الملحق الثقافي – هفاف ميهوب:
من عادةِ السوريين، أن يستقبلوا العام الجديد مع تباشيرِ الربيع القادم من رحمِ المطر، وبعد دهرٍ من الزمن، حين تبلورت أفكارُ الظهورِ النوريّ من بوابة الهلال الخصيب، اتَّخذت السَّنة الجديدة شكلاً آخر، حيث أعطى ميلادُ النور فسحةَ الأيام السبع، حين كانت الشَّمس في أبعد نقطةٍ عن الأرض، وكأنها وُلِدت من جديد في الخامس والعشرين من كانون الأول، فكان ميلاد السيدِ المسيح عنواناً آخرَ من عناوين الأمّة السورية، والأيام السَّبع هي الشاهدة على تلك الولادة.. على البداية الأولى الخلق.
بعد اكتمالِ الخلق، كان لابدَّ من أن تنطلق مواسم الاحتفاءِ بالعام الوليد، مع مراسمِ وداع العام العجوز. إنه نتاجُ الفكرِ الحضاري القديم.
بين الفرات شرقاً، وبين الفرات غرباً، نمت بذور الإنسانية وعانقت النيلَ المقدَّس، وعليه اتَّخذ الغرب من حضارتنا القديمة، ربيعَ أعوامه الجديدة، كما اتَّخذ ميلاد شتائه نوراً على نور، من معينِ ذاتِ الحضارة.
هنا، ما بين تدمر والجليل، حكاية مغارةٍ ونبيّ، فلا تعجب أيُّها السوري أن نكون نحن من أرَّخنا للكرة الأرضية، وأن نكون أيضاً، من منحَ التاريخ شباباً متجدِّداً، بشخصِ السيد المسيح.
أرّخنا ومنحنا ذلك، فكان عهداً جديداً متَّكئاً على لَبِناتِ الفكر الأولى. تلك التي صاغته جبلاً يُضاف إلى جبال سوريّة.. جبلٌ عظيم، وهو نظير جبل صافون. جبل الإله بعل.
فيا أيها السوريون، وأينما كُنتم في بقاعِ الأرض: أنتم أبناءَ ميلادٍ يستحقُّ من العالمِ أن يباركه قائلاً: كل عامٍ وميلادكم ميلاد المطر.. ميلاد النور.. ميلاد الحضارة العظيمة الباقية.
29-12-2020
رقم العدد 1026