الثورة – رولا عيسى:
ما زالت معاناة المتقاعدين من مشكلات ومنغصات الحصول على الراتب الشهري مستمرة، بل أصبحت تشكل عبئاً إضافياً على حياتهم اليومية.
من الازدحام الكبير على الصرافات إلى التأخيرات الطويلة في صرف الرواتب، يجد الكثيرون أنفسهم في مواجهة مع واقع مرير. هذه المشكلات تنعكس سلباً على حياتهم اليومية والمعيشية، فهم يعتمدون على الرواتب كوسيلة أساسية لتلبية الاحتياجات.
أبرز المشكلات
ويجمع أغلب من التقتهم صحيفة الثورة من المتقاعدين أن أبرز المشكلات التي يعانون منها هي الازدحام الشديد على الصرافات، مما يجعل من الصعب عليهم الوصول إلى أموالهم، ناهيك عن انتهاء السيولة الضعيفة.
ويقول عبد العزيز بدران متقاعد سبعيني: إن الحصول على الراتب يتطلب الوقوف ساعات طويلة من الانتظار في الطوابير، الأمر الذي يرهقه ويزيد من معاناته، وفي بعض الأحيان، قد لا يتمكن من سحب كامل المبلغ المخصص بسبب القيود المفروضة على الصرافات أو بسبب انقطاع الكهرباء، ما يجعل الوصول إلى الراتب أمراً صعباً.
ويتابع: المعاناة الأخرى التي تؤثر على المتقاعدين هي التأخر في صرف الرواتب، والكثيرون يعانون من ذلك. محمود السالم متقاعد يشعر بالندم على توطين راتبه في أحد المصارف الخاصة، فهو يواجه صعوبة في صرف الراتب بسبب نقص السيولة في هذه المصارف، ناهيك عن ضعف التنظيم، وهو ما جعله غير قادر على الحصول على راتبه منذ 9 أشهر والأعذار مرتبطة دائماً بشح السيولة.
أما ليلى الحاج تقول: عندما أذهب إلى الصراف، لا أجد الأموال، وأنتقل من منزلي في ضاحية قدسيا في ريف دمشق عبر عدة صرافات لأعود بعدها خالية الوفاض.
من التحديات الأخرى أمام الحصول على الرواتب التقاعدية، تشير الحاج إلى أنها تتمثل في تقسيم الراتب إلى دفعتين في الشهر والفاصل الزمني أسبوع بينها، وهذا ما يجعل معاناتهم مضاعفة وممتدة على مدار الشهر، إذ أن العديد منهم يعتمدون على الراتب الشهري بالكامل.
ويقول معتصم الحافي: على الرغم من أن هذا الإجراء قد يكون محاولة لتخفيف الضغط على المصارف، إلا أنه يضيف عبئاً إضافياً على المتقاعدين الذين لا يستطيعون تدبير أمورهم مبالغ قليلة، ناهيك عن معاناة التنقل التي تثقل كاهل المتقاعد.
التجاري يستعين بالهرم
لاشك أن من المؤشرات الإيجابية إعلان المصرف التجاري أنه في محاولة لتخفيف المشكلة، طلب من متقاعديه تحديث البيانات للتمكن من قبض الراتب عبر منافذ شركة الهرم للحوالات المالية، وهو إجراء بتوسيع شبكة نقاط صرف الرواتب من خلال خدمات جديدة وهي تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح.
ولكن المتقاعدين لا يزالون يواجهون صعوبة في الوصول إلى هذه الخدمات بسبب المسافات الطويلة التي يجب عليهم قطعها، بالإضافة إلى التعقيدات المرتبطة بالمعاملات، ناهيك عن أن الخطوة شملت فقط متقاعدي التجاري دون المتقاعدين في المصرف العقاري.
لمياء جوهر متقاعدة أعربت عن ارتياحها وقالت: من الجيد أن المصرف التجاري قام بتحويل الأموال إلى الهرم، لكن المشكلة ما زالت قائمة، في أن الأمر يتطلب سحب الراتب بشكل شخصي وبعضنا يعتمد على أبنائه في سحب الراتب.
“العقاري” يبرر
صحيفة الثورة نقلت بعض مشكلات المتقاعدين الموطنين رواتبهم في المصرف العقاري وقال مصدر مطلع: إن مشكلة الازدحام لا تنطبق على كل الصرافات، خاصة بعد تحويل رواتب الموظفين على رأس عملهم إلى الشام كاش فقد تراجع الازدحام بشكل كبير، كما أن المصرف طرح خيار القبض عن طريق جهاز الـpot.
وأشار إلى أن تحديد سقف السحب بـ 600 ألف ليرة على ثلاث دفعات يصب في مصلحة المتعامل ويحافظ على السيولة، ويتيح المجال للحصول على الراتب دون الانتظار الطويل فالصراف لديه قدرة استيعابية من الأموال، ونعمل بشكل يومي على تزويد الصرافات بما يتناسب مع الحاجة اليومية.
وكشف المصدر عن إجراءات وآليات جديدة قادمة للمصرف العقاري، تتيح وتسهل للمتعاملين المتقاعدين الحصول على رواتبهم وحل مختلف المشكلات.
تطرح الخبيرة التنموية ميرنا السفكوني عدداً من الحلول التي يمكن أن تساهم في حل هذه المشكلة عبر تحسين البنية التحتية للصرف الإلكتروني، مثل تطوير أنظمة الدفع عبر الإنترنت، وزيادة عدد الصرافات وتوزيعها في أماكن أقرب للمتقاعدين. إضافة إلى ذلك، تقول من الضروري العمل على تحسين السيولة في المصارف الخاصة وتوفير الدعم اللازم لتحسين خدمات الصرف.
وتشير إلى أنه يمكن التفكير في آلية جديدة لصرف الرواتب تكون أكثر مرونة، مثل زيادة المبلغ الذي يتم صرفه في كل مرة لتقليل الحاجة إلى الزيارة المتكررة للصرافات، وكذلك تسهيل الإجراءات الروتينية وزيادة عدد المنافذ فهنالك خيارات كبيرة مع ازدياد عدد شركات الخدمات المالية، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار مصداقية هذه الشركات.
في الختام..
مشكلة صرف رواتب المتقاعدين في سوريا من القضايا التي تؤثر بشكل كبير على حياة هولاء اليومية، ومن الضروري أن يتم إيجاد حلول جذرية وفعالة لتسهيل عملية صرف الرواتب وضمان وصولها إلى مستحقيها في الوقت المناسب، وبالسهولة الممكنة.
وحتى يتمكن هؤلاء المتقاعدون من العيش بشكل طبيعي، يجب أن تكون هناك خطوات حقيقية لتحسين الآلية المتبعة في صرف الرواتب وتخفيف الضغط الكبير الذي يواجهونه يومياً، ناهيك عن أن بعض المتقاعدين لا تتجاوز رواتبهم 500 ألف ليرة.