هل يتم فتح ملف البيع المباشر والمتاجرة بالإسمنت الأسود المنتج في القطاعين العام والخاص في السوق السوداء بعيداً عن الثبوتيات والوثائق؟
الثورة أون لاين – تحقيق هيثم يحيى محمد:
جرت متاجرة بمادة الاسمنت المنتج من شركة اسمنت طرطوس خلال هذا العام، خاصة بعد حصول فارق كبير بين سعر الطن من انتاج الشركة وسعره عند القطاع الخاص، وذلك من خلال كميات البيع المباشر التي كانت تباع من قبل الشركة لتجار الاسمنت بعيداً عن الرخص والثبوتيات المطلوبة لبيع الاسمنت، حيث علمنا أن 25% من إنتاجها كان يباع بيعاً مباشراً وليس عن طريق مؤسسة العمران، إنما عن طريق متعهد هو الصندوق التعاوني لمؤسسة العمران الذي خصص بكمية البيع المباشر بعد فوزه بالمزاد الذي اجرته شركة الاسمنت إثر سحب الاعتماد من متعهد آخر بسبب تقاعسه في 2019 عن استجرار الكمية.
والسؤال كيف جرى ذلك ولماذا لجأت شركة الإسمنت للبيع المباشر، وليس عن طريق مؤسسة العمران؟ وما هي الأسباب الموجبة لاشتراك مجلس إدارة الصندوق التعاوني -الذي يرأسه مدير فرع العمران الذي أعفي من مهمته منذ شهر— بالمزاد ولماذا كان يبيع الإسمنت بدون ثبوتيات للتجار الذين كانوا يبيعون الطن بأكثر من ضعف السعر الذي كانوا يدفعونه، ما أدى إلى سوق سوداء واتجار بالمادة بشكل كبير.
شركة إسمنت طرطوس ترد
يقول هلال عمران مدير عام شركة اسمنت طرطوس رداً على التساؤلات أعلاه انه بناءً على توجيهات الجهات الوصائية (وزارة الصناعة) المتضمنة بيع كميات الاسمنت المنتجة في الشركة عن طريق موزعين، بسبب ضعف تسويق المنتج في حينها وضعف استجرار مؤسسة العمران لخطتها من مادة الاسمنت بداية عام 2019، قامت الشركة بالإعلان لاعتماد موزعين معتمدين لتسويق الاسمنت بناء على التوجيهات المذكورة أعلاه بتاريخ 11/4/2019، حيث رسا العقد على المتعهد مدين الرقماني، ونتيجة ضعف الاستجرار من قبله وعدم التزامه بشروط العقد تم التنفيذ على حسابه والإعلان مجدداً لاعتماد موزعين معتمدين جدد..
وتم رسو العقد على الصندوق التعاوني في مؤسسة العمران كموزع معتمد، وتم ابرام عقد معه بتاريخ 20/11/2019 بناء على ما ذكره أعلاه
وأضاف: ان شركتنا تقوم باعطاء مؤسسة العمران كميات الاسمنت المنتجة من قبلها وفق الخطة الموضوعة، والفائض من كميات الاسمنت والتي لا يتم استجرارها من قبل مؤسسة العمران يتم تسويقها عن طريق الموزع المعتمد (الصندوق التعاوني)، حيث يتم إعطاؤه الكميات الزائدة المتوفرة سنداً للعقد المبرم معه، ومنذ تاريخ سريان العقد ولغاية تاريخه لم نقم ببيع أي كمية اسمنت عن طريق البيع المباشر، وذلك للأسباب المذكورة أعلاه وإنما كامل الكمية المنتجة يتم تصريفها إما عن طريق مؤسسة العمران أو بموجب العقد المبرم مع الصندوق التعاوني لمؤسسة العمران، مشيرين إلى أنه وخلال ما قارب عام ميلادي لم يتم تسليم الصندوق التعاوني أكثر من ربع الكميات المتفق عليها عقدياً نظراً لضعف الانتاج العائد لأسباب فنية تتعلق بالوضع الفني لخطوط الانتاج لدينا.
لا متاجرة بمادة الإسمنت
وبالتالي -يقول عمران- لم تتم المتاجرة بمادة الاسمنت وإن بيع مادة الاسمنت لكامل منتج شركتنا يعود لمؤسسة العمران حصراً.. وفي حال كان لديكم أي استفسار حول آلية وطريقة بيع المادة الاسمنت في السوق المحلية فيمكنكم مخاطبة مؤسسة عمران لبيان الآلية المتبعة كونها المسوق الرئيسي لكامل المنتج.
ورئيس الصندوق التعاوني يوضح
أما مدير فرع مؤسسة العمران السابق أحمد السيد الذي مازال رئيساً لمجلس إدارة الصندوق التعاوني في فرع عمران فيجيب رداً على تساؤلاتنا المتعلقة به: العقد ٨٦ لعام ٢٠١٩ هو عقد منظم بين الصندوق التعاوني لعمال مؤسسة العمران /الموزع المعتمد/ وبين شركة اسمنت طرطوس /البائع/ وفق نظام العقود الموحد الصادر بالقانون رقم ٥١ لعام ٢٠٠٤ بعد منافسة معلنة من قبل شركة اسمنت طرطوس حيث كان يحق لمعمل اسمنت بيع ٢٥ % من كمية الانتاج بطريقة البيع المباشر من المعمل بموجب قرار اللجنة الاقتصادية منذ عام ٢٠١٤ والكتاب الصادر عن المؤسسة العامة للاسمنت رقم /٢٠٠/ ٢٤٤/ف.ص تاريخ ٧/٣/٢٠١٩ المتضمن اعتماد موزعين معتمدين من قبل المعمل لبيع نسبة ٢٥%من كمية انتاج المعمل، وعليه تم ابرام عقود بكل من معامل الاسمنت بحماة وعدرا بالتراضي وبطرطوس تم ابرام العقد رقم ٤١/ ٢٠١٩ لتاريخ ٧/٥/٢٠١٩ مع المتعهد مدين الرقماني، ولكنه لم يقم بتنفيذ العقد وفق الشروط المبرمة، وتم فسخ العقد رقم ٤١/ ٢٠١٩ مع المتعهد وإعلان مناقصة بتاريخ ١/١٠/٢٠١٩ لمتابعة تنفيذ العقد على حسابه، وعليه قام الصندوق التعاوني بطرطوس بعد موافقة مجلس ادارة الصندوق بالإدارة العامة بالتقدم للمناقصة المعلن عنها، وبعد التقدم للمناقصة بتاريخ ٢٢/١٠/٢٠١٩ وبعد فض العروض رست المناقصة على الصندوق التعاوني كموزع معتمد بنسبة حسم ٢% وتمت المباشرة بالعقد بتاريخ ٢٠/١١/٢٠٢٠، على أن يتم تسليمنا /٢٤٠٠٠٠/طن اسمنت أسود سنوياً بمعدل/٢٠٠٠٠/ طن عشرين ألف طن شهريا إلا أنه نتيجة الظروف الفنية للمعمل لم يتم تسليمنا الكميات المتفق عليها وتم تسليمنا تقريبا ٣٣ % من الكميات المتفق عليها.
بعنا للتجار وفق السعر المقرر
ويضيف: وهذه الكميات المستلمة تم بيعها لبعض التجار وفق السعر المقرر بالعقد وتسليم الكمية المشتراة بعد تسديد قيمتها اصولا بالصندوق ويتم تسليم الكمية ظهر السيارة أرض المعمل وفق المادة ٨ من العقد، علماً أن سعر الطن للتجار وفق العقد ٤٥٥٤٠ ليرة بحسم ٢%ربح = ٩١٠ بحسم من الربح ٨ بالألف من قيمة الطن رسم طابع عقد ٣٦٥ ليرة والتأمينات الاجتماعية ٣ بالألف من قيمة الطن ١٣٦ ليرة، فيصبح الربح للطن ٩١٠ +٢٦٥+١٣٦=٤٠٩ ليرات، ربح الطن الواحد وبعد الزيادة بسعر الاسمنت اصبح سعر الطن ٦٨٥٠٠ ليرة حسم ٢%ربح =١٣٧٠ ليرة الربح ١٣٧٠ _ طابع عقد ٥٤٨ _ تأمينات اجتماعية ٢٠٦ = ٦٠٦ الربح الصافي.
تم اعتماد البيع والتسليم من قبل الصندوق التعاوني أرض المعمل للتجار بناء على المادة ٨ من العقد، ولعدم امكانية نقله على حساب الصندوق إلى مراكز البيع التابعة للمؤسسة بسبب ارتفاع أجور النقل والتي تزيد عن نسبة الريح ٢% ولا يمكن اضافتها على سعر البيع المحدد بالعقد التزاما بشروط العقد ولا يمكن تخزين مادة الاسمنت في مستودعات المؤسسة وبيعها في مراكز المؤسسة، فالصندوق التعاوني مستقل مادياً عن المؤسسة وله شخصية اعتبارية مستقلة، ومن أجل عدم حصول تداخل مالي وحسابي بين المؤسسة والصندوق ويتم تسديد طابع العقد بنسبة ٨ بالألف من قبل الصندوق التعاوني شهرياً وتأمينات اجتماعية بنسبة ٣ بالألف كل ربع من العقد.
أين دليل اتهامنا؟
وعندما قلنا للسيد ان الاتهام الذي طالكم يشير الى قيامكم ببيع السيارة للتاجر بنحو ضعفي القيمة الرسمية وبحيث يتم تقاسم المبالغ بينكما بدليل ان التجار الذي اشتروا من الصندوق كانوا يبيعون طن الاسمنت بنحو 160 ألف ليرة وليس 70 الفا وهو السعر الذي اشتروه منكم فيه أجاب: أين الدليل على ذلك؟ ثم ان وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي من خلق السوق السوداء والمتاجرة بسبب عدم تسعير طن الاسمنت في شركة اسمنت البادية الخاصة، وقيامها ببيع الطن في ظل الأزمة بنحو 170 ألف ليرة أي بزيادة مائة ألف ليرة عن سعر الطن في اسمنت طرطوس، وتساءل لماذا سمحت اللجنة الاقتصادية بالأساس بالبيع المباشر(الذي كانت مؤسسة العمران تهاجمه) ليس في طرطوس لوحدها انما في حماة وعدرا وتم اجراء مناقصات على أساس ذلك؟
رد الوزارة
وهنا نقول ان معمل اسمنت البادية يبيع بأسعار تزيد عن 160 ألف ليرة للطن وهذا الفارق خلق سوقاً سوداء كبيرة وعندما سألنا عن السعر الرسمي المحدد له قيل لنا إن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تسعر له مبيع الطن حتى الآن.
وهنا توجهنا بالسؤال للوزارة عن سبب التأخير في تحديد سعر الطن المنتج من تلك الشركة حيث أجابنا مدير الأسعار علي ونوس بالقول:
الاسمنت من المواد التي تخضع لآلية إعداد بيان تكلفة وإيداعه لدى مديرية التجارة الداخلية التي يتبع لها المعمل نتيجة الفروقات الكبيرة والارتفاعات الكبيرة في الأسعار.. تم طلب بيانات التكلفة من أصحاب المعمل بكتب رسمية وتم تزويدنا بأرقام متفاوتة خلال فترات متقاربة، علماً ان حوامل الطاقة لدى المعامل الخاصة هي على نفقتهم أي توليد الكهرباء إضافة لاستخدام الفحم الحجري المستورد كمصدر للطاقة، الامر الذي تسبب بارتفاع تكاليف الانتاج مقارنة بمعامل مؤسسة الاسمنت التي بدورها قدمت تكاليف متفاوتة بفترات متقاربة نتيجة التغيرات في تكاليف الانتاج، وحالياً نحن بصدد تقييم كلا القطاعين العام والخاص بهدف اصدار صكوك سعرية عادلة وتحقق مصلحة جميع الاطراف وتساهم في الحد من السوق السوداء، إضافة إلى اجراءات بخصوص عقود القطاع الخاص التي تستجر الاسمنت من معامل الدولة والتي تم وضع حد لها وإلغائها أصولاً، وحصر توزيع مادة الاسمنت العام بمؤسسة عمران لمنع التلاعب بالأسواق، ونحن بانتظار التكاليف من وزارة الصناعة ونتوقع أن تقدم لنا خلال الأيام القادمة..
ورداً على سؤال يتعلق بأي توجهات لرفع سعر الاسمنت في القطاع العام مجدداً قال ونوس: حالياً لا يمكن الجزم برفع أسعار المادة مجدداً وبانتظار التكاليف من وزارة الصناعة.
أخيراً
في ضوء ما تقدم وغيره الكثير نسأل من يهمه الأمر: هل يتم فتح ملف البيع المباشر للإسمنت من بدايته وحتى الآن والذي نجم عنه متاجرة كبيرة بالمادة؟ ومن ثم مساءلة ومحاسبة المتورطين محلياً ومركزياً، لاسيما وان هناك من يتداول أرقاماً ضخمة استفاد منها المتورطون نتيجة المتاجرة بالمادة في السوق السوداء..أم انه سيتم طي الموضوع كما يتوقع البعض؟