الثورة – حسان كنجو:
مسألة الاختناقات المروية من أبرز المسائل التي تعاني منها مدينة حلب، وأكثرها تعقيداً، ولاسيما في ظل الازدياد الكبير لأعداد السيارات، بل والسكان بُعيد تحرير البلاد من النظام البائد، وما زاد الطين بِلّة خروج كثير من إشارات المرور عن الخدمة، وافتقار كثير من الشوارع لوجود شرطة المرور، أو وجودهم بشكل لا يكفي لتنظيم السير كما يجب.
“مئتا سيارة على الأقل تحتشد في الوقت ذاته، من دون أي انضباط أو التزام بقانون المرور”، يصف ممدوح عبد ربه، وهو سائق تاكسي لـ “الثورة”، صعوبة المرور من عقدة الطرق عند زاوية حديقة بستان القصر، مشيراً إلى أن هذه العقدة التي تجمع السيارات القادمة من أربعة اتجاهات “من جسر الحج، مع تلك القادمة من شارع الفحم في بستان القصر، مع القادمة من جهة حي الزبدية، وأخيراً القادمة من جهة جامع حذيفة”، والمصيبة تكمن في أن جميع تلك الطرقات التي تجتمع عند هذه النقطة، هي باتجاهين، لقد تحولت إلى كابوس بالنسبة للسائقين، وكثيرون يفضّلون سلك طرق أبعد تجنّباً للازدحام الذي قد يمتد لأكثر من نصف ساعة.
مرتع للفوضى
وأضاف: “في أغلبية الأحيان على مدار اليوم، تكون هذه النقطة مرتعاً للازدحام والفوضى، فالمسألة لا تقتصر فقط على تكدّس السيارات في الاتجاهات الأربعة، بل في المخالفات المرورية المرتكبة من قبل السائقين، وعدم التزامهم باتجاه السير، والسير باتجاه ممنوع، هذا كله يولّد أزمة مرورية، تمتد لساعة أو أكثر.
“في السابق كانت هناك إشارات ضوئية، لكنها تعطّلت لاحقاً، الإشارات في هذا التقاطع ضرورية جداً، وهذه الأزمة مستمرة منذ التحرير وحتى الآن”، يؤكد مصطفى نعّال أحد أصحاب المحال في شارع الفحم بحي بستان القصر، والقريب من التقاطع المذكور لـ “الثورة”، أهمية وضع إشارات ضوئية لتنظيم السير، معتبراً أن الإشارات تنوب عن شرطي المرور، وتوفر عليه عناء تنظيم السير إلى حد كبير”.
وتابع: “انعدام الإشارات ليس سبباً كاملاً، فكثير من السائقين لم يعلموا أن القيادة فن وذوق وأخلاق، فتراهم يقودون ضاربين بالقانون عرض الحائط، وفي كثير من الأحيان ينشب عن ذلك شجارات بين السائقين، لتتحول المنطقة إلى حلبة للشتائم والكلمات النابية، وفي أحسن الحالات للحوادث المرورية”.
وجود خجول
وأكد النعّال أن وجود شرطة المرور خجول، ففي أحسن الأحوال، يكون هناك شرطي واحد لتنظيم سير الطرقات الأربعة، داعياً الجهات المعنية لفرز دوريات كاملة في تلك النقطة، لضبط السير وتنظيمه ومنع مخالفة القوانين.
الشهادات متوقفة
عدم منح شهادات القيادة، بات في حد ذاته خطراً يهدد سلامة المواطنين سائقين ومارة على حد سواء، فمنذ تحرير البلاد، أوقفت الحكومة الجديدة منح الثبوتيات الشخصية من هوية شخصية وشهادات قيادة، باستثناء جوازات السفر وإخراج القيد الفردي، والسبب هو سعي حكومي لمنح هويات وشهادات جديدة، ذات تقنيات تُصعّب من عملية تزويرها، وهو ما ترك الكثير من سائقي السيارات” قاصرون تحت سن الـ 18 عاماً”، يقودونها من دون أدنى خبرة بقواعد المرور، ما يعرض حياتهم وحياة المارة للخطر.
جمال السيد، أحد سكان بستان القصر يؤكد لـ”الثورة”، أن طفله تعرّض قبل أيام للدهس من قبل سيارة عند التقاطع المذكور، ليتبين أن السائق، الذي كان يسير باتجاه معاكس، شاب في الـ 17 من العمر، وليست لديه شهادة قيادة، ولاذ بداية بالفرار قبل أن يعلق في الزحام ويُجبر على التوقف ويُقبض عليه.
بحاجة للموافقة!
للوقوف على واقع الأمر والتوجيهات للحدّ من هذه الظواهر، تواصلت “الثورة” مع رئيس فرع المرور في مدينة حلب العقيد مصطفى كلاوي، الذي اعتذر عن الإدلاء بأي تصريحات، مشيراً إلى أن التصريحات الصحفية لديهم مرهونة بالحصول على موافقة من وزارة الداخلية حصراً.
الجدير ذكره، أن عقدة بستان القصر لاتعد الوحيدة التي تعاني من عدم انتظام السير، فهناك المئات من الشوارع في مدينة حلب، حيث يعاني المواطنون في مناطق عدة من مشكلة انعدام الإشارات ومخالفة قوانين السير، ويدعون المعنيين في كل مناسبة للضرب بيد من حديد للمخالفين بهدف ردعهم، ليبقى السؤال: هل سيكون هناك توجه فعلي لحل مثل هذه الأزمات؟ وما التوجهات الجديدة لفرع مرور حلب من أجل ضمان مرور سلس وآمن للمواطنين في شوارع المدينة؟.