وجبات العلاج السريعة.. مراكز التغذية بين الاختصاص والدخلاء

الثورة- ثناء أبودقن:

تألقي ببشرة الأطفال، افتح الشرايين المغلقة بثلاثة مكونات، تخلص من كرشك بإسبوع فقط، هل تعاني من الضغط، إليك الحل، عناوين مشوّقة ومغناطيسية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والطرقات والساحات، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة انتشار النار في الهشيم.

علاجات سريعة أشبه بالوجبات السحرية الشهية تعلنها مراكز كثيرة تدعي التخصص بعالم الصحة والتغذية.

وللوقوف على موضة العصر، قمنا باستطلاع لآراء الناس حول هذه المواقع والمراكز التي شاعت تحت اختصاص التغذية والصحة فكان الاّتي:

السيدة روان عيسى (موظفة ): هناك شرائح كثيرة من الناس، وخاصةً اليافعين، يتابعون هذة الصفحات والمواقع الاجتماعية بهوس كبير دون أي رقابة أو استشارة، ويقومون بتطبيق أي محتوى يعرض عليهم، ولاسيما مقاطع الريل والفيديوهات المضللة.

وهناك فئة من الناس تتابع من باب الثقافة الصحية الطبية بشرط أن تكون موثوقة في مصدرها وكوادرها ومعلوماتها، يشرف عليها أطباء يصرّحون علانية عن أسمائهم واختصاصاتهم.

السيد حسين يوسف: ذكر أن هناك تبايناً كبيراً وتناقضاً بين المعلومات المقدمة على هذه المواقع وبين المعلومات الطبية الصحية الحقيقية، ولذلك لا بد من مراجعة الطبيب المختص للتأكد من هذه المعلومة في حال احتاج الشخص لتطبيقها عملياً. فالطبيب وحده مسؤول عن تشخيص المرض وهو الذي يتحمّل المسؤولية، فقد لاحظنا في الفترة الأخيرة أنّ تلك المواقع هدفها الوحيد الإعلان وجمع اللايكات والتعليقات فقط، وليس هدفها نشر الثقافة الطبية أو الإفادة الصحيّة.

الشابة لانا ناصر: لا أثق كثيراً بمعلومات هذه المواقع، وذلك لأنها لا تعتمد على التشخيص الطبي الصحيح والذي أساسه التحاليل الطبية، وأبسط مثال على ذلك هو موضوع علاج مشاكل البشرة، فالكريم أو المرهم المطروح للاستعمال في عروضهم قد يناسب البعض ولا يناسب الآخرين، لاختلاف تحاليل كل شخص عن الآخر، كما أنّ البشرات تختلف من شخص إلى آخر، والذي يحدد ذلك الطبيب المختص، وهو الشخص الوحيد المؤّهل لوصف المرهم المناسب للحالة بعد الاطلاع على التحاليل.

السيد مجد بكار المتخصص بتصميم الإعلانات وإعداد الفيديوهات على مواقع التواصل: بين أن الإعلان والترويج عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة بات مهماً جداً لكل منتجي الصناعات المختلفة وبكل انواعها، كما أنها بوابة عريضة وواسعة للعرض والطلب بكل مجالات الحياة، وأصبحت حالياً في المرتبة الثانية في سوريا بعد الإعلانات الطرقية، وأنها وبتقديره سوف تصبح بالمرتبة الأولى، لا سيما بعد رفع الحظر عن المواقع الإلكترونية التي كانت خاضعة لها سابقاً.

ويضيف: إنه سواء كنا معها أوضدها فهي وسيلة فعّالة وسريعة للانتشار والترويج والتصريف والبيع وإثبات الوجود في الأسواق، وتعريف سريع للناس بما يخص حياتهم بكل أشكالها بشرط الانضباط ضمن المعايير المهنية والأخلاقية والقانونية.

مراكز تخصصية بدون ترخيص

مراكز التغذية هي إحدى صرعات العصر التكنولوجي كما تقول الدكتورة ديمة حكواتي، أخصائية في طب الأسرة: إذ أصبحت رائجة جداً، ولها مؤيدون وزبائن، وقد استغنى بعض المرضى من ذوي الأمراض الحرجة عن أطبائهم، واسترشدوا بهذه المراكز.

بينما طبيب التغذية هو الطبيب الذي درس كلية الطب البشري، أوهو الذي درس في المعهد الصحي وبعد التخرج دخل في مرحلة التخصص بالعلاج بالتغذية، ونال شهادة تخصص في هذا المجال، ولا يحق لأحد منهم ممارسة عمله إلا إذا حصل على شهادة اختصاص مرخصة من وزارة الصحة تؤهله ليمارس العلاج بالتغذية أو التنحيف والتسمين.

فهناك نوعية من المرضى (السكري- الضغط -القلب) بحاجة إلى نظام غذائي دقيق وحماية محددة والابتعاد عن بعض الأغذية المؤذية لهم، ولاسيما مريض التشمع بالكبد فهو بحاجة لبرنامج تغذية مراقب بدقة وحذر شديد، وهنا تكون المداخلة لطبيب التغذية العلاجية المتخصص بهذا المجال، وهو تخصص هام و ضروري جداً، والمشكلة أن معظم هذه المراكز غير مرخصة أو أنها تُدار من قبل أشخاص غير متخصصين ولا يحق لهم ممارسة العمل فيها، وهم أصلاً غير مؤهلين لها.

إن غياب القوانين الرادعة فتح المجال أمام غير المتخصصين لنيل الشهرة والانتشار، وأصبح لديهم زبائن ومراجعون أكثر من الأطباء والمتخصصين الذين صرفوا سنوات من جهدهم وتعبهم في الدراسة والتخصص، إضافة الى مراجعة بعض هؤلاء الذين كانو يتعالجون في أحد هذه المواقع الالكترونية او المراكز ولم يستفيدوا بشيء منها، بل على العكس من ذلك فإنهم قد وصلوا إلى نتائج ومضاعفات سيئة نتيجة الغبن وعدم التدقيق بأهلية هذه المواقع أو المراكز من قبل الكثيرين.

وكل هذه الإشكالات ووزارة الصحة غائبة تماماً عن المشهد العام للوضع.

ولدى السؤال في وزارة الصحة مديرية السجلات والتراخيص الطبية عن الشروط الخاصة بالحصول على رخصة فتح مركز مثل هذه المراكز، كان الجواب أن وزارة الصحة لا يمكن أن تعطي هذا النوع من التراخيص إلا للأطباء أو خريجي العلوم الصحية المتخصصين بطب وعلم التغذية.

أما في حال قام أحد المواطنين واشتكى على أحد هذه المراكز،عندها تقوم وزارة الصحة بإغلاق العيادة أو المركز، أما المواقع الإلكترونية فهي بلا حسيب أو رقيب.

ومابين فضاء العالم الأزرق وأورقة وزارة الصحة وجميع المعنيين يبقى السؤال قائماً: هل ستنتهي الفوضى واللغط الحاصل بين الاختصاصات ومزاولي المهنة أو يجب أن تترك رهن حدوث أخطاء قد تكون كارثية حتى تنتظم آلية العمل في هذا المضمار؟

الكثيرون يأملون أن تخضع المواقع الإلكترونية والمراكز الصحية لرقابة شديدة لحماية الناس من التضليل والغبن.

آخر الأخبار
إصدار صكوك إسلامية.. حل لتغطية عجز الموازنة طرق الموت .. الإهمال والتقصير وراء استمرار النزيف انضمام سوريا إلى "بُنى".. محاولةٌ لإعادة التموضع المصرفي عربياً تجربة البوسنة والهرسك .. دروس لسوريا في طريق العدالة والمصالحة المبعوث الأميركي إلى سوريا: "سوريا عادت إلى صفنا" إصدار اللوحات الدائمة للمركبات في دير الزور التكنولوجيا المالية..فرصةٌ للبنوك التقليدية للتحوّل هيئة المفقودين تطلع على تجربة البوسنة والهرسك بملف المفقودين تقاطع حديقة "بستان القصر" حلبة مصارعة للسيارات ومضمار لدهس المارة لصوص يُفسدون فرحة تحسين واقع الكهرباء.. والجهة المعنية تعتذر عن التصريح..! دبلوماسية الانفتاح وإعادة بناء العلاقات المتوازنة "الثورة" من جديد.. بين ذاكرة المثقفين واحتياجات الشباب تأهيل 6 مدارس في مضايا وبقين زيارة الوفد الاقتصادي لواشنطن.. تسهيل حركة التجارة وفتح الأسواق إدارة المشاريع ونجاحها .. بين الجودة والتدفق النقدي تحذير صحي عالي المستوى.. مقاومة المضادات تقرع جرس الخطر تخصيص أسواق منظمة لـ"البسطات" في جرمانا وجبات العلاج السريعة.. مراكز التغذية بين الاختصاص والدخلاء تربية الأجداد للأحفاد.. إرث من الحب والحكمة الذكاء الاصطناعي .. هل هو هدم للإنسان أم بناء لعلاقة جديدة؟