الثورة أون لاين – عبد المعين زيتون:
كثيرة هي المحاور الفكرية العميقة التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد أمام العلماء والعالمات في الاجتماع الدوري الموسَّع الذي عقدته وزارة الأوقاف في جامع العثمان ، والإحاطة بها تحتاج إلى كتب ومجلدات لتعددها وغناها الثقافي والفكري .
فمن فكرة الليبرالية الجديدة ومخاطرها على مجتمعاتنا وأدواتها وطرق التصدي لها ، إلى العروبة والتحصين الذاتي الداخلي وحماية الأسرة والفرد والمجتمع ، مروراً بالاهتمام باللغة كوعاء حضاري ، وتعزيز المفاهيم القيمية ومنظومة المبادئ، والاهتمام بالانتماء والهوية ، وكذلك العولمة ومخاطرها وسبل التصدي لها .
وفي عنوان الاستهداف الفكري لمنطقتنا ومجتمعاتنا والغزو الفكري نجد أن الغرب الاستعماري عمل كل ما بوسعه لقلب كل المفاهيم والقيم ، وباتت مجتمعاتنا العربية خصوصاً والإسلامية عموماً في دائرة الاستهداف بل الخطر ، حيث باتت تواجه أخطر أشكال الاستهداف الفكري لتمزيقها وتغيير هويتها وعقائدها ، وحتى منظومة الأخلاق والقيم ، والعادات .
أما الأدوات التي أخذت على عاتقها المهمة هذه فكانت عديدة ومنها الفضائيات المأجورة في الغرب وفي منطقتنا التي نفثت سمومها وحرَّضت على التطرف والإرهاب ، وزرعت الفتن داخل أركان المجتمع الواحد بكل طوائفه وشرائحه الاجتماعية والدينية ، وبثت التفرقة وعملت على تفكيك خلية المجتمع الأولى وهي الأسرة .
وقد كان من يقف وراء هذه الحملات المشبوهة يدرك أن تخريب المجتمعات انطلاقاً من الأسرة سيقود إلى تدمير الدول والمجتمعات وانهيارها من دون خوض الحروب ومن دون إطلاق أي رصاصة واحدة أو صاروخ واحد .
ولم يقتصر دور تلك الفضائيات على هذا الدور بل ، وأيضاً ساهمت بدفع الشباب العربي إلى الهجرة وتقليد المجتمعات الغربية ، وغزت عقولهم وحشتها بنزعات التطرف والكراهية .
ومن هنا فإن تحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة والهدامة والغزو الفكري يعد الهدف الأول لحماية أفراد مجتمعاتنا من كل الأفكار الخاطئة التي تقود للتطرف والانحلال الثقافي والخلقي ، وللأسرة وعلماء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي الدور الأبرز في التصدي لهذه المهمة الوطنية النبيلة ، أما الطريق إلى ذلك فهو بخطط العمل وليس بالغضب أو رد الفعل ولهذا كله كانت كلمات الرئيس الأسد تركز على ضرورة العمل وليس الغضب ، فغاص في أعماق هذه القضية الجوهرية ، مبيناً بالأدلة والشواهد التاريخية حقيقتها المطلقة