الثورة أون لاين – ناصر منذر:
منذ نشأتها عام 1928 في مصر، قامت حركة الإخوان المسلمين الإرهابية على أساس المتاجرة بالدين لأهداف سياسية تصب في مجملها في خدمة الكيان الصهيوني، وعلاقة هذه الحركة المشبوهة كانت متجذرة منذ البداية مع الدول الاستعمارية المرتبطة بشكل وثيق مع الصهيونية العالمية، وعلى رأس هذه الدول بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم، وفي ذات الوقت كانت هذه الحركة توهم أتباعها والناس البسطاء بأنها العدو الأكبر للكيان الصهيوني الغاصب، والمدافع الأول عن الشعب الفلسطيني، ولكن أكاذيبها وادعاءاتها الزائفة شيء، وأفعالها على أرض الواقع شيء آخر، فهي استطاعت أن تخرق المجتمعات العربية باسم الدين، حرفت الكثير من تعاليمه وقيمه السمحة، واستخدمت شعاراته لتسويق مشروعها للسيطرة على العقول، بما يخدم مصلحة قوى الاستعمار الداعمة للكيان الصهيوني، واللاهثة وراء تكريس وجوده اللاشرعي على أرض فلسطين التاريخية، وبعض الروايات تؤكد أن المنظمات الصهيونية المعروفة هي من زرعت هذا التنظيم الإرهابي ليقوم بتنفيذ مخططاتها ومؤامراتها الدنيئة في البلاد العربية والإسلامية.
كثيرة هي الشواهد التي تعري وتفند زيف إدعاءات “جماعة الإخوان” لجهة موقفها تجاه القضية الفلسطينية، وكيان العدو الصهيوني، فهي لطالما تلونت حسب مصالحها وأهدافها الوصولية والانتهازية، ولعل في مسار التطبيع المجاني الحاصل اليوم مع الكيان الصهيوني وعقد التحالفات العسكرية والاقتصادية معه مثال على ذلك، وربما يكون النظام التركي بزعامة الإخونجي رجب أردوغان المثل الأبرز في المتاجرة بدماء الفلسطينيين، وهو في الوقت ذاته رأس الحربة في تصفية قضيتهم لحساب الكيان الصهيوني.
المغرب على سبيل المثال، وقع اتفاق تطبيع مع الكيان الصهيوني قبل أيام قليلة، والمفارقة التي تفضح مدى العلاقات المتجذرة بين “جماعة الإخوان” وحكام العدو الإسرائيلي، هي أن رئيس الحكومة المغربية، وهو نفسه الأمين العام السابق لـ ” حزب العدالة والتنمية” التابع للإخوان المسلمين هو من وقع اتفاق التطبيع، علما أنه كان قبل استلامه منصبه الحكومي يصف عمليات التطبيع بالإبادة الحضرية، وبأنه يعطي الشرعية لقتل الفلسطينيين وهدم منازلهم وبناء المستوطنات، ولكنه لم يتورع لحظة واحدة عن توقيع الاتفاق بنفسه عندما حانت الفرصة المناسبة، والمفارقة الأدهى أن الإخوان المسلمين في هذا البلد، ورغم كل ادعاءاتهم الزائفة بالوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، سبق وأن حذفوا اسم فلسطين من خريطة الشرق الأوسط من مناهجهم المدرسية واستبدلوها باسم “إسرائيل”، وقبل نحو عام تداول العديد من المغاربة صورا لصفحات من الكتاب المدرسي الذي طرحته إحدى دور النشر المغربية ومقرها الرئيسي بمدينة الدار البيضاء، وتظهر عليه خريطة المنطقة، وقد أزيلت منها دولة فلسطين وعوضت “بإسرائيل”، ونسب لها كل المعالم الأثرية الإسلامية خاصة المسجد الأقصى، وهذا الكتاب الموجه لتعليم اللغة الفرنسية، يصف القدس المحتلة بأنها عاصمة الكيان الإسرائيلي، والكثير اعتبر هذا الكتاب بأنه حلقة أخرى من التطبيع تستهدف الجيل الناشئ، ولاسيما أنه جاء في وقت شهدت فيه الأراضي الفلسطينية المحتلة احتجاجات غضب عارمة رفضا لـ”صفقة القرن”، الرامية لتصفية الوجود الفلسطيني.
ولعل المثال الصارخ لنفاق “الإخوان المسلمين” تجاه القضية الفلسطينية، هو ما يقوم به حزب “العدالة والتنمية” التركي، ويجسد فيه الإخونجي أردوغان أعلى درجات الكذب والدجل والتضليل، والتلاعب بمشاعر المسلمين حول العالم في سياق متاجرته بدماء الفلسطينيين وحقوقهم وقضيتهم المشروعة، وغني عن القول بأن العلاقات الرسمية بين تركيا والكيان الصهيوني بدأت منذ آذار عام 1949، عندما اعترفت تركيا كأول دولة ذات أغلبية إسلامية بالكيان الصهيوني على حساب الفلسطينيين، إلا أن تلك العلاقة توطدت عراها أكثر بعهد حكومة الإخوان المسلمين بزعامة أردوغان اليوم، فهو لم يترك مناسبة إلا واستغلها للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، كمسرحية “دافوس” والاشتباك اللفظي مع رئيس الكيان الصهيوني شيمعون بيريز، وحادثة مرمرة التي قتل فيها تسعة أتراك.
ورغم كل الخطب الرنانة، واستعراض القوة الزائفة التي أبداها أردوغان ضد الكيان الصهيوني، إلا أنه في الوقت ذاته كان يعقد المزيد من الاتفاقيات العسكرية والتجارية مع الكيان الغاصب، فأصبحت تركيا بعهده ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تحتضن أكبر مصانع أسلحة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والاتفاق الأخطر هو الذي عقده الجانبان في السابق ويقضي بتبادل الطيارين العسكريين بينهما 8 مرات في السنة، وبموجبه يشرف الطيارون الأتراك على تدريب وتنمية قدرات طياري جيش الاحتلال الصهيوني، ليكون تصويبهم أكثر دقة في استهداف رؤوس الفلسطينيين.
ولعل التحالف العضوي بين ” جماعة الإخوان” والكيان الصهيوني تجلى بأبشع صوره من خلال الحرب الإرهابية على سورية، والتي من أهدافها الأساسية تمرير “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، وتهيئة المناخ والأرضية المناسبة لنقل خطوات التطبيع الجارية اليوم من السر إلى العلن، وهذا التحالف تجسد من خلال انخراط نظام أردوغان والكيان الصهيوني جنبا إلى جنب في العدوان على سورية، ودائما ما كانت اعتداءات الكيان الصهيوني على مواقع الجيش العربي السوري تأتي بالتوازي مع تصعيد الاحتلال التركي جرائمه بحق المدنيين في الشمال السوري، من دون أن ننسى بطبيعة الحال الدعم القطري المتواصل للتنظيمات الإرهابية التي تعتبر في النهاية أذرع صهيونية بامتياز، يشرف على رعايتها وتدريبها نظام الإخونجي أردوغان، وتساهم في تمويلها مشيخة قطر، الداعمة والممول الأبرز لجرائم “جماعة الإخوان” الإرهابية.