ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : يعكس موقف مشيخات الخليج وإرهابييها ومتطرفيها من البيان الرئاسي لمجلس الأمن ارتباكاً واضحاً، حين بدت عاجزة عن رفضه فيما قبوله يعني مقامرة سياسية لا تستطيع تحمل تداعياتها.
فالموقف الأميركي الذي اعتبر البيان خطوة إيجابية.. والفرنسي الذي وجده محدوداً، ضيق الخيارات على تلك المشيخات، إذ لم يعد بمقدورها تجاهل البيان، وفي ذات الوقت يصعب عليها التوافق معه، فلا العمل بمقتضاه يخفف من المأزق ولا الخروج عن السياق الذي حدده يؤمّن بوابات آمنة تحول دون حدوث اهتزازات داخل تلك المشيخات.
وإذا كانت هي أمام المفترق الصعب، فإنه بالنسبة لإرهابييها ومتطرفيها وقوف على فوهة البركان، وقد انقطعت السبل بهم.. !!
وتشي الكثير من ردود الفعل بأن نقطة اللاعودة قد بدأت باتجاه الانقسام الحاد القادم في موقف تلك الأطراف، فالغرب الذي نأى بنفسه عن تسليح المعارضة، يدفع بكل من جاهر بدعوته للتسليح إلى عنق الزجاجة، والخروج منها يبدو مغلقاً كيفما كان الاتجاه ومهما يكن الخيار.
التشظي ربما كان أوضح في المواقف داخل المجلس الاستنبولي بين من نصحه بالقبول مع بعض الاشتراط، وبين من رفض كل ما فيه واعتبره نكوصاً يهدد كل ما عملوا عليه في الأشهر الماضية، وفي وقت بدأت تركيا تتبرم من تبعات استضافته، يكشف حجم التباعد في الاصطفاف السياسي والشطط في أوهام أعضائه، مساحة التشرذم التي تحكم خياراتهم والداعمين لهم.
الأخطر وفق رؤية أولئك أن البيان سيفتح الباب للحديث عن دعم الإرهابيين بالسلاح المسكوت عنه منذ بداية الأزمة، بما يعنيه من غياب علني لدعوات التسليح وسحبها من التداول، بعد أن شعرت مشيخات الخليج، بأن الاستمرار فيها قد يضعها تحت المساءلة القانونية الدولية مباشرة، بل بعضها على الأقل بدأ يتنصل حتى من تلك التي أطلقها في الماضي ويقدم تفسيرات متناقضة لما كان يقصده، ويسهب في شرح يورطه أكثر مما يبرئه!!
وفي الضفة الأخرى، تجد الدول الغربية نفسها، أمام واقع يستدعي بالضرورة إعادة مراجعة للكثير من الخطوات المتسرعة، التي اتخذتها، وتتجاذبها – على الأقل في الوقت الحاضر – رؤيتان، الأولى تتحدث عن إغفال وتجاهل للمسألة والانشغال بالقضايا الداخلية والهموم الانتخابية التي تقترب استحقاقاتها وتسخن المنازلات فيها، والثانية، ترى أن الحفاظ على ماء الوجه، يستدعي الاستمرار بها تحت عناوين يمكن إعادة النظر فيها أو تبديل بعض المفردات كحد أدنى، والأمر ينسحب على الموقف داخل كل دولة والخلاف المستعر في أروقة الخارجية الفرنسية بعضٌ من نماذجه!!
المأزق الحقيقي على ما يبدو، ستدفع ثمنه ممالك الخليج، وهذه المرة سياسياً بالضرورة فمثلما دفعت للحملة والمخطط مالياً وإعلامياً، عليها أن تدفع ثمن الفشل مضاعفاً في السياسة والمال والاعلام .. ولوحدها ؟!
الهواجس التي تقض مضاجع أمرائها وحكامها تزداد، والمخاوف من أن تنتقل الارتدادات إلى داخل مشيخاتها تكشف حجم التورم فيها، ولا يخفى على أحد، أن السعودية التي تتأزم فيها شيخوخة السلالة الحاكمة، تقترب من الهاوية المنتظرة، حيث تبدو عاجزة عن إغلاق البوابات التي فتحتها، بعد الإغراق في التطرف وإطلاق يد جماعات تكفيرية، إلى حد أنها فقدت السيطرة عليها، فباتت كالقابض على الجمر..!!
فيما المشيخة القطرية، التي رهنت كل رصيدها و«مصداقيتها» في سلة المسلحين، تجد نفسها مدفوعة بحكم الأوهام التي تحرك أمراءها والاستطالات والتورمات في حساباتهم إلى البقاء في عنق الزجاجة, حيث التحرك في هذا الاتجاه أو ذاك هو بمثابة انتحار سياسي مسبق.
ورغم النشاط الملحوظ والظاهر للعيان, في عملية تدوير الزوايا لتكييس وجه الهزيمة، فإن اللجوء إلى البحث في التفاصيل عن جزئية تحفظ ماء الوجه لهذا الطرف أو ذاك، يعكس حالة يائسة لالتقاط أمر العمليات الجديد الذي يبدو لأول مرة مغايراً في اتجاهاته.
بقي أن نرقب لبعض الوقت, هذا التشظي الذي يخفي خلفه غضباً متصاعداً, لابد أن ينفجر في نهاية المطاف بوجه من أوصل الأمور إلى حافة الهاوية!! هاوية جرفت كل من اقترب منها.. ولن تتأخر عن ابتلاع من بات في جوفها .. وهذا ليس ببعيد ولا هو بغريب.
a-k-67@maktoob.com