الملحق الثقافي:د: نور الدين أبو لحية :
من الحكايات التي سيُسجلها التاريخ بأقلامٍ من دماءٍ وألم، حكاية البترول السوري. ذلك البترول الذي لم يكن يملكه الأمراء ولا السلاطين، ولم يكن ريعهُ يخزّن في بنوكِ أميركا ولا سويسرا، وإنما كان بترولاً سورياً مخصصاً لأطفال سورية وشبابها وشعبها، وكان وسيلة لسدِّ احتياجات هذا الشعب.
بعد أن رأى الأربعون لصاً ذلك، وبأن الشعب السوري هانئٌ وقانع بما أتاه من رزقٍ حلالٍ يثريه، راحوا يتآمرون عليه، ساعين إلى تخليصه من كلِّ ما يملك، وبالأخص بتروله الذي يشكّل أهم ثرواته.
لم يكن دافع أولئك اللصوص، الفقر أو الحاجة حتى يدافع عنهم المحامون، أو يبرِّر لهم من تعودوا أن يبرروا الجرائم، ويجدوا المسالك لأصحابها، فقد كانوا جميعهم أغنياء، بل يملكون من آبار البترول ومناجم الذهب وخزائن الأموال، ما تتضاءل أمامه كنوز قارون وأمواله.
كان على رأس أولئك المتآمرين، اللص المسمى، بـ «الشيطان الأكبر». «أردوغان» العثماني الذي لم يكن يرتاح لأي شعبٍ أو سلطة لا تخضع لسيادته، أو ترسل له عرابين الولاء، ومعها الإتاوات وأنواع الجزية المشفوعة بالتقديس والتعظيم. لذلك، أمر كلّ زبانيته من اللصوص، بأن يسعوا لاستخدام كلّ الحيل لسرقة جميع آبار البترول السورية، وبشكلٍ سرّي لا يثير غضب أي جهة من الجهات التي قد تستنكر فعلته، ولاسيما تلك التي تتوافق في جشعها ومطامعها، مع جشعه ومطامعه.
لقد كان من أولئك الزبانية، من يُعتبروا بني عمومةٍ للشعب السوري، لكنهم لم يراعوا حق قرابته ولا صلة الرحم التي تصل بينه وبينهم، لأنهم سلّموا أنفسهم للشيطان الأكبر، وراحوا يتآمرون معه على إخوانهم وبني عمومتهم.
هؤلاء، سرعان ما أذعنوا لمطالب هذا الشيطان، وما أسرع ما وجدوا الأدوات التي تسهّل لهم أدوارهم اللصوصية التي سعوا لجعلها لا تترك أي أثرٍ يدلّ عليهم، ويؤكد إجرامهم.
تمثلت تلك الأدوات، في أولئك الرجال الذين يصعدون المنابر، ويصلون بالناس في المحاريب، لكن قلوبهم قلوب ذئاب، وعقولهم عقول عصافير، ولا دين لهم إلا دين ملوكهم وسلاطينهم.
أخذ هؤلاء الدجالون، يستعملون كل ألوان الخدع والمكر لتوفير أكبر عدد من اللصوص وإرسالهم إلى أرض سورية، بحجة أنهم يريدون تطهيرها من الكفرة والزنادقة، ولقد كانت الهجمة ثقيلة على هذا البلد وعلى آبار بتروله، حيث استطاع هؤلاء الزنادقة أن يصلوا إليها بعد جهدٍ جهيد.. حينها راحوا يبحثون عمن يبيعون له ذلك البترول، وسرعان ما وجدوه في ذلك السلطان الشيطان الذي أراد أن يُحيي السلطنة، باستبداده وجبروته وظلمه وإجرامه.. سلطنته التي لأنه شعرها تحتاج أموالاً كثيرة، سعى لشراء ذلك البترول بأبخسِ الأثمان، وبدأ بإطعام شعبه من المال الحرام الذي سعى إليه، وبضمِّ اللصوص الذين اشترى منهم البترول، إلى صفوف لصوصه الغارقين في آثامهم اللعينة والرجيمة.
بعد أن انهارت تلك الرايات السوداء المظلمة، وبدأ الشعب السوري بجيشه الباسل يستعيد أرضه وخيراته، جاء الشيطان الأكبر بمعونة الشياطين الصغار، ومعه كل أصناف الأسلحة التي أراد منها منع السوريين من بترولهم، عقوبة لهم على صبرهم وبسالتهم وتضحياتهم، ومواجهتهم له ولعبيده، وحبهم لوطنهم واستقتالهم في الدفاع عنه.
بقي الشيطان الأكبر يسيطر على تلك الآبار، وكان لا يأخذ ريعها فقط، بل يأخذ من بني عمومة الشعب السوري، إتاوات ضخمة عقوبة لهذا الشعب العظيم، الذي رفض الخضوع للشيطان واللصوص من أتباعه.
هذه بداية القصة، أما نهايتها، فهي اللعنة التي بدأت تتوالى على كل لصٍّ من هؤلاء اللصوص، بل على سواهم ممن أتوا من كافة أنحاء الشرّ والحقد والتوحش، للانقضاض على سورية، وللمتاجرة بدماء أبنائها وسرقة خيراتها.. اللعنة، التي هي لعنة التاريخ، ولعنة الأيام، ولعنة الأمهات الثكالى، والأرواح التي أُنهكتْ بآلامها ومعاناتها.
إنها اللعنة السوريّة، ولعنة كلِّ من تضامن معها أو ساندها، وسواء بسلاحه أو بقلمه أو موقفه، أما البقية الحاقدة والمُخزية، فلن يرحمها أيّ قلبٍ سوري، وأي حرفٍ حضاري.. أي سلاحٍ يدافع عن الكرامة ويرفع رايتها، وأي حقٍّ ينصفُ الأوطان ويثني على مقاومتها.
كاتب وباحث جزائري
التاريخ: الثلاثاء12-1-2021
رقم العدد :1028