عندما يباع كيلو اللبنة في أحد المحال في سوق معروف بـ1800 ليرة وفي محل آخر مشهور جداً بـ3800 ليرة فأنت كزبون هنا أمام مشكلة لا تقف فقط عند من حصل التكلفة مع هامش ربح جيد، وإنما تتساءل بحيرة وخوف مما صنع البائع الأول منتجه ليبيعك المنتج نفسه بسعر أقل من النصف، وأنت على ثقة بأنه حقق ربحه وتدرك جيداً أن السعر الآخر في ظل ارتفاع المادة الأولية بشكل جنوني بالكاد عرض المنتج بسعر التكلفة على حد ما يدعي.
حقيقة الأمر وما تشهده أسواق مختلف المحافظات من انتشار مكثف لشتى أصناف المواد والسلع خاصة الغذائية المصنعة بأغلبها في أقبية بعيدة جداً عن عين الرقابة أو من خلال ما يتسلل عبر الحدود تفيد أن الكثير مما يتناوله أو يشتريه المستهلك السوري مغشوش وبعضه ربما غير صالح للاستهلاك البشري.
ومع ذلك تشهد تلك المعروضات المنتشرة على الأرصفة في مناطق مختلفة إقبالاً من الناس لانخفاض سعرها المشبوه وتوافقها مع قدرتهم الشرائية المتدنية جداً.
ويعتبر البعض أن ما تقع عليه يد أجهزة الرقابة من مستودعات ومحال متخمة بمواد ومنتجات غير صالحة للاستهلاك البشري وتطرح بالسوق بعد تغيير تاريخ صلاحيتها وتفتقد لأدنى مواصفات السلامة والصحة العامة هي غيض من فيض ما ينتج في ورش صغيرة مخفية بين المباني السكنية تنامت كالفطر في السنوات الأخيرة معتمدة على حاجة الناس وتوجههم نحو السعر الأقل وتراخي الجهات الرقابية وبأحيان بتواطؤ وتسهيل من قبل بعض عناصرها لينوبهم من المكاسب نصيب طبعاً.
ما تشكله حالة الفلتان السائدة في الأسواق على صعيد الأسعار وكثرة المواد التي تندرج تحت بند المخالفات الجسيمة باتت خطراً فعلياً على صحة الناس ومواجهتها وضبطها لن يكون فقط من خلال تلك العناوين الإعلامية التي تتحدث عن قيام مسؤول بجولة ليلية وضبطه بشكل مباشر لمواد مجهولة المصدر في وسط سوق الهال بدمشق أو غيره من الأسواق ليعود الحال بعد تلك الجولة أسوأ من قبلها وإنما عبر اعتبار تلك الجولات للمسؤول أو لعناصر الرقابة من أساسيات العمل وهي واحدة من سلسلة إجراءات تتخذها وزارة “حماية المستهلك” لتقوم بدورها الذي تراخت فيه إضافة لتحمل عشرات الجهات الرقابية الأخرى لمسؤولياتها ولا يقل أهمية هنا ضخ كوادر الاتحادات باختلافها في المساندة الرقابية وهو دور لم تؤده حتى اللحظة.
الكنز – هناء ديب