من أنواع الصيد، يغريها صيد الأفكار.. تماماً كما ذكر الفيلسوف أناكليتو فيرّيكيا: “أحبّ نوعاً واحداً من الصيد هو صيد الأفكار”..
لم يمنعها ذلك من اتقان نوع جديد من الصيد..
ها هي تسعى وراء طريدة باهظة الثمن.. ونادرة في الأيام الحالية..
الآن.. صيدها يتماهى واقتناص لحظات سعيدة..
نوعا الصيد المفضلان لديها، يتشاركان بجعل كل الحواس في حالة تأهب كاملة لاقتناص فريستها بأي لحظة لربما لا تخطر في البال.
إذاً لمَ لا يكون صيدها هذه المرة هو الرغبة بصيد أفكار لصنع لحظات سعيدة.. وأشياء بسيطة لكنها مفعمة بقلب كل سلبي إلى إيجابي..؟!
أيكون انبثاق لحظات سعيدة وأفكار إيجابية في حياتنا بمثل صعوبة ووعورة انبثاق تلك الأعشاب التي تحدث عنها أناكليتو فيرّيكيا بقوله: ” إن خصلة العشب التي تنبثق من شقوق الجدران الجافة والإنسان الذي يجتاز مسار الحياة الوعر مدفوعان بالقوة الميتافيزيقية نفسها”..؟
هكذا إذاً.. تتصعّد نبرة التحدّي..
ما الحل حين لا يرغب “الآخر” بإتمام لعبة صيد اللحظات الجميلة سويّاً..؟!
لعله يمتلك مهارة صيد من نوع آخر..
صيد العلاقات العابرة.. المهنة الحقيقية لكثيرٍ ممن ينتمون لأخلاقيات “الحداثة السائلة”..
تنسلخ من كل حبّ وكأنه لم يمسسها بضررٍ.. وترى فيه شيئاً يشبه مصل المضادات الحيوية..
تُضحكها فكرة أنها صائدة لهذا النوع من المضادات..
هكذا أصبحت ذات مناعة عالية من علاقات تفرضها ذهنيات مستعجلة في تأدية فروض الحب..
تماماً على هذا النحو يرونه ويعيشونه.. أو لعله ليس الحب، في نظرهم، لكنهم يسوّقون له على أساس أنه الحب أو شُبّه لهم.
طرائد اليوم من نوع آخر.. لا تُعنى بالأفكار ولا بجمال اللحظات أو سعادتها..
تقولبت وفق معايير تلك السيولة التي نظر لها زيجموند باومن، والتي تعوم بأفضل ما يكون العوم على مواقع التواصل التي هي أكثر مكان يؤمّن علاقات سائلة.. عائمة في فضاءات من الوهم..
ويتناسون أن الحب هو الطريدة الأعلى سعراً في حياة كل منا.. بعيداً عن هشاشة العلاقات التي يبتغون.
رؤية – لميس علي