الثورة أون لاين – ميساء العجي:
الفكر بمعناه العام هو ثقافة الإنسان وهويته وإيمانه الراسخ بوطنيته ووجدانه وانتمائه وما يكتسبه من معارف وخبرات، وبالتالي هو هوية وانتماء ووجود.
فقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه علماء الدين في جامع العثمان مؤخرا على أهمية الفكر في كل جوانب الحياة ، لطالما يدخل في العقل والعاطفة والسلوك وهو موجود في الماضي والحاضر والمستقبل.
عن أهمية الفكر ودوره في حياتنا العامة والخاصة ولاسيما شريحة الشباب، تشير الموجهة التربوية يسرا خليل عباس والمحاضرة في جامعة دمشق ،
إلى أن غياب الفكر أو ما يسمى الفراغ الفكري هو نتيجة لغياب الهدف ,الأمر الذي يجعل الشباب تبتعد عن نهج الحياة الطبيعية التي يجب أن يعيشوها بشكلها الطبيعي والمنطقي، فالشباب اليوم بكل شرائحهم يعانون من مشكلات وأزمات دون وجود ربما ما يدعمهم ،أويعرف مشاكلهم واحتياجاتهم ، فضعف الرؤى الفكرية لدى الشباب بشكل عام حسب رأي الدكتورة عباس يعود إلى التطور التكنولوجي المتسارع ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرجعية لهم دون إمكانية التحقق من صحتها على الإطلاق فقد غدت مصدرا يعتمدون عليه لتشكيل الهوية الفكرية، ما ساهم دون أدنى شك ،بحدوث الفراغ الفكري الذي يعاني منه أفراد المجتمع من تبعات وسائل التواصل الاجتماعي .
وتقول عباس إن هذه الحالة التي يعيشها الشباب ينتج عنها الكثير من السلبيات، منها عدم القدرة على المشاركة في صنع القرار ، وحل المشاكل التي تواجههم ،والشعور بانعدام الأهمية، يضاف إليها الفشل بالحياة العامة والعجز عن التطوير والأفكار والاستسلام للموروث السلبي ,كما يرتبط الفراغ الفكري ارتباطا وثيقا بغياب الهدف.
وعن أهمية الفكر المنفتح والراسخ بعقل الإنسان ووطنيته ووجدانه وانتمائه،
توضح عباس أن الفكر هو حركة العقل نحو أمر معين بقصد إدراك هذا الأمر وهذا المقصد .وهو من الناحية العقلية موجه بشكل منطقي من قبل عقل الإنسان الناضج الذي يبدأ منذ مرحلة البلوغ فقط ، لأن الإنسان بمرحلة الطفولة يدرك الحقائق بالإحساس. مؤكدة أن الفكر هو السبيل الوحيد الذي يجعل الإنسان أكثر وعيا لما يحيط به، وأكثر عمقا وإدراكا لأبعاد وجوده وعلاقته بالكون ومن خلاله يرتقي من حالة الجهل والظلام الى مرحلة المعرفة, حيث تكون الأفكار البناءة لدى الإنسان هي الثروة الحقيقية له.
وأضافت أنه كلما ازدادت الحصيلة اللغوية أو الفكرية للإنسان كلما زاد تحصيله الدراسي واتسعت وتنوعت ثقافته، فعندما نطلق على سبيل المثال عبارة “ذاك المفكر” أي أنه الشخص الذي يملك معرفة وثقافة عليا ويدرك الأمور بطريقة عقلانية ومنطقية صحيحة ومفيدة.
وتبين عباس أن الفكر هو كل ما يكتسبه الإنسان من معارف وخبرات وبالتالي هو هوية وانتماء ووجود. والإنسان الواعي هنا لا يصدر حكمه على أمر ما إلا بعد التدقيق والموازنة والتمحيص ,حتى العواطف يجب أن تخضع لميزان العقل وإلا تحولت إلى مجرد غرائز لا ترتقي الى مستوى الإنسان الكائن والعاقل والأخلاقي ويمكنه بالعقل أن يكبح غرائزه وشهواته ويضبطها وفق القيم والمعايير الأخلاقية التي تنسجم مع المجتمع .
وعن كيفية ارتباط الفكر بالوعي ،تقول عباس :إنه لا فكر بدون وعي وبهذا اختلفت الكائنات البشرية عن باقي الكائنات الحية فهي أكثر تطورا وإدراكا ووعيا كونها تملك الدماغ وفيه مراكز متخصصة للعمليات العقلية منها الإدراك والوعي ،مبينة أنه ليس كل من يفكر يكون تفكيره مفيدا للبشرية وهنا تكمن الأهمية في ثقافته ،من ناحية وجوب أن تكون منسجمة مع ثقافة الوسط المحيط به لهذا سمي الإنسان بالعاقل .
كما أوضحت أن الفكر ينتقل بسلاسة وانسيابية من المربين إلى الأجيال الشابة فالبيئة الحاضنة التي ينشأ فيها الأبناء تتحمل وزر الضياع الذي يعيشه بعض الشباب .
كما يجب على المؤسسات التربوية أن تمنح الفرد الحق في التعبير عن الرأي والرغبة الشخصية والميول دون أن تهمل دورها في التوجيه والإرشاد المعقول لأن ذلك يصنع فكرا منتجا يثري الوسط الشبابي . دون نكران تأسيس فكر لدى الشباب قائم على أرضية ثابتة تعمل على تقوية الشخصية والفكر وإيجاد مناعة ضد المؤثرات السلبية التي قد تطمس المعالم الإنسانية السوية والقيم لدى الفرد ، وبذات الوقت لاحاجة للخوف على الأبناء من الانفتاح على الثقافات الأخرى بل ذلك قد يفتح لهم آفاقا بعيدة مليئة بالوعي والنضج .
لذلك لا بد من العمل على تأسيس أرضية فكرية ثابتة تعمل على تقوية الشخصية المفكرة المتوازنة وإيجاد مناعة ضد المؤثرات السلبية التي قد تطمس المعالم الإنسانية السورية والقيمية لدى الفرد.