الجميع محق.. والجميع لديه أسبابه ومبرراته التي يستند إليها ليقول إنه رفع أسعار سلعه أو خدماته لأن تكاليف الإنتاج ارتفعت عليه وهي المرتبطة بجزء منها أو ربما كلها بسعر الصرف أو باحتكار تجار أو بنقص المادة أو غير ذلك، فيما لا يجد المستهلك وخاصة محدود الدخل من فئة العمال والموظفين العاملين بأجر يومي أو شهري أو مقاولة أو غير ذلك، هؤلاء لا يجدون من يبرر مطالبهم في رفع أجورهم لتتماشى مع الارتفاعات المجزية التي حصدها غيرهم من أصحاب الأعمال سواء كانوا صناعيين أم تجاراً أم مهنيين أم حرفيين وغيرهم من مقدمي الخدمات وبائعي السلع على مختلف أنواعها وأصنافها.
ومؤخراً انساق الأطباء إلى هذه الموجة ليقولوا إنهم هم أيضاً لم تعد تكفيهم التسعيرة، ويريدون رفع أجور معايناتهم في عياداتهم الخاصة أو مشافيهم، ودعموا قولهم هذا بما يحدث في الأسواق من تصاعد متواتر للأسعار الأمر الذي يستوجب أن يرفعوا أجور خدماتهم..
اللافت في الأمر أنه ورغم كل المبررات والحجج والذرائع لم يعد يقتنع بها المواطن وخاصة تلك التي تتحدث عن ارتفاع الأسعار عالمياً أو التأثر بسعر الصرف وغيرها، فمن خلال الاستطلاع الأخير الذي أجرته صحيفة الثورة الأسبوع الماضي تبين أن نسبة 45% من المشاركين بالاستطلاع لديهم قناعة كاملة بأن السبب الأول في ارتفاع أجور المعاينات الطبية هو تراجع الضمير المهني لدى الأطباء، والدوافع الإنسانية لديهم تسجل غياباً واضحاً.
وفي إطار البحث المنطقي عن الأسباب قد تجد أن هناك حاجة لرفع سعر هنا وآخر هناك بالنظر إلى تأثره بعوامل السوق المختلفة، لكن البعض يعمل على مبدأ (ما حدا أحسن من حدا)، ويقوم برفع أسعاره بالنسبة التي يحددها، فهو إلى جانب كونه بائعاً لسلعة أو خدمة، فهو بالنهاية مستهلك لباقي السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها.
لكن على العموم هناك حالة من عدم الثقة باتت واضحة فالمواطن لم يعد يقنعه مبرر هنا أو سبب هناك، طالما أنه بعيد عن حسابات واهتمامات الجميع.
حديث الناس- محمود ديبو