ما سرّ تزامن استيراد المواد الغذائية مع جني المحاصيل المحلية مزارعو البطاطا في حمص: خسائرنا كبيرة

الثورة – تحقيق سهيلة إسماعيل:

يبدو أن معاناة مزارعي المحاصيل الاستراتيجية في محافظة حمص مماثلة لمعاناة أقرانهم من مزارعي الحمضيات في الساحل، بسبب مصاعب تبدأ بالبذار وتنتهي بالتسويق، والخسائر.

هذا الواقع يطرح أكثر من سؤال عن دور الجهات المعنية في حماية المزارعين والحفاظ على حقوقهم، ولاسيما أن تلك الجهات لا تتوانى في رفع الصوت عالياً، وهي تتحدّث عن خططها لدعم القطاع الزراعي وأهميته في مساندة الاقتصاد الوطني، لكن يبدو أن الدعم يبقى في إطار تصريحات لا تغني ولا تُسمن من جوع.. ليبقى المزارع المتضرر الوحيد لأنه الحلقة الأضعف في سلسلة العملية الزراعية المتكاملة.

في هذا التحقيق نسلط الضوء على ما تعرض له مزارعو البطاطا في منطقة ريف حمص الجنوبي هذا العام من خسائر مادية كبيرة، نتيجة عدم تسويق المنتج ومصاعب أخرى، نعرضها كما رووها لنا.

البذار غالي الثمن

المزارع حمزة الشيخ من منطقة تل الشور في ريف حمص الجنوبي، قال: نشتري بذار البطاطا من مؤسسة إكثار البذار بسعر مرتفع، وندفع بالدولار، ووفق تسعيرة المصرف المركزي، كما نتحمل أعباء وتكاليف رش المبيدات الحشرية، والأسمدة، وارتفاع سعر المحروقات، وغيرها من الأعمال المكلفة كالتعشيب والعناية الدائمة، حتى يحين موسم جني المحصول، لكن العقبة الأكبر التي تواجهنا هي تسويق المنتج، وعدم التناسب بين التكلفة الحقيقية وسعر التسويق، إذ تم بيع الكيلو من النوعية الجيدة- هذا الموسم- بألفي ليرة سورية فقط، مع عدم وجود منافذ للتصدير إلى الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار ما طرأ من تغيرات مناخية تجلت بالجفاف وتدني نسبة الهطول، ما جعلنا نواجه عقبات لم تكن بالحسبان، ولجأنا إلى سقاية الغراس بالمرشات، وشراء صهاريج المياه بالنسبة لمن لا يملك مصدراً للمياه، بالإضافة إلى أجور اليد العاملة والنقل وغيرها.. وهذه كلها أمور أضيفت إلى التكلفة، وبالنتيجة كانت خسائرنا كبيرة.

وأضاف: كنا نتمنى لو أن أي جهة من الجهات المعنية بالقطاع الزراعي في المحافظة مدت يد العون لنا وساهمت في التخفيف مما لحق بمواسمنا من أضرار انعكست علينا سلباً.

نحتاج دعماً حكومياً

المزارع توفيق، من ريف حمص الجنوبي، أكد أن خسائر مزارعي البطاطا كبيرة جداً هذا العام، نتيجة لارتفاع سعر الكلفة وتدني سعر المبيع، وطالب بضرورة دعم المزارعين من خلال إعطائهم محروقات بالسعر المدعوم وتصدير الفائض عن السوق المحلية للمساهمة في التخفيف من خسائرهم وأعبائهم الكبيرة التي لا قدرة لهم على تحملها.

المزارع أكرم الأقرع، من الريف الجنوبي، زرع ٣٠ دنماً بطاطا، فكانت خسارته ٢٤ مليون ليرة سورية.

ويقول: لم تكن كمية البذار لدى مؤسسة إكثار البذار كافية لجميع المزارعين، لذلك لجأنا إلى القطاع الخاص، ورغم قناعتنا بعدم وثوقية البذار، لكن لم يكن أمامنا سوى هذا الحل.

ومن سلبيات تعامل المؤسسة مع المزارعين- بحسب الأقرع – أنها تطلب من المزارع سلفة من السعر، وبعد شهرين تطلب بقية المبلغ، ما جعل غالبية المزارعين يستجرون البذار من التجار، فالتاجر ينتظر المزارع، ونحن نعلم أن أي تاجر يهمه بالدرجة الأولى تحقيق الربح المادي.

ويتابع الأقرع: إن العوامل المناخية وما حصل من جفاف وقلة مياه لعب دوراً سيئاً هذا العام، بالإضافة إلى عدم توفر التيار الكهربائي، ولا يملك جميع المزارعين طاقة شمسية، وساهم كذلك ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والمبيدات، وارتفاع أجور اليد العاملة في زيادة الأعباء المادية على المزارعين.

وبحزن يشكو: “لقد تعبت أنا وأولادي وزرعت ثلاثين دونماً، وبدل أن أستفيد مادياً، تجاوزت خسارتي ٢٤ مليون ليرة سورية”.

وألقى المزارع أكرم اللوم على الجهات المعنية بالاستيراد، مبيناً أن هذه قضية لا تخص موسم البطاطا فقط، بل تنطبق على جميع المواسم، إذ يتم استيراد المواد الغذائية بالتزامن مع جني المحاصيل المحلية، فيزداد العرض ويقل الطلب، ما يؤثر سلباً على سعر المنتج المحلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الأصناف المستوردة مصنفة عالمياً على أنها مواد علفية وليست للاستهلاك البشري.

المزارع ز. فياض من قرية ربلة، قال: نتمنى أن تعمل الجهات المعنية على دعم المزارع دعماً حقيقياً، وألا يبقى الدعم في إطار الكلام والتصريحات فقط، نريد أن يكون الدعم بتوفير البذار وتأمين الأسمدة والمبيدات الموثوقة، ومنح المزارعين قروضاً ميسرة لتركيب الطاقة الشمسية، وتأمين جميع مستلزمات العملية الزراعية، والأهم من ذلك الوقوف بجانبه عندما تسوء الأحوال الجوية كما حصل هذا العام من جفاف غير مسبوق وارتفاع درجات الحرارة، والتعويض على المزارعين عند تعرضهم لخسائر مادية كبيرة لم تكن بالحسبان.

أكثر من ٣٤ ألف طن إنتاج المحافظة

مدير مديرية الزراعة بحمص، المهندس محمد نزيه الرفاعي، ذكر أن زراعة البطاطا تتركز جغرافياً، كما يلي: قرى الريف الجنوبي (منطقة القصير، وتل الشور، وقطينة) ٨٠٠ هكتار، ثم قرى المركز الشرقي، المساحة المزروعة ٥١٠ هكتارات، وفي منطقة الرستن ٣٠٠ هكتار، وتتناقص المساحات المزروعة لتصل في المركز الغربي إلى ١٢٣ هكتاراً.

أما في تلكلخ فتبلغ المساحة ٢٧ هكتاراً، وأصغر مساحة قابلة لزراعة البطاطا في منطقة المخرم، إذ تبلغ تسعة هكتارات فقط، وتقدر كمية الإنتاج في جميع مناطق المحافظة بـ 34,960 طناً. كما أكد الرفاعي أن خسارة المزارعين كانت بسبب الجفاف، وما نتج عنها من عقبات واجهت المزارعين.

مؤسسة إكثار البذار

صحيفة الثورة، توجهت بسؤالها إلى مدير عام مؤسسة إكثار البذار في حمص الدكتور عمر عوض عن أسباب ما حصل مع مزارعي البطاطا في حمص، ولاسيما أن بعضهم اشتكى من سوء البذار.

والذي بين أن المؤسسة تستورد كل عام بذار البطاطا، وهو مفحوص، ومعه شهادة صحية تثبت خلوه من الأمراض أو أي إشكالات أخرى، والمؤسسة ليست المصدر الوحيد للبذار في المحافظة، فهناك مصادر أخرى، وضعف الإنتاج هذا العام ليس بسبب البذار، بل بسبب ارتفاع درجة الحرارة خلال صب الدرنات، وفي هذه الحالة يتوجه النمو نحو الأعلى، أي المجموع الخضري، كما أن استخدام بعض أنواع المبيدات لحرق ومعالجة الأعشاب الضارة يؤثر سلباً على نمو الدرنات.

وعن غلاء أسعار البذار قال: الأسعار عادية ومعقولة، وخاصة بالنسبة إلى البذار المحلية، إذ يبلغ سعر الكيلو سبعة آلاف ليرة، وفي أغلب الأحيان يتم دعم المزارعين عن طريق صندوق دعم المزارع التابع لوزارة الزراعة.

وقد يكون سعر البذار المستورد مرتفعاً بعض الشيء مقارنة بالمحلي، وهذه قضية لا نحددها نحن.

آخر الأخبار
الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي    ترامب يهدد مجددا بفرض عقوبات على روسيا