“كفرسوسة”.. ذاكرة دمشق الثائرة

الثورة – همسة زغيب:

“تنبض الذاكرة حين تُستعاد، وتشتعل الحكاية حين تُروى”.. بهذه الروح انطلقت الندوة التي حملت عنوان “كفرسوسة.. من بداية الثورة حتى النصر”، في المركز الثقافي “أبو رمانة”، بإدارة عمار بقلة، مدير المركز، وبمشاركة كل من عدنان البارد وخالد محمود نور الدين. كان اللقاء مساء أمس أكثر من مجرد حديث، كان استدعاءً حيّاً لوجدان مدينة قاومت بالصوت قبل أن تُضطر إلى السلاح.

الكلمة أقوى من الرصاصة

“كفرسوسة”، الحي الدمشقي المعروف بجماله وهدوئه، تحوّل في لحظة إلى ساحة مواجهة، حين طالته اعتداءات الشبيحة على دوّارها الشهير.خلال الندوة، عُرضت مادة بصريّة مؤثرة تضمنت مشاهد من بدايات الثورة: مظاهرات سلمية، هتافات تملأ الشوارع، ووجوه شابة رفضت الذلّ فاشتعلت الشرارة. تحدث عدنان البارد عن المرحلة السلمية من الثورة، حين كانت الكلمة أقوى من الرصاصة، والهتاف أبلغ من أي بيان، تناول الجانب العاطفي لتلك اللحظات، مبرزاً كيف خرج الشباب بلا تنظيم ولا سلاح، مدفوعين فقط بإحساس الكرامة.قال أحدهم: “لم نكن نخطط لثورة، كنا نرفض أن نُهان، فاشتعلت المظاهرات كما يشتعل القلب حين يُظلَم.”

محاولة لإسكات الصوت

تحوّلت “كفرسوسة” سريعاً إلى نقطة أمنية مشتعلة، بسبب موقعها الحيوي واحتضانها لمقرّات حكومية ومراكز أمنية.. هذا الواقع جعلها عرضةً لحملات اعتقال جماعية طالت عشرات الشباب، بعضهم لم يكن ناشطاً سياسياً، بل اكتفى بالتصوير أو التواجد في المكان.وأشار المتحدثون إلى أن الاعتقال لم يكن عقوبة، بل محاولة لإسكات الصوت قبل أن يعلو. تحدث خالد محمود نور الدين عن قصص شباب اختفوا فجأة، وعن أمهاتٍ كنّ يطرقن أبواب الفروع الأمنية دون جواب، وعن وجوهٍ مألوفة تحوّلت إلى أرقام في سجلات السجون.

من الهتاف إلى البندقية

تناول خالد محمود نور الدين، الشق العسكري من الحكاية، مسلطاً الضوء على مساهمة أبناء كفرسوسة في مقارعة النظام المخلوع على جبهات القتال. وأكد أن التحوّل من الهتاف إلى المواجهة المسلحة لم يكن خياراً سهلاً، بل فرضته الضرورة بعد الاعتقالات والانتهاكات.وأضاف نور الدين: “إن كفرسوسة لم تكن فقط صوتاً في الشارع، بل كانت بندقيةً في الجبهة، حين قرر أبناؤها أن الدفاع عن الكرامة لا يكتمل إلا بمواجهة الظلم بكل أشكاله.”

سلاح الصورة

لم تغب عن الندوة الإشارة إلى الدور الإعلامي الذي بدأ من داريا، إذ تحوّلت الكاميرا إلى سلاح، والصورة إلى وثيقة، والوجع إلى سردٍ بصريّ لا يمكن إنكاره. هكذا أصبحت الصورة جزءاً من المقاومة، تحفظ الذاكرة وتواجه النسيان. كانت المداخلات مفتوحة، والوقت متاحاً للحضور كي يشاركوا بذكرياتهم وأسئلتهم، وحتى بصمتهم. قال أحد الحاضرين:”كفرسوسة لم تكن مجرد حيّ، كانت مرآةً لدمشق، وكل ما جرى فيها جرى في قلوبنا.”

الذاكرة لا تُنسى

الندوة لم تكن تأريخاً للأحداث، بل نبش في وجدان المدينة واستعادةً لزمنٍ لايزال حيّاً في الذاكرة. كفرسوسة، التي اشتعلت منها الشرارة، ستظل رمزاً للكرامة والرفض، وللنصر الذي يبدأ حين يقرر الإنسان ألّا ينكسر، حتى لو اعتُقل، حتى لو صمتت الشوارع، فالصوت لا يُعتقل، والذاكرة لا تُنسى.

آخر الأخبار
بسبب نقص التمويل.. الأمم المتحدة ستقلص عديد قواتها في العالم دمشق وأنقرة.. خيارات بديلة وحلول عملية لمواجهة استفزازات "قسد" اتفاق "وقف الحرب" على غزة يدخل حيز التنفيذ سوريا تبدأ فصلاً جديداً في حربها على تجارة المخدرات طريق التعليم للجميع.. آلاف الشهادات غير السورية تدخل السجل السوري توقعات النمو شرطها رؤية اقتصادية جديدة "جمعية حماية المستهلك": التجار لو ربحوا 90 بالمئة يشعروننا بالخسارة مبادرة طب الطوارئ.. قرار الحسم بأصعب اللحظات مجلس الشعب الجديد... سوريا على سكة بناء الدولة الحديثة "التربية والتعليم": كرامة المعلم وأمن الطالب خط أحمر "المشروع العاشر" يتضامن مع الطفل المخطوف سوريا على خريطة "ميتا".. هل تجتاز اختبار الجاهزية؟ عودة الإعلانات الممولة ستسهم في تحفيز سوق العمل الإعدام على أنغام فيروز وأم كلثوم.. دراسة بحثية في فرنسا للطالبة سارة العويد أنامل تبدع في معرض منتجات المرأة الريفية بريف دمشق "حملات التبرع".. جسور تضامن وأمل مستمر رواتب المتقاعدين معاناة متفاقمة.. و"العقاري": إجراءات من خارج الصندوق استرداد الأصول المنهوبة.. الطريق إلى اقتصاد عادل وبداية عهد من الشفافية إعادة تشغيل منشأة توينان الغازية.. خطوة لإنعاش قطاع الطاقة استقالات في وزارة الشباب والرياضة.. هل هناك خلافات أم هروب للأمام؟ الفشل الإداري.. قرارات بلا رقابة و"تصفيق" يعلو على المحاسبة