الثورة
بعد اثني عشر عاماً على مجزرة الغوطة الشرقية التي ارتكبها نظام الأسد البائد في 21 آب/أغسطس 2013، لا تزال صور الضحايا وأصوات الناجين شاهداً على واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث، والتي حصدت أرواح أكثر من 1410 مدنيين بينهم 200 طفل وامرأة.
وفي هذه الذكرى، عاد ملف الكيماوي إلى واجهة المشهد السوري والدولي مع تأكيد رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع ورئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية على أن هذه الجريمة لن تُطوى، وأن العدالة حق لا يسقط بالتقادم.
الرئيس الشرع: العدالة وعدٌ للشعب السوري
استقبل الرئيس أحمد الشرع عدداً من الناجين من المجزرة، مؤكداً أن هذه الجرائم ستظل عنواناً لمعاناة السوريين وإصرارهم على نيل الحرية والكرامة، مشدداً على أن محاسبة مرتكبيها واجب وطني وأخلاقي لا يمكن التراجع عنه، هذا الموقف الرسمي ينسجم مع إعلان وزارة الخارجية السورية أن العدالة والمحاسبة تمثلان أولوية وطنية لا يمكن التهاون بها.
الهيئة الوطنية: ملاحقة الجناة وضمان الإنصاف
من جانبه، جدد رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية عبد الباسط عبد اللطيف، خلال فعالية إحياء الذكرى في ريف دمشق، التزام الهيئة بمحاسبة الجناة وملاحقة المسؤولين عن استخدام السلاح الكيميائي، إلى جانب الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام البائد.
وأكد أن مسار العدالة الانتقالية سيكون شاملاً، بعيداً عن الانتقائية والانتقام، موضحاً أن الهدف ليس العفو بل إنصاف الضحايا وتخليد ذكراهم والعمل على جبر الضرر وإرساء المصالحة الوطنية.
مقارنة مع تجارب العدالة الدولية
هذا التوجه السوري يتقاطع مع تجارب العدالة الدولية في أعقاب الجرائم الكبرى؛ ففي رواندا ويوغوسلافيا السابقة، شكّلت المحاكم الدولية الخاصة آلية لمحاسبة مرتكبي الإبادة والتطهير العرقي، وأثبتت أن العدالة، حتى لو تأخرت، قادرة على ملاحقة الجناة أينما كانوا، وبالمثل، يبرز ملف الكيماوي في سوريا كاختبار جديد لإرادة المجتمع الدولي في مواجهة جرائم الحرب وضمان عدم الإفلات من العقاب.
البعد المجتمعي والذاكرة الوطنية
لم تقتصر commemorations على الجانب الرسمي، بل شهدت مدينة معضمية الشام فعالية جماهيرية في ساحة التحرير، حضرها الأهالي وذوو الضحايا وعدد من الشخصيات الثقافية والرسمية. هذه المشاركة الشعبية تؤكد أن المجزرة تحولت إلى جزء من الذاكرة الوطنية السورية، وأن المطالبة بالعدالة لم تعد مقتصرة على المؤسسات بل أصبحت مطلباً مجتمعياً واسعاً.
ولم يكن استحضار مجزرة الغوطة بعد 12 عاماً مجرد وقوف عند حدث مأساوي، بل هو تذكير بأن السلام الحقيقي في سوريا لن يتحقق دون عدالة شاملة تُعيد الاعتبار للضحايا وتضمن محاسبة المجرمين، كما أن هذا الملف يشكل معياراً لمدى صدقية المجتمع الدولي في احترام مبادئ حقوق الإنسان ومنع تكرار الجرائم الكيماوية.