الثورة أون لاين – سامر البوظة:
هو النهج الاستعماري ذاته الذي تمارسه الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة ضد العديد من دول العالم خاصة تلك المناهضة لسياساتها والتي تقف عرضة أمام تنفيذ أجنداتها ومشاريعها الاستعمارية الهدامة, ولكن بأشكال جديدة ومختلفة تحت مسميات وذرائع كاذبة باتت مكشوفة, مستفيدة من حالة انعدام الأخلاق الدولية وغياب تام لسلطة القانون الدولي ومؤسساته المفترض أنها معنية بحفظ السلم والأمن الدوليين, وهو ما برز من خلال الحروب والنزاعات التي لجأت إلى افتعالها في أكثر من مكان وأساليب الضغط متنوعة التي اتبعتها على عدة جبهات بعد فشلها بالطرق والأساليب التقليدية, بدءاً من الجبهة الإعلامية إلى الجبهة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية, وصولاً إلى أهم الجبهات ألا وهي الجبهة الداخلية التي سعت تلك الدول إلى الوصول إليها بشتى الوسائل مستغلة الظروف الناشئة والملامسة بشكل مباشر لحياة المواطن ومعيشته, خاصة أنها تدرك أن هذا المواطن يشكل خزان الصمود الأساسي لأي دولة في الدفاع عن نفسها في مواجهة أي حرب أو أي عدوان يتهددها, وإذا ما تمكنت من الوصول إليه ونجحت في تغيير ثقافته وتاريخه وقناعاته, أصبحت مهمتها أسهل وتمكنت من إحلال قيم أخرى محل القيم الأصيلة, وهو ما تسعى إليه.
من هنا جاء تأكيد السيد الرئيس بشار الأسد خال كلمته المهمة في جامع العثمان قبل أيام أثناء الاجتماع الدوري الموسع الذي تعقده وزارة الأوقاف للسادة العلماء والعالمات, على الفعل الثقافي الأصيل, والقدرة على تجاوز المألوف والوصول إلى متابعة بناء جدران الصد الحقيقية التي مهما تعرضت لغزوات وبطرق شتى لا يمكن لأي قوة غاشمة أن تؤثر فيها, مشدداً في نفس الوقت على أن ما يحدد قدرة المجتمعات على مواجهة العواصف الهدامة هي عوامل الاستقرار وتحصينه من الاختراقات الفكرية.
جميعنا يدرك تماماً حجم المؤامرة وخطورة ما خلفته الحرب الظالمة التي استهدفت سورية منذ ما يقارب العشر سنوات وما تركته من آثار كبيرة على المجتمع السوري وبنيته, بهدف إضعاف قدرته على الصمود والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضده, لذلك تأتي أهمية تحصين المجتمع من كل الأفكار الهدامة التي تعمل الإمبراطوريات الإعلامية المعادية على نفث سمومها داخل مجتمعنا لتكون أهم من الردع, فالتحصين أهم من الشرطي بغياب كل العوامل الأخرى.
والمتابع لفصول الحرب على سورية يدرك تماماً أن الهدف الأساسي والمباشر لتلك الحرب القذرة كان تدمير المجتمع السوري وبنيته, وتدمير هذا التاريخ والإرث الحضاري الذي يمتد لأكثر من 7000 سنة, وبالتالي إفراغ سورية من مخزونها الحضاري ومن كل مقومات بقائها, وتحويلها إلى مكان آخر، من هنا ندرك أهمية استنهاض عوامل القوة والتكاتف لتحصين جبهتنا الداخلية للصمود في وجه ما يحاك لبلدنا من مؤامرات تستهدف وجوده وثقافته وحضارته, خاصة وأنه لا يوجد ردع دولي، والمؤسسات الدولية غير موجودة، والقانون الدولي والأخلاق الدولية كلها غير موجودة.
إذا لا سبيل أمامنا سوى تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز تحصيننا الذاتي عبر التماسك والتكاتف بين جميع مكونات المجتمع لإفشال مخططات العدو، والوقوف في وجه التحديات والأخطار المحدقة التي تتهدد وطننا ولا تزال, وأن نواجه الأزمات والضغوط التي يتعرض لها بلدنا بمزيد من الوعي والثبات, فتلك الأزمات كان لها التأثير المباشر على حياتنا ومعيشتنا, وهذا ما يعمل عليه العدو, ويجب علينا أن نفوت عليهم الفرصة وأن نقف جميعاً بجانب الدولة التي لم تدخر أي جهد لتوفير كل مقومات الصمود, على الرغم من كل الضغوط الهائلة التي يتعرض لها البلد من حصار جائر وإجراءات تعسفية بهدف ثنيه عن مواقفه الوطنية ومحاولة إركاعه, إلا أن كل محاولات منظومة العدوان لم تفلح في مساعيها على مدى سنين الحرب, على الرغم من كل تلك الضغوط وعلى الرغم من حجم الإجرام والدمار الذي لحق ببلدنا الحبيب, والسبب الرئيس وراء ذلك هو صمود وبطولات جيشنا الباسل ومن خلفه شعب مؤمن ببلده وبجيشه وبقائده, ولولا ذلك لكانت البلاد الآن كما أرادوا لها أن تكون في مكان آخر وفي موقع آخر.
ومن هنا فالتحصين الذاتي هو خيارنا, وهو السلاح الأمضى والأهم في الدفاع عن الوطن وحمايته من التهديدات والأخطار, فمتى كان الوطن موحداً ومتمسكاً من الداخل, كان النصر حليفنا لا محال, والعدو لن ينال منا ولن يحصد إلا الخيبة والذل والعار.