الإعدام على أنغام فيروز وأم كلثوم.. دراسة بحثية في فرنسا للطالبة سارة العويد

فراس اللباد – صحفي سوري – باريس:

تُصنَّف السجون السورية في عصر النظام البائد على أنها من بين أسوأ السجون في القرن الحادي والعشرين، حيث شهدت ممارسات تعذيب ممنهجة وحالات وفاة جماعية، وقد وُصفت هذه السجون في ذلك الوقت بأنها تعيد إلى الأذهان ممارسات العصور القديمة، وذلك بسبب الفظائع التي ارتُكبت فيها سابقا.

الطالبة السورية سارة العويد قامت بإعداد دراسة جامعية بحثية بهدف الحصول على درجة الماجستير من جامعة السوربون الفرنسية، حيث عملت على توثيق شهادات حية وواقعية لما تعرض له السوريون في سجون النظام السوري البائد، موثقةً ممارسات التعذيب الوحشية التي مورست بحقهم، بما في ذلك ما حدث في سجن صيدنايا الشهير.

في تصريح لـ “الثورة”، أوضحت الباحثة سارة العويد أن الدراسة استهدفت تقييم تأثير الأدب الذي يوثق تجارب التعذيب والاعتقال على الجمهور، وذلك من خلال تحليل المقابلات والآراء المتداولة عبر المنصات الإعلامية المتنوعة.

كما سلطت الدراسة الضوء على دور الأمل في نفوس السجناء، على الرغم من قسوة الظروف وبشاعة التعذيب، مع التركيز على اللحظات الإيجابية التي ساهمت في تخفيف معاناتهم وتعزيز قدرتهم على الصمود النفسي.

إعدام المساجين على أنغام…

ينقسم هذا البحث إلى عدة أقسام تتناول بالدراسة والتحليل مشاهد التعذيب الواردة في الرواية، وآليات التعذيب الوحشية المستخدمة في تلك الحقبة، مع مقارنتها بشهادات المعتقلين الذين أُفرج عنهم حديثاً، مثل عمر الشغري وآخرين.

وقد تم التوقف عند التفاصيل الدقيقة لهذه الممارسات، مثل حوادث الشنق التي كانت “تُنفَّذ على أنغام أغاني فيروز وأم كلثوم”، وتحليل الأثر النفسي العميق الذي تخلّفه هذه الأساليب على السجناء.

بالإضافة إلى ذلك، استعرض البحث روح التعاون والتكافل الإنساني بين السجناء على الرغم من الظروف الصعبة، حيث كانوا يتبادلون أبسط الاحتياجات ويقدمون الدعم المعنوي لبعضهم البعض، مما خفف من معاناتهم وساهم في الحفاظ على إنسانيتهم في بيئة القهر والعزلة.

علاوة على ذلك، لا تقتصر تجربة المعاناة في أدب السجون على المعتقلين أنفسهم فحسب، بل تمتد لتشمل أسرهم الذين يشكلون جزءاً أساسيا من مأساة السجن.

فالأم الثكلى، والزوجة التي تعيش على أمل اللقاء، والأبناء الذين نشؤوا في غياب الأب .. جميعهم ضحايا غير مباشرين للسجن، ويتجلى حضورهم الإنساني بوضوح في مختلف روايات السجون، ليس فقط في الأدب السوري بل في الأدب الإنساني بشكل عام. البعد النفسي والمادي… تناول المشروع هذا البعد بدقّة، مبيّناً أنّ معاناة العائلات يجب أن تُوثّق وتُنقل، لأنها تشكّل الامتداد الطبيعي لآلام المعتقلين.

فمن الناحية المادية، من الضروري تعويض هذه الأسر عمّا فقدته من سنوات وأمان، ومن الناحية النفسية يجب تأهيل ومعالجة المعتقلين السابقين من آثار الصدمات العميقة التي خلّفتها سنوات الاعتقال.

فإذا كان القارئ المتلقّي لهذه الشهادات يحتاج إلى علاج نفسي بعد قراءتها، فكيف بمن عاش التجربة بكل تفاصيلها؟ إنّ العلاج النفسي وإعادة التأهيل الاجتماعي يجب أن يكونا أولوية أساسية تقع على عاتق الدولة الجديدة المنشودة، وعلى وعي المجتمع المدني الذي يتحمّل مسؤولية نقل هذه المعاناة بصدق ودقّة، لضمان عدم تكرارها ولحفظ الذاكرة الجماعية من النسيان.

المحاسبة أمل جميع الأمهات …

أتطلع إلى ملف السجون السورية بدقة واهتمام بالغين، فكما أي سورية، أتابع هذا الملف بدموع وقلب مفطور على ما يعيشه المعتقلون وذووهم.

وأنتظر محاسبة السجانين والمجرمين الذين انتهكوا حياة وكرامة السوريين. رغم أنّ متابعة هذه الكتابات والشهادات كانت قاسية جداً نفسياً عليّ، إلا أنّه في كل مرة أشاهد مقاطع الفيديو التي تبث اعتقال السجانين، أشعر بقدر من العدالة والإنصاف.

وأتمنى لو أنّ الذين قتلوا أشخاصاً أحياءً يستطيعون رؤية هذه اللحظات، ويُحاسَبونهم على ما سلبوه من حياة وكرامة.

وأردفت قائلة: لايزال في قلبي أمل عميق بمحاسبة كل من فطر قلب أم، وكل من دنّس كرامة المعتقلين السوريين، الذين عانوا ما عانوه من أجل حرية وكرامة هذا الشعب العظيم.

إن هذه العدالة ليست انتقاماً، بل حق إنساني وأخلاقي لا يمكن تجاوزه.

( بحسب موقع سراج – SIRAJ للصحافة الاستقصائية، وثق ما لا يقل عن 15,347 حكم إعدام نُفذ في صيدنايا بين 2011 و2021 بموجب قرارات محكمة الميدان العسكرية، خلال تحقيق استقصائي معمق ) سراج – Siraj إصرار الشباب السوري…

الكاتب والصحفي “محمد العويد”، والد الباحثة سارة قال: إن نجاح سارة وتحقيقها لهذا النجاح المهم في فرنسا هو رغبة في التحدي كغيرها من الشباب السوري، الذين وصلوا إلى بلدان اللجوء والاغتراب حاملين معهم قضية وطن وطموحاً للتحدي والإنجاز، الذي يمثل رسالة بالغة الأهمية من الشباب السوري نحو النجاح وتضميد الجراح.

وتابع، نحن، كأولياء أمور، نأمل في توسيع رؤية الدولة السورية للاستفادة من خبرات هؤلاء الشباب والعمل على دمجهم، نظراً لما يمتلكونه من مهارات واسعة وفهم لطبيعة العالم الخارجي، بالإضافة إلى فهمهم للانفتاح الجديد الذي تشهده الدولة السورية، حيث لا يقتصر الأمر على دور السفراء أو الممثلين الحكوميين في الخارج، بل يمثل هؤلاء الشباب السوريون جسراً حيوياً بين سوريا والعالم الخارجي، كما يتضح من خلال مساهماتهم الحالية في الدولة السورية.

وأضاف، نأمل أن يتم توجيه الاهتمام إلى هذه المجموعة من الأفراد الذين ولدوا في الخارج، مع التركيز على توجيههم نحو رؤية واضحة وقلب محب، وإتاحة الفرص لهم، وذلك من خلال متابعة إنجازاتهم وأعمالهم، حيث تمثل هذه الإنجازات رسائل مهمة للشباب السوريين في الخارج، بهدف جذبهم للمشاركة في بناء وطنهم بكل قوة، بالإضافة إلى تعزيز دورهم من خلال وسائل الإعلام السورية الجديدة، سواء كانت مرئية أو مكتوبة أو غيرها، وذلك لجذبهم إلى وطنهم على المستويات الاقتصادية والثقافية والسياحية.

الجدير بالذكر أنه، في ختام البحث للطالبة السورية سارة، تمت مقارنته مع روايات أخرى تناولت أيضاً موضوع الاعتقال والتعذيب في السجون السورية، مثل رواية القوقعة لمصطفى خليفة، وبيت خالتي، وكذلك كتاب بالخلاص يا شباب، لياسين الحاج صالح، حيث أظهرت هذه المقارنة أن جميع هذه الأعمال تشكل شهادات متقاطعة ومتوافقة تؤكد صدق التجارب الواردة في الرواية المدروسة، وتدل بوضوح على أن وحشية النظام مازالت مستمرة، وأن أساليب التعذيب التي يُفترض أنها اندثرت لاتزال تمارس حتى اليوم في السجون السورية.

آخر الأخبار
توقعات البنك الدولي .. نموٌ اقتصاديٌ هشٌّ مقابل  تحدّيات جسيمة  الصناعات الحرفيّة في حلب.. تحدّيات تواجه دوران عجلة الإنتاج  حدائق حلب المنسية.. "رئة المدينة" تعاني الاختناق مجلس مدينة إدلب يطلق حملة لمكافحة الكلاب الضالة انطلاق المرحلة الرابعة من عودة النازحين السوريين من لبنان تأهيل الطرق وتحسين البنية التحتية في منبج وإعزاز عبد الحفيظ شرف: دمشق تتعامل بمسؤولية وطنية وتغلّب الحل السلمي مع "قسد" توزيع 3750 مقعداً على مدارس درعا ترميم ثانوية الشجرة الصناعية بدرعا حاجة ملحّة للطلاب ماذا تتضمن المرحلة الأولى من "خطة ترامب" باتفاق غزة؟ تقارير بحثية: الدعم الأميركي مكّن "إسرائيل" من ارتكاب مجازر جماعية واجهة حلب مستباحة بكتابات العشّاق وأمنياتهم  بسبب نقص التمويل.. الأمم المتحدة ستقلص عديد قواتها في العالم دمشق وأنقرة.. خيارات بديلة وحلول عملية لمواجهة استفزازات "قسد" اتفاق "وقف الحرب" على غزة يدخل حيز التنفيذ سوريا تبدأ فصلاً جديداً في حربها على تجارة المخدرات طريق التعليم للجميع.. آلاف الشهادات غير السورية تدخل السجل السوري توقعات النمو شرطها رؤية اقتصادية جديدة "جمعية حماية المستهلك": التجار لو ربحوا 90 بالمئة يشعروننا بالخسارة مبادرة طب الطوارئ.. قرار الحسم بأصعب اللحظات