الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
سيطرت جهود التصدي لوباء كوفيد – 19 على قمة مجموعة العشرين الافتراضية التي استضافتها الرياض ، فقد أثار خطاب الرئيس الصيني “شي جين بينغ” إعجاب العالم حيث أكّد فيه أن الصين ستحترم التزامها بتقديم المساعدة والدعم للدول النامية الأخرى ، وستعمل على جعل اللقاحات منفعة عالمية عامة بحيث تكون في متناول الناس في جميع أنحاء العالم ، كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم لقاحها الخاص لفيروس كورونا إلى البلدان المحتاجة .
إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعرض لانتقادات كثيرة بسبب شرود الذهن وتشتت الانتباه خلال القمة ، حيث أظهر مقطع فيديو أن ترامب أبقى رأسه منخفضاً عندما ألقى العاهل السعودي كلمته ، وخلال هذه القمة أرسل ترامب العديد من التغريدات التي لا علاقة لها بـ G20 أو COVID-19 ، حيث استمر في الشكوى من عمليات تزوير الانتخابات في ميشيغان ، والتي لم يتم تقديم دليل عليها حتى الآن ، علاوة على ذلك فقد تجاهل الرئيس حدث “الاستعدادات للتصدي للوباء” في القمة لصالح رحلة إلى أحد نوادي الغولف .
من الواضح أن ترامب لم يكن مهتماً بقمة مجموعة العشرين ومناقشاتها حيث كان عقله لا يزال منشغلًا تماماً بانتخابات 2020 ، ويعتقد أن وجوده في الاجتماع الافتراضي لقادة أبيك (APEC) ، الذي استضافته ماليزيا عن بعد ، وقمة مجموعة العشرين الافتراضية مجرد خطوة لإظهار أنه لا يزال رئيساُ للولايات المتحدة .
إن أداء ترامب في الاجتماعين الكبيرين هو بالضبط انعكاس لمعركة الولايات المتحدة ضد فيروس كورونا ، فقد سجلت الولايات المتحدة أكثر من 12 مليون إصابة بالفيروس التاجي مع ما يقرب من 256 ألف حالة وفاة ، لذلك ينبغي أن تُظهر الولايات المتحدة أكبر قدر من القلق ، وأن تسعى للتعاون من أجل مكافحة COVID -19 ، ولكن واشنطن في لامبالتها صبّت الماء البارد على فكرة التعاون العالمي في التعامل مع الوباء .
كما أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية عكست إلى حد كبير استياء الناخبين الأمريكيين من معركة الحكومة ضد فيروس كورونا ، ومن الواضح تماماُ أن الإدارة الأمريكية الحالية تتجاهل عمداُ تلك الإشارة القوية ، إنه لأمر محبط أن حكومة الولايات المتحدة لا تستطيع ترجمة رغبات الشعب الأمريكي إلى أفعال هادفة .
لقد حققت الولايات المتحدة اختراقات معينة في مجال تطوير اللقاحات ، وكذلك فعلت الصين وروسيا ودول أخرى ، ويبدو أن موقف الولايات المتحدة تجاه اللقاحات متفائل للغاية ، حيث قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في 16 تشرين الثاني : “إن اللقاح سيكمل الأدوات الأخرى التي لدينا ، وليس استبدالها ، فاللقاح وحده لن يقضي على الوباء” .
وبدلا من أن تصبح رائدة في محاربة COVID-19 بقوتها التكنولوجية والمالية الهائلة ، أصبحت الولايات المتحدة الأكثر تضرراً منه وجرّت العالم بأسره وراءها ، حيث سمحت إدارة ترامب للسياسة الداخلية بتعكير صفو الاستجابة العالمية لـ COVID-19 وهي تقف علانية على الجانب الآخر من منظمة الصحة العالمية . هذا الأمر لا يُغتفر ، وسوف يذكر التاريخ ما فعلته الإدارة الأمريكية الحالية من إساءة للبشرية جمعاء ، إن حيل واشنطن في التنصل من مسؤولياتها ناتجة عن المنفعة السياسية قصيرة المدى وسوف يحكم عليها التاريخ وفقاُ لسياساتها الأنانية .
لقد قلبت إدارة ترامب عجلة العولمة للوراء نتيجة لانسحابها من العديد من المنظمات الدولية ، حيث تأمل كل الأطراف بشدة أن تجري إدارة بايدن التعديلات اللازمة لإصلاح هذه الأخطاء ، لقد اعتادت العديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة وغيرها من الآليات المتعددة الأطراف على غياب الولايات المتحدة ، والعالم سيتابع في المضي قدماً في غياب الولايات المتحدة وستستمر حياة الناس ، ولكن يجب أن تتوقف واشنطن عن تهميش دورها في وقت تواجه فيه البشرية تحديات كبيرة ، كما نأمل ألا تنشر القيادة الأمريكية تغريدات أو تلعب الغولف مرة أخرى بينما يعمل باقي العالم بجد لمعالجة الأزمات المشتركة .
يُذكر أن إدارة بايدن القادمة مستعدة لتعزيز التعاون الخارجي ، لكن العديد من التقارير ذكرت أن الحكومة المستقبلية ستفعل ذلك لمواجهة “التحدي الصيني” ، ولكن هذا التصور خاطئ ، فالتحدي الأكبر للولايات المتحدة وحلفائها اليوم ليس الصين ، بل فيروس كورونا المستجد ، ولن تأتي أكبر المشاكل في المستقبل من الصين ، فالصين تعتبر شريكاً للولايات المتحدة والغرب ، وليست خصماً كما يتصور البعض ، انطلاقاً من تعزيز التعافي الاقتصادي العالمي إلى الاستجابة للأزمات العامة التي يواجهها العالم اليوم .
إذا استمرت الإدارة الأميركية المقبلة بالنظر إلى الصين على أنها قضية رئيسية يجب على الولايات المتحدة معالجتها ، فسيكون من المستحيل قيادة الولايات المتحدة نحو مسار جديد للبحث عن المزيد من الحقائق .
تحتاج البشرية جمعاء إلى التكاتف وبذل جهود شاقة لهزيمة COVID-19 تماماً ، ولا توجد أخلاق أسمى من إنقاذ الأرواح حول العالم ، إن مصير الاقتصاد العالمي في العام المقبل يتوقف على مدى التقدم الجوهري الذي تم إحرازه في دحر الوباء ، وليس هناك وقت لممارسة الألعاب السياسية في مكافحة الوباء .
المصدر
Global Times