لعل إقرار اللجنة العليا للاستيعاب الجامعي في اجتماعها مؤخراً برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء، السماح لـ ٦./. من خريجي المدارس الفنية -المهنية- والمعاهد التقنية، المتفوقين في وزارة التربية، التسجيل في الجامعات السورية الحكومية، يعدّ خطوة مهمة جداً، في تاريخ التعليم الفني -المهني- في سورية، ويبشر بتحول نوعي نحو الإقبال على هذا النوع – المتميز – عالمياً من التعليم، إذ تصل نسبته في العديد من الدول الصناعية المتقدمة إلى ٨٠./. بالمقارنة مع التعليم العام، ولا يزال عندنا ٣٠./. نظرياً وظاهرياً، إذ بعد الاضطرار القسري للتسجيل فيه استناداً إلى علامات النجاح في شهادة التعليم الأساسي، يشهد تسرباً تصل نسبته إلى ٤٣./. ، ويتجه من سجلوا فيه إلى العزوف عنه وتقديم امتحان الثانوية العامة الأدبي أو العلمي بصفة أحرار.
تشير كلّ الدراسات الميدانية التي أجريت لتقصي سبب عزوف الأهل والتلاميذ عن الإقبال الطوعي على هذا التعليم الفني -المهني- إلى سببين جوهريين ١-الأفق المسدود، ويقصد به عدم السماح لطلاب الفني متابعة الدراسة في الجامعات الحكومية السورية – المجاني- وقد أطلقنا على هذه الحالة عقدة النجار في التعليم المهني، ويبدو أن القرار الأخير قد بدأ بـ (حلحلتها)، ٢-قلة فرص – التوظيف – المعلن عنها لخريجي المدارس الفنية.
إن موضوع فرص العمل، يمكن تجاوزه بإضاءة الفرص الكبيرة المتاحة للعمل، في البيت، وعلى -الموبايل -حالياً، والأجور المجزية جداً التي يحصل عليها أصحاب المهن، والتي توفر لهم رغد العيش، بالمقارنة مع العاملين بأجر في القطاع العام بشكل خاص.
ومن التطورات الإيجابية الجديدة لمسألة عمل خريجي المدارس الفنية في سورية حالياً، صدور تشريعات تشجع على إقامة مشاريع صغيرة ومنح قروض لأصحابها بـ ١٥ مليون ليرة سورية.
وقد يقال لماذا نرى نسبة الستة بالمئة مهمة..؟ ولعلّ السر يكمن في السيرة التاريخية، إذ منذ بداية التعليم المهني في سورية وحتى الآن، لم تصل تلك النسبة لأكثر من ٣٠./.وهذا الرقم موجود منذ ١٥سنة على الأقل، وكانت كلّ مطالبة بتحريكه، حتى في مؤتمر تطوير التعليم في خريف العام ٢٠١٩كانت تواجه برفض شديد من قبل وزارة التعليم العالي.
ما حدث الآن هو مضاعفة النسبة، وبالتالي نحن أمام خطوة كبيرة ومهمة، وإذا كانت حجة المتعنتين أن المدرسة تخرج فنيين مهرة تحتاجهم الأسواق، فإن تغيير المزاج العام صعب جداً وقد يحتاج إلى قرون، فلماذ لا نردد أن الزمن تغير وأن الفني اليوم وسط هذه التطورات التقنية المذهلة بات بحاجة إلى الدراسة الجامعية..؟
ما من شك أن المسيرة تبدأ بخطوة، ويبدو أن هذه الخطوة في التعليم الفني قد اجتازت مسافة جيدة، ومرشحة أن تجتاز مسافات أطول، مع التحول إلى الإنتاج توزيع الأرباح على المعلمين والطلاب، والتشريع الجديد قاب قوسين أو أدنى.
ومن الأهمية بمكان ألا نفوت فرصة إلا ونستثمرها لإضاءة الدرب الصحيح أمام الشبان الصغار، إنه لأداء وطني رفيع المستوى أن ننصح شبابنا بالتوجه إلى المدرسة الفنية – المهنية – التي تنأى بهم عن البطالة، وتوفر لوطنهم إمكانية النهوض والتقدم.
أروقة – ميشيل خياط