كما في كل قرار يصدر من الحكومة، خاصة في الفترة الأخيرة ومرتبط بالشأن الاقتصادي والمعيشي، تثار زوبعة إن لم نقل عاصفة من الانتقادات تتولى نقلها صفحات التواصل الاجتماعي وبالتوازي معها يدعم جانب من الاقتصاديين الأكاديميين هذا الخط، والمحصلة أن الجميع يكاد يتفق أن أغلبية قرارات الحكومة هي مثار جدل لدى المواطن.
ما عزز هذا الحكم غير الموضوعي في أغلب الأحيان يتحمل مسؤوليته أولاً أصحاب القرار لجملة من الأسباب، منها عدم وضع المواطن بصورة دقيقة بمبررات التوجه نحو هذا القرار وأن يأتي أولاً وأخيراً لخدمة المواطن ويستهدف من يستغلون وضع البلد والمواطن على حد سواء لتحقيق مكاسب وأهداف خاصة جعلت من البعض يدرجون تحت مسمى أثرياء الحرب نتيجة التأخر بإصدار مثل هذه القرارات، يضاف لذلك تلك الحالة التي باتت ترافق كل قرار يصدر وتتمثل في التعديلات التي تطول القرار بعد صدوره بأيام، ما يعطي انطباعاً لدى الناس بأنه اتخذ على عجل من دون الإحاطة بكل تبعاته.
وينطبق كل ما تقدم على القرار الذي صدر قبل أيام والقاضي بإيداع 15 % من القيمة الرائجة للعقارات في المصرف بحال بيعه وتسديد مبلغ يتراوح بين 3 و10 ملايين ليرة عند بيع سيارة الذي لاقى نفس الصد والنقد والهجوم. وهنا نتساءل: ما الذي منع الوزارة أو الجهة المصدرة للقرار من تقديم إيضاحات بأنه يستهدف حيتان سوق العقارات والسيارات من مكاتب عقارية وسماسرة وأثرياء الحرب ممن تحكموا بالسوق وكانوا السبب الرئيس في جنون أسعار العقارات والسيارات حتى باتت بورصتها تتغير بشكل شبه يومي، أما المواطن العادي فإن عملية بيع عقار أوسيارة ستكون للحاجة ومرة واحدة وبالتالي فإن تأثير القرار لن يطوله إلا فيما يتعلق فعلاً بعملية استرجاع المبلغ المودع بالمصرف لكون عملية السحب تقتصر على مليوني ليرة يومياً وهذه المشكلة فعلاً حان وقت معالجتها برفع سقف السحب اليومي.
تلك الثغرات والأخطاء التي تترافق مع أغلبية القرارات الحكومية أفقدت ثقة المواطن بكل ما يصدر عنها حتى وإن كان حقيقة قراراً صائباً وبوقته، لا بل قد تكون تأخرت في اتخاذه، لذلك فإن الأولوية يفترض أن تكون في هذه المرحلة لتعزيز وتمتين هذه الثقة وأقصر طريق لتحقيق ذلك عبر الشفافية والصراحة بالتعامل مع المواطنين وإحاطة أي قرار بالدراسة والجدوى للتقليل قدر الإمكان من انعكاساته السلبية على المواطن.
الكنز- هناء ديب