الثورة – أحمد صلال – باريس:
الدكتور علي الشيخ صحفي وإذاعي، ذاع صيته من خلال عدة برامج إذاعية على أثير راديو الشرق في باريس، من أبرزها برنامج “صباح الخير دكتور”.
وجهت له صحيفة الثورة دعوة للحوار، فاستجاب من دون تردد، وكان لنا معه هذا اللقاء.
– الدكتور علي الشيخ، صوت إذاعي مألوف على أمواج إذاعة الشرق في باريس، هلا قرّبتنا قليلاً من شخصك الكريم، وذكّرتنا بأهم البرامج الإذاعية التي قدمتها؟
قصتي مع إذاعة الشرق في باريس تعود إلى عام 1993، قدمت برنامجاً أسبوعياً مدته ساعة كاملة، كل ثلاثاء عند الحادية عشرة صباحاً، وأسميته “صباح الخير دكتور”.
له لحن موسيقي خاص، وتم تخصيص النصف الأول من البرنامج “30 دقيقة” لبحث وشرح الأمراض الشائعة عند الأطفال مثل الربو، والاختلاجات الحرورية، والتهابات الأذن والقصبات، ومرض السكري وغيرها.
كانت المادة تُقدّم بالعربية الفصحى بأسلوب علمي مبسط يفهمه الجميع، أما النصف الثاني من البرنامج فكان مخصصاً لأسئلة المستمعين، إما على الهواء مباشرة أو عبر الرسائل البريدية التي تصل إلى الإذاعة.
كنت أقدّم البرنامج مع المذيعة القديرة ندى الكبي، وهي من الرعيل الأول في الإذاعة.
– برنامج تطمح إلى تقديمه ولم تتسنَّ لك الفرصة بعد؟
البرنامج الذي أحببته وأحبه دائماً هو برنامج صحي تثقيفي يُبث أسبوعياً، نعدّه جيداً، ونتيح من خلاله حواراً مفتوحاً مع المستمعين لزيادة الثقافة الطبية والوقائية والإسعافية، وخاصة للأمهات اللواتي يرافقن أبناءهن طوال اليوم.
– ما الذي يميز العمل الإذاعي عن نظيره التلفزيوني
العمل الإذاعي يعتمد على شدّ انتباه المستمع من خلال سلاسة اللغة وسهولة الفهم، مع التركيز على الفائدة العامة.
ينبغي الابتعاد عن التفاصيل العلميّة المعقدة التي لا يفهمها إلا المتخصصون، فالإذاعة تخاطب أوسع شريحة اجتماعية، وليست محاضرة لطلاب كلية الطب! وفي ظل انتشار وسائل التواصل وسهولة الوصول إلى المعلومة، يجب أن يقدم أي برنامج صحي أو طبي معلومة دقيقة، حديثة، وسلسة في طرحها، حتى تحقق الهدف المطلوب وترفع مستوى الوعي الصحي في المجتمع.
– برنامجك في إذاعة الشرق ينفتح على الطاقات السورية والعربية وإبداعاتها في شتى المجالات، وفي مختلف ربوع فرنسا. كيف ترى واقع الثقافة من خلال ما لمسته ميدانياً أثناء إعداد حلقات البرنامج؟
وجدتُ من خلال التجربة أن المجتمع بكل فئاته متعطش للمعرفة الطبية.
فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء، و”العقل السليم في الجسم السليم”، و”درهم وقاية خير من قنطار علاج”.
المجتمعات المتقدمة بدأت تعيد النظر في أنماط التغذية والعلاجات الوقائية والطبيعية، ونحن أحوج ما نكون إلى ترسيخ هذا الوعي في مجتمعاتنا.
– هل هجر الدكتور علي الشيخ العمل الإذاعي الصحفي؟
لم أهجر العمل الإذاعي، فقد شاركت في مداخلات تلفزيونية عبر قناة “العربية” خلال جائحة كوفيد، وكان أحد هذه اللقاءات حول الأمراض الميؤوس من شفائها وما يُعرف بـ”الموت الرحيم”، حيث ناقشتُ الجانب الطبي في مواجهة الرأي الشرعي الذي عرضه أحد علماء الأزهر على الهواء مباشرة.
– كيف توفّق بين العمل الإذاعي ومهنتك الطبية؟
ولدتني أمي في بيئة ريفية متواضعة، وكانت أولى مداخلاتي في الصف الخامس الابتدائي عندما ألقيت كلمة تأبين لأحد زملائنا التلاميذ الذين توفاهم الله.
تأثر الحاضرون من الكبار والمعلمين بتلك الكلمة التي ألقاها طفل صغير في مناسبةٍ يغلب فيها الحزن على الجميع.
ومنذ ذلك اليوم تواترت المناسبات، ولقّبني البعض بـ “ملك الميكروفون”، إذ كنت خطيب المدرسة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ولازلت حتى اليوم أشارك أبناء الجالية السورية في فرنسا أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم المختلفة.
أؤمن أن أجمل ما في الإنسان هو التوازن، فلكل مقامٍ مقال.
أحب الجماعة وأكره الانعزال، وأؤمن بأن “الإنسان قويٌّ بإخوانه ومجتمعه، وضعيفٌ وحده”.
وعمر الإنسان لا يُقاس بسنواته، بل بقدر ما يوفقه الله في خدمة الناس والمجتمع والإنسانية دون تمييز بين الأصول أو المعتقدات، فكلنا من آدم وحواء.
– لو لم تكن صحفياً وطبيباً، ماذا كنت تتمنى أن تكون؟
لو لم أكن صحفياً أو طبيباً، لتمنّيت أن أكون مدرّساً متفرغاً للتعليم، أُسهم في تنشئة جيلٍ يحمل أمانة الأمة وينقل العلم والفضيلة والمروءة للأجيال القادمة.
ورحم الله أمير الشعراء إذ قال:
قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
أرأيتَ أعظم أو أجلّ من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولا.
– ما كلمتك الختامية في نهاية هذا اللقاء؟
أشكر كل من ساعدني، وخاصة زوجتي، على دعمها وتفانيها في تنشئة أسرتنا المميزة التي وهبني الله إياها، والتي كانت في الوقت ذاته سبباً في تمكيني من سلوك دروب النجاح.