الملحق الثقافي: هفاف ميهوب :
يقول الشاعر والكاتب والروائي الألماني «يوهان غوته» واصفاً اللغة العربية: «ربما لم يحدث في أيِّ لغةٍ، هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه تناسقٌ غريبٌ في ظلِّ جسدٍ واحد».
لم يكن «غوته» هو الكاتب الغربي الوحيد الذي أشاد باللغة العربية وعذوبة موسيقاها ومرونة عباراتها. ذلك أن الكثر من الأدباء والشعراء والمفكرين والمستشرقين الغربيين، كانوا قد سُحروا ببيانها وانسجامها ومنطقها. سُحروا، فاهتموا بها اهتمام «مرسيه» و»فيشر» و»رينان» و»ماسينيون» و»جيوم» و»سارتون» وغيرهم ممن رأوا فيها، ما رأته المستشرقة والكاتبة الألمانية «زيغريد هونكه» التي كان لها وإياهم، العديد من المؤلفات والدراسات التي تتناول هذه اللغة وتقول عنها:
« كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها، سقطوا صَرْعَى سحر تلك اللغة».
إنه امتنانٌ يليقُ بمكانة هذه اللغة التي خُصِّص يوم عالميٌّ للاحتفاءِ بها، ولاستدعاءِ حتى الأدب العالمي للتذكير بكونها، اللغة التي كانت صلة وصله بالحضارات السورية. يحاورها ويقتبس منها وعنها، ما جعلها الجديرة بحقٍّ، بأن تكون لغة «الضَّاد» الكريمة في إغداقِ مفرداتها درراً، تكالبَ على النيلِ منها، أعداء التاريخ والعطاءات الحضارية.
نعم، تستحق اللغة العربية هذا الاحتفاء الذي أضاءته، ولأنها أجمل وأهم وأقدم اللغات. لأنها، الثريّة بمفرداتها، والمتفرِّدة بدعوتها، وإلى ما دعا إليه الشاعر اللبناني «حليم داموس» في قصيدته:
«لو لم تكنْ أمّ اللغاتِ هي المُنى، لكسرتُ أقلامي وعفتُ مدادي.. لغةٌ إذا وقعتْ على أسماعنا، كانت لنا برداً على الأكبادِ.. ستظلُّ رابطةً تؤلِّف بيننا، فهي الرجاء لناطقٍ بالضَّادِ».
هي دعوته ودعوتنا، وباللغة الأكمل والأقدر على الارتقاء بنا وبتفكيرنا وبمجتمعاتنا. الأهم، على مواجهة هذا التكالب العدواني – الهمجي وقواده، ممن يسعون لسلخنا عن اللغة العربية العظيمة، التي فيها حقيقة الماضي والحاضر مثلما المستقبل وأحفاده.
التاريخ: الثلاثاء15-12-2020
رقم العدد :1024