فراس النجار:
لم يعد خافياً علی أحد مدی الترهل والانحطاط الذي وصل إليه قطاع التعليم في سوريا، وفي الدول الشبيهة. فسنوات الحرب الإجرامية، التي شنها النظام المخلوع علی البلاد وشعبها، كانت عاملاً إضافياً فاعلاً في زيادة تأزيم واقع التربية والتعليم المتأزم أصلاً. وإذا كانت أي معالجة لواقع بلد حطمته الحرب تبدأ من إصلاح مؤسسات الدولة لضمان إعادة قدرتها علی خدمة المجتمع، بما يكفي لاستمرار حركته وتعافيه، فإن قطاع التعليم ومؤسساته يأتي في مقدمة ما يجب إصلاحه ومعالجته جذرياً…
في بادرة طيبة، يمكن البناء عليها، في حال تجاوزت المستوی الإعلامي إلی مستوی الممارسة الإدارية الفعلية، نظمت مديرية تربية وتعليم حمص، بالتعاون مع جمعية الأصالة، يوم السبت الماضي 4 تشرين أول 2025، لقاء مباشراً، جمع عدداً من طالبات مدارس مدينة حمص، من المرحلتين الإعدادية والثانوية، مع مديرة التربية د. ملك السباعي، وهي شخصية أكاديمية تحمل درجة الدكتوراه في المناهج، كما علمنا.
وبرغم تقييد مشاركات الطالبات بمحاور محددة، علی ما في ذلك من قسر لإرادة التعبير، وما فيه أيضاً من ضرورة تنظيمية لقاء قُدر عدد حضوره بما يتجاوز مئتي طالبة، فإن عدداً منهن لم يمنعهن هذا التحديد من اغتنام هذه الفرصة النادرة للتعبير عن آرائهن بحرية في شأن، هو الأكثر مساساً بحيواتهن بحاضرها ومستقبلها، هو شؤون وشجون التربية والتعليم.
ابتدأت د.السباعي اللقاء بكلمة، كان أهم ما جاء فيها التأكيد علی قيمة الطالب نفسه كهدف وغاية لأي نشاط تعليمي، وعلی دور الطلبة الكبير لاسيما في سوريا الحرة.
ثم تتابعت مشاركات الطالبات التي تنوعت واختلفت في تناول جوانب العملية التربوية التعليمية، كما تباينت في مدی موضوعية ودقة كل منها. لكن كان ثمة مداخلات وضعت اليد علی أبرز مشكلات التعليم، وهي مهمة جداً لا سيما أنها تصدر عن الطرف الأكثر ارتباطاً وتأثراً بالعملية التعليمية، تصدر عن الطلبة أنفسهم.
سنعرض في تغطيتنا المبسطة هذه أهم ما تم طرحه في هذا اللقاء.
المناهج المدرسية
طرحت بعض الطالبات قضية المناهج المدرسية من حيث كفاية الكتاب المدرسي وملاءمته لقدرات الطالب الاستيعابية. وقد عبرت إحداههن عن ضعف القدرة علی استيعاب الكتاب المدرسي وحددت مواد، من باب التخصيص، كالتاريخ والجغرافيا والفلسفة. وقد عقّبت د. السباعي بأن المناهج المفروضة منذ سنوات، والتي وُضعت في حقبة حكم النظام المخلوع، قد اهتمت بالمهارات المعرفية لدی الطالب وأهملت الإعداد المعرفي العلمي نفسه، بحيث يُطلب من الطالب القيام بنشاط أو تحليل ما مع خلو الكتاب من المادة المعرفية اللازمة له للقيام به.
والحق أن هذه واحدة من أبرز مشكلات التعليم في سوريا، وفي الدول الشبيهة. فالمنهج السلوكي التلقيني الذي ساد لعقود، وطبع السياسات التعليمية، قد تغير لجهة منهج أقرب إلی تنمية مهارات التفكير عند الطالب. لكن من دون الاهتمام برصيده المعرفي الأساس. ولئن كانت عملية التربية والتعليم قد صارت موضوعاً أولياً رئيساً لمجموعة من النظريات الحديثة، منذ بداية ثورة المعلوماتية والاتصالات قبل ثلاثة عقود تقريباً، كالسلوكية والبنيوية والمعرفية الاجتماعية… فإن نصيبنا في سوريا من استغلال وتوظيف تلك النظريات الحديثة، لتحسين المناهج بما يتواكب مع تغيُّرات الزمن، كان ضئيلاً ومشوها فاقداً للتوازن الضروري بين التلقين والمهارة.
من جهة أخرى تقدمت بعض الطالبات من القسم العلمي بطلب خطي إلى د.السباعي، وقد اطلعنا على صورة منه يطالبن فيها بتخصيص المقررات النظرية بما يخدم تخصصهن العلمي. وضربن علی ذلك مثال الفلسفة، فهی مادة مهمة تقوي ملكات التفكير النقدي وقدرات التحليل، إذا أُحسن تدريسها وتخصيصها أيضاً. فطلبة المرحلة الثانوية العلمي، بحسب ما جاء في الطلب، لا تقدم له الموضوعات التفصيلية في علم الاجتماع وعلم النفس سوى مزيد من الجهد والإرهاق غير المجدي، بينما يحتاج هذا الطالب أو الطالبة تخصيصاً لمواضيع الفلسفة التي تفيده في دراسته كالمنطق ومناهج البحث العلمي… وقد بشّرت د. السباعي الحضور بأن الوزارة عاكفة، منذ شهور علی وضع مناهج ملائمة! وهذا ما طرح علامة استفهام كبيرة بشأن تكتم الوزارة علی أمر حيوي كهذا، فلا يُطلع المجتمع علی تصورات المعنيين ولو بتصريحات إعلامية بسيطة، وكأنما ليس من حقه المشاركة في شأن يمسّه في حاضره ولا يتوقف تأثيره حتی في مستقبله.. وهذا شكل من انعدام الشفافية المرفوض في مجتمع تخلص من الحكم الشمولي الديكتاتوري وبدأ يسعی لحياة تقوم علی التشاركية وشفافية الإدارة وشعبيتها في علاقاتها مع المجتمع.
تعليم اللغات الأجنيية
طالبة تحدثت عن مشكلة مقررات اللغة، فأعربت عن صعوبة دراسة اللغة الفرنسية، إضافة للغة الإنكليزية، فضلا عن اللغة العربية.
بينما كشفت طالبة أخری عن وجه أكثر فداحة للمشكلة بقولها: إن معاناة كبيرة جداً تتعرض لها شريحة كبيرة من الطلبة، وهي شريحة العائدين من المهاجر والمنافي، فمثلاً طلبة المرحلة الثانوية منهم يجدون أنفسهم لأول مرة ملزمين بدراسة مقرر اللغة الفرنسية التي تُدرس منذ الصف الأول الإعدادي في المحافظات التي كانت تحت سيطرة النظام المخلوع.
لكن المشكلة أكبر وأسع من هذه الحدود. قبل التحرير كان في سوريا أربعة مناهج مختلفة قيد التدريس في أربعة مناطق. شرق الفرات، ريف حلب الشمالي، إدلب، ومناطق سيطرة النظام المخلوع.
لقد خلق هذا الوضع تضارباً رهيباً، انعكس في ترتيب أوضاع كارثية تحتاج إلی معالجة عاجلة وإلی أخری طويلة الأمد. ففي الشمال في ريف حلب الشمالي دأب الطلبة على دراسة اللغات المقررة وهي اللغة التركية واللغة الكردية واللغة الإنكليزية إضافة طبعا للغة العربية، بينما في مناطق سيطرة النظام المخلوع كان الطلبة يدرسون اللغات الروسية والفرنسية والإنكليزية إضافة إلی العربية.
ومع التحرير وعودة ملايين السوريين إلی مناطقهم ظهرت فداحة المشكلة. فعلی سبيل المثال لا الحصر إن طلبة شهادة الثانوية العائدين من المنافي الداخلية يجدون أنفسهم في وضع صعب وهو دراسة مقرر اللغة الفرنسية التي لم يدرسوا منها شيئاً طوال سنواتهم الدراسية السابقة.
بينما يتابع الطلبة في الشمال دراسة لغات أخری دون قرارات وزارية واضحة. فلئن ألغيت اللغة الروسية فإن وضع اللغة الفرنسية في منهاج دمشق والتركية والكردية في منهاج شمالي حلب ما يزال غير واضح ولم يتقرر بشأنها أي أمر رسمي بعد.
ضغط الدروس وغياب الحصص الترفيهية
اشتكت بعض الطالبات من الضغط الشديد لدروس المواد العلمية والأدبية المتتابعة، دون تخصيص حصص للاستراحة والتخلص من التشنج الذهني والتوتر، كالرياضة والموسيقا والفنون. وبرغم ما أُثير مؤخراً من ضجة حول إعادة هذه الحصص إلی البرنامج المدرسي، فإن أهميتها التربوية كبيرة جدا.
فلا يمكن أن نعتبر الطالب حافظة معلومات بلا حساب. إذ يُنظر إلی مواد التربية الفنية والرياضة في المناهج التربوية الحديثة، كمواد دراسية قد تكون اختصاصية للطالب في مرحلة ما، فضلاً عن دورها في حفظ التوازن النفسي.
نقص الكادر وتردي البنية التحتية لبعض المدارس
من المداخلات ما أكدت علی نقص التجهيرات اللازمة للمدارس كالمخابر، بل إن بعض المداخلات تحدثت عن عدم توفر المقاعد وأخری عن عدم توفر الكتب. بينما أكدت طالبات من مدارس مختلفة عدم وجود المعلمين لبعض المواد، بل لكلها في بعض الحالات، كما في مناطق من ريف حلب الشمالي وفي بعض الأرياف الأخرى.
وقد ردت د. السباعي بتوفر المخابر الافتراضية التي وفرتها وزارة التربية والتعليم علی موقعها الإلكتروني، كما أوصت بالصبر بسبب ظروف البلاد. والحق أن الصبر فضيلة لكنها لا تصح وصية في معرض الحاجة الماسة، فالعام الدراسي قد بدأ منذ أسابيع، والزمن يتحرك بالطلبة بسرعة نحو الامتحانات النصفية، بينما مدارس ما زالت بلا مقاعد وأخری بلا كتب مدرسية! كنا نتمنی مشاركة د. السباعي الصبر، لكنه ليس علاجاً ولا يصلح حتى مسكناً في حالتنا الملحة هذه.
علی أن المفارقة المؤسفة أن بعض المعلمين العائدين من الشمال، بعد تهجيرهم لسنوات، تقدموا لمديرية التربية في حمص عارضين خبراتهم للتعليم، فكان الجواب مرة بأن باب التسجيل علی التعيين بنظام الساعات أو الوكالات قد أُغلق، ومرة بأن لدی المديرية عدد كبير من المعلمين ولا يعرفون أين يذهبون بهم. لنتفاجأ بالنقص الكبير في الكادر التعليمي!
مشكلات سلوكيات الكادر التعليمي والإداراي
من المداخلات اللافتة نقد بسيط سطحي لبعض المعلمين. فبعض الطالبات وصفن بعض المعلمين والمعلمات بالعجز وعدم القدرة علی القيام بعبء التعليم! طبعاً هذا تقدير طلبة في سن صغيرة لا يعقل أن نطالبهم بالدقة والموضوعية التي يُطالب بالتزامها الناضجون وكبار السن.
لكن علی ما فيها من شطط ومبالغة، فإنها قد أشارت إلی مشكلة مزمنة في بعض الكادر التدريسي.
وقد تنبهت د. السباعي إلی الأمر فردت بأنه لا يمكن وصف معلم أو معلمة مجازة وتحمل شهادة أكاديمية في اختصاص من الاختصاصات بأنه أو أنها لا تعرف شيئاً، بحسب التعبير الذي استخدمته إحدی الطالبات.
لكن حقيقة الأمر كما تشرح د. السباعي هو أن الناس متفاوتون في مقدراتهم التواصلية. فكثيرة هي الحالات لخريجين جامعيين متمكنين، من اختصاصاتهم وحاصلين علی المعرفة بدرجاتها العليا، لكن قدراتهم في التواصل الاجتماعي أقل بكثير من رصيدهم المعرفي.
وتتابع بأن المديرية تجري بشكل دوري دورات تأهيلية للمعلمين لرفع قدرتهم وتعزيز مهارات التعليم لديهم.
منطق دقيق وسليم تدعمه علوم التربية وعلما النفس والاجتماع، لكن ليس كاملاً.. فما غفل عنه هو وضع المعلمين من غير حملة الشهادات الجامعية، وخصوصاً ممن تم تعيينهم في فترة سنوات الثورة في ظروف استثنائية من نقص الكوادر والحاجة الماسة، إضافة إلی معلمين أقدم تم تعيينهم علی أساس نظام الساعات أو الوكالة.
ثم يحق لنا أن نسأل ما طبيعة هذه الدورات التأهيلية للمعلمين التي تحدثت عنها؟ ما نعرفه أن نظامنا التعليمي كان يفرض علی الخريجين الجامعيين الراغبين بالتعليم الالتحاق بكلية التربية ودراسة مجموعة من المقررات في علم التربية وعلمي النفس والاجتماع وعلم نفس الطفل.. وغيرها ليحصل بعد تمام سنة دراسية علی دبلوم تأهيل تربوي.. وإذا ما تحلينا بالشجاعة اليوم لمواجهة الواقع فلابد لنا من الاعتراف بمشكلاتنا.
لدينا أعداد ليست بالقليلة من المعلمين والمعلمات الذين يفتقدون إلی الحد الأدنى من القدرة علی القيام بعبء التعليم.
منهم بسبب ما تفضلت به د.السباعي من ضعف مهارات التواصل الاجتماعي، ومنهم بسبب ضعف المستوی المعرفي أيضاً.
ولا أدل علی ذلك من مناقشة بعض الطلبة فيما درسوه وفيما درَّسهم إياه المدرسون ليظهر أن الطالب قد حفظ ما لم يستطع المدرس أن يفهمه إياه، وهذا الواقع ليس ضيقا بل واسع في بلادنا بحجم ظاهرة.
تصرفات منفردة
ومن الظواهر الخطيرة التي ذكرتها الطالبات، قضية التصرفات المنفردة، من قبل بعض الإداريين أو المعلمين، دون أي مرجعية من قرار وزاري أو توجيه خطي، فقد عرضت احدی الطالبات لتدخل من أحد الإداريين في لباسها وما ينبغي عليها ارتداؤه.. وقد وضحت د. السباعي بجلاء أن لا شأن للكادر التعليمي ولا للإدارات التربوية بحرية الطلبة ذكوراً أو إناثا، ولا يجوز التدخل مطلقاً في خصوصيات الطالبات.
وأن اللباس يرجع للحرية الشخصية لا يقيده إلا شرط الحشمة بالمفهوم العام لكل المجتمع السوري.
ونوّهت إلی الوزارة تنوي في العام القادم إلزام جميع الطلبة بلباس موحد… منطق سليم وإننا لنشدد علی ضرورة منع أي فرد، من الكادر التعليمي أو الإداري أو التوجيهي التابع لوزارة التربية والتعليم، من التدخل في خصوصية الطلاب والإناث منهم بخاصة.. بل منع التصرفات المنفردة بكل صورها وأشكالها، تحت طائلة المحاسبة والمساءلة، لما في انتشار هذه التصرفات غير المسؤولة من إساءة للمؤسسة ككل وتأثير في تعطيل عملها أو إضعاف وتيرته، كما تفقدها الثقة من المواطنين.
قضية المتسربين
ونضيف هنا مشكلة لا تقل خطورة عما سبق، إن لم تكن أشد، وهي مشكلة المتسربين.. لقد كان للتهجير واليتم والتشرد، الذي نجم كله عن المقتلة السورية التي مارسها النظام المخلوع وأسياده، نتائج مريعة ليس أقلها ارتفاع نسبة المتسربين من التعليم إلی أرقام كارثية.. لقد ارتفعت الأمية في شريحة الأطفال من7 حتی 18 سنة إلی نسبة تزيد عن 60 % بحسب بعض التقديرات، لاسيما بين أطفال المهجرين إلی الشمال السوري.
واليوم وبعد الخلاص من نظام الموت تتلمس سوريا جراحها لتجد ملف جحافل المتسربين هو جرحها الأكثر ورماً والتهاباً وخطراً، وخصوصاً الأعداد الغفيرة من الأطفال المتسربين الذين تشير أرقامهم إلی كارثة بحجم جيل كامل، إن لم تُعالج الظاهرة بحلول جذرية حقيقية.
وقد أفادت لنا معلمة في الشمال السوري بأن مديرية التربية في حلب أعادت هؤلاء إلی المدارس، وأصدرت التعليمات بتوزيعهم علی الصفوف الدراسية بحسب أعمارهم! وتتابع المعلمة بأن هؤلاء، الذين تجاوزوا سن 12 سنة غالباً، قد فُرزوا علی الصفين الخامس والسادس، تحولوا إلی عامل معطل للعملية التعليمية.
فهم لا يملكون من المعرفة حتی مهارات قراءة وكتابة الأحرف الأبجدية، كما لا يمكن للمعلم أو المعلمة أن يعطل المنهاج المقرر ويتفرغ لتعليمهم أصولا!!! أي معالجة هذه التي لا تقوم إلا برحيل المشكلة لسنوات، ثم تحويلها إلی واقع لا حل له بفصل هذه الشريحة الواسعة وإخراجها من دائرة التعليم؟ ألم يكن حرياً بكل مديريات التربية الاستعانة بخبرات معلمين عالجوا هذه الكارثة في سنوات الحصارات والمهاجر والمخيمات؟ لقد خاض هؤلاء المعلمون معارك شرسة مع واقع مرير لم تعد فيه المدارس موجودة إلا كأطلال كوّمها القصف الوحشي المستمر.
وكان عليهم المبادرة لتمكين الأطفال، من مهارات اللغة قراءة وكتابة ليكونوا مؤهلين عند توفر فرصة الدراسة النظامية أن يلتحقوا بصف دراسي ويواكبوا أقرانهم.. كان نضالهم مستمراً وخصوصاً في تعليم الأطفال الكبار الذين لم يدخلوا مدرسة قط. وكما يقول أحد الصالحين: من عمل بما علمه الله علمه الله ما لم يعلم.
فقد تطورت تجربتهم وصارت دورات مكثفة لمدة 3 أشهر، كحد أقصی.
ثم المتابعة بعدها للأطفال الراغبين بالاستزادة بدورة مكثفة مبسطة للقواعد العربية.
لم تترك المحنة لهؤلاء المعلمين من خيار سوی ضغط قدراتهم وطاقاتهم واعتصار الذات في ظروف ليس فيها ليس فيها ما يسمح بالحياة الطبيعية وتعدد خياراتها..
ما الذي يمنع من الاستعانة بهم في معالجة ملف المتسربين؟ أخشى أن لا يكون في ذلك انتقاصاً من قدر التربية ومديرياتها لا سمح الله!
في النهاية لا يمكننا ولا يسعنا إلا الاعتراف بمأساوية الواقع التربوي التعليمي في سوريا. صحيح أنه واقع لازم لأي بلد عاش حرباً مدمرة لسنوات طويلة، لكن من الصحيح أيضاً أن المعالجة لها طرائق وخطط ومشاريع ليس منها مجرد النشاطات الإعلامية.
إننا إذ نثق بطيب نية مديرة تربية حمص، ونقدر عالياً صدق ونبل تمنياتها، نعرف جيداً أن التمنيات الصادقة والنوايا الطيبة لوحدها لا تزيح حجراً صغيراً عن طريق طفل.
ومع ذلك نرى في لقاء التربية مع طلابها حدثاً إيجابياً بناء. وسيكون أكثر بنائية في حال تحوله إلى لقاء دوري مع طلابنا، الأمر الذي سيسهم في تعزيز شعورهم بالقيمة كما سيعزز لديهم حس المسؤولية.