الثورة اون لاين – لميس عودة:
بعد أن وصل التوتر في العلاقات الألمانية الأميركية مستوى غير مسبوق في فترة ولاية دونالد ترامب بسبب هجومه المتواصل وانتقاداته اللاذعة بحق حلفاء بلاده الأوروبيين، وألمانيا على وجه الخصوص، يبدو أن برلين تتطلع لأن تغير الولايات المتحدة سياستها الهجومية تلك بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعلى ما يبدو أيضا أنها تفضل فوز المرشح الديمقراطي، وهذا ما بدا واضحا من خلال تصريح وزير الخارجية الألماني مايكو ماس الذي تمنى من خلاله للأميركيين بانتخابات “منصفة وسلمية” تحدد مسار ودور الولايات المتحدة في العالم، وتأكيده أيضا بأن بلاده ستسعى إلى اتفاق شراكة جديد عبر الأطلسي مع واشنطن بعد صدور النتائج، ما يعني أن اتفاق الشراكة لم يكن على المستوى المطلوب في عهد ترامب.
بيان وزير الخارجية الألماني غير المألوف في ظل توتر العلاقات بين الجانبين، أشار من خلاله ماس إلى ضرورة التوصل إلى “شراكة فعالة عبر الأطلسي” لحل مشاكل العالم، وتابع “نريد اتفاقا جديدا في ما يتعلّق بهذه الشراكة، ونحن على استعداد للاستثمار في المستقبل كشريك عبر الأطلسي للتعامل مع هذه القضايا العالمية معا”.
تصريح ماس يعكس حالة النفور والغضب الألماني تجاه سياسة ترامب الهجومية إزاء بلاده طوال الفترات الماضية، حيث لم يترك ترامب مناسبة إلا وفتح فيها نار النقد اللاذع على ألمانيا التي لطالما اتهمها بعدم ايفائها بالتزاماتها المالية ومستحقاتها لتعزيز قدرات حلف شمال الأطلسي، معتبرا أن العجز التجاري مع ألمانيا كبير جدا، موجها أصابع الاتهام إلى برلين بأنها تدفع أقل مما يجب لحلف شمال الأطلسي، خاصة فيما يتعلق بالجانب العسكري، لتواجه ألمانيا بدورها عواصف اتهامات ترامب باستياء ونفور من السياسية الأميركية التي أدخلت الاتحاد الأوروبي في دهاليز الضعف نتيجة مصادرة قراراته أميركيا، داعية للتحرر من السطوة الأميركية وان يكون الاتحاد الأوروبي نشطا على الساحة الدولية بمنأى عن التدخل الأميركي وهذا ما عكسته مرارا تصريحات المستشارة انجيلا ميركل ووزير خارجيتها.
التوتر في العلاقات بين واشنطن وبرلين، يعود في المقام الأول لمعارضة برلين في بعض الأحيان للسياسات الأميركية الناجمة عن تصرفات وسلوك ترامب الاستفزازي تجاه حلفائه المفترضين، ما دفع ألمانيا مؤخرا إلى شن هجوم مضاد، عبر تأكيدها على أن السياسات الأميركية سبب الفوضى والنزاعات في العالم، وان ترامب يغذي الحروب ولا يرغب في حل النزاعات سياسيا ويعرض السلام في أوروبا للخطر، ويعمل كذلك على تسريع التغير المناخي من خلال إضعاف حماية البيئة.
يشار إلى أن ألمانيا تسعى للتحرر من قيود الهيمنة والسطوة التي مارسها بكل غطرسة ترامب عليها، حيث خلق التدخل الأميركي في شؤونها الداخلية شرخا في جدار العلاقات الثنائية، وكانت ميركل قد تعهدت في أول اتصال هاتفي أجرته مع ترامب منذ وصوله إلى السلطة في 2016، بالتعاون معه شرط احترامه القيم الديمقراطية، وهذا ما لم يحصل على أرض الواقع.