر الشديد عنا وانخفضت درجات الحرارة في بلادنا.