الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
لم ولن ينجح الاحتلال الصهيوني في تمرير مشروعه لاقتلاع أهالي الجولان المحتل من أرضهم ووطنهم الأم سورية ، أو انتزاع جذوة مقاومتهم وتمسكهم بالأرض والهوية السورية ، حيث باءت كل محاولاته وإجراءاته الاحتلالية لتغيير الواقع بالفشل ، وهاهي الأحداث تثبت كل يوم تجذر أبناء الجولان بأرضهم رغم أنف الاحتلال ورعاته الغربيين .
تمر ذكرى قرار الضم الصهيوني الجائر للجولان السوري المحتل هذه السنة وأهلنا هناك أكثر تشبثاً بأرضهم ومائهم وهوائهم ، لأن جولانهم جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية ، وهم مسكون بانتمائهم للوطن الأم سورية ، وحقهم لا يسقط بالتقادم ولا بطول سني الاحتلال الصهيوني له .
لقد شكل الجولان السوري حيزاً مهماً في أحلام الصهاينة قبل اغتصاب فلسطين ، وكان حاضراً بشكل دائم في أطماعهم التوسعية ، وليس سراً أن هذه الأطماع سبقت عدوان 1967 بكثير ، ففكرة احتلال الجولان والاستيطان اليهودي فيه تعود إلى ما قبل تبلور مشروع الحركة الصهيونية في مؤتمر “بازل” السويسرية عام 1897 ، الذي أقر إقامة ما سمي بـ “الوطن القومي اليهودي” في فلسطين ، وثمة دلائل كثيرة تؤكد أن الحركة الصهيونية خططت لاحتلال الجولان مبكراً ، وقد بدأت أولى المحاولات النظرية عام 1771 حيث ورد ذكر الجولان في كتاب ل ـ “أوليفانت” أحد متزعمي الحركة الصهيونية إذ دعا في كتابه بشكل صريح لاحتلال جنوب سورية ، وأرفق ذلك بخريطة تشمل المنطقة من غزة جنوباً إلى جبيل شمالاً ، ومن بعلبك مروراً بدمشق والجولان وحوران .
وقد بدأت الحركة الصهيونية أولى محاولتها الفعلية لاغتصابه عام/1887/ حين أنجزت إعداد خرائط الجولان وحوران ، وحددت عليها أكثر من مئة موقع من بينها اثنا عشر موقعاً أثرياً ادعت أنها تضم رموزاً يهودية .
وكانت هناك محاولة استيطان في قرية الرمثانية عام 1884 لكنها باءت بالفشل نتيجة قيام سكان القرية بطرد اليهود الذين حاولوا استملاك 15 ألف دونم من أراضيها .
كما جاء ذكر الجولان في رواية ل ـ “هرتزل” تحمل عنوان “الأرض القديمة” عام 1920 ، وهذه الرواية عبارة عن صورة روائية لما تسمى ب -” إسرائيل الكبرى” التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات شرقاً ، ومن بيروت وجبال لبنان إلى جبل الشيخ .
في عام 1918 رسم “ديفيد بن غوريون” تصوره لحدود الدولة الصهيونية التي كان يعمل من أجل إنشائها على أن تضم النقب بكامله ، وما يسمى يهودا والسامرة وسنجق حوران وسنجق الكرك ومعان والعقبة ، وصولا إلى أقضية القنيطرة ووادي عنجر وحاصبيا بلبنان .
يشير “حاييم وايزمن” في رسالة إلى مؤتمر الصلح عام ١٩١٩ : إلى “أن الصهاينة لن يقبلوا تحت أي ظروف خط “سايكس بيكو” حتى كأساس للتفاوض ، لأن هذا الخط يقطع من فلسطين التاريخية منابع المياه التي تزود نهري الأردن والليطاني ، ويحرم الوطن القومي بعض أجود حقول الاستيطان في الجولان وحوران التي يعتمد عليها إلى حد كبير في نجاح المشروع بأسره ” .
في المذكرة الصهيونية العالمية التي قدمت إلى مؤتمر السلام في باريس 1919 وردت عبارة تقول بوضوح : ” إن جبل الشيخ هو أبو المياه الحقيقي بالنسبة إلى فلسطين ، ولا يمكن فصله عنها من دون إنزال ضربة جذرية بحياتها”.
في عام 1921 كتب المؤلف الصهيوني الأمريكي “هوارس مييركالين” في كتابه المعنون باسم الصهيونية والسياسة العالمية : “إن مستقبل فلسطين بأكمله هو بأيدي الدولة التي تبسط سيطرتها على الليطاني واليرموك ومنابع نهر الأردن” ، وفي آذار 1929 طلب “يتسحاق بن تسفي” ممثل حركة “الهستدروت” الصهيونية في القدس من المركز الزراعي الصهيوني تهيئة نواة شبابية للاستيطان في قرية شكوم والتي تطلق عليها الحركة الصهيونية “بنى يهودا”، حيث تعتبر القرية بوابة سهل حوران ، وفي شباط 1929 أرسلت المنظمة الصهيونية العالمية مذكرة إلى مؤتمر السلام في باريس تحدثت فيها عن أهمية الجولان بالنسبة للمشروع الصهيوني وللدولة اليهودية المزمع إنشاؤها .
كل ذلك يؤكد الأطماع الصهيونية القديمة بالجولان السوري المحتل ، لكن إرادة الصمود والتشبث بالأرض والهوية السورية التي أكدها أبناء الجولان المحتل في مناسبات كثيرة – وآخرها انتفاضتهم ضد توربيناته – هي أقوى من الاحتلال والعدوان ، إذ لا بد أن يندحر الاحتلال أمام هذا الإصرار والثبات على الحق ، لأن الجولان أرض عربية سورية ، وأهله متجذرون فيه ، وقد أثبتوا بالتضحيات الكثيرة والمقاومة أنهم جزء من هذا الوطن ، ولن يتخلوا عن انتمائهم وهويتهم مهما طال الزمن