الحزب الجمهوري الأمريكي بين الإفلاس السياسي والانهيار الأخلاقي

الثورة أون لاين – ريم صالح:

إذا ما تأملنا جيداً بتطورات الأحداث ومساراتها على خشبة الاستعراض الأمريكية ، لوجدنا أن صورة الحزب الجمهوري الأمريكي قد انكسرت وتحطمت لتتكشف على حقيقتها ، وهذا ليس فقط من وجهة نظر الشارع الأمريكي ، وإنما أيضاً من وجهة نظر كل شعوب العالم وقياداته .
ما بعد أحداث الكابيتول في السادس من كانون الثاني ، فإن أميركا تختلف تماماً عن ما قبلها ، حيث حدث شرخ ، وصدمة ، وانشقاقات في المواقف ، وفقدان ثقة بكل المفاهيم والشعارات حول الحرية والديمقراطية التي سبق للجمهوريين أن روجوا لأنفسهم على أنهم المشرِّعون الأوائل لها ، فيما أحداث الكابيتول وما قام به أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الجمهوريون يعرِّي كل هذه المزاعم .
وإذا ما عدنا إلى دفاتر التاريخ لوجدنا أن الحزب الجمهوري الأمريكي الذي تأسس عام 1854 يُشار إليه بوصفه الحزب القديم “العظيم” ، وحسب هذه السجلات فإن هذا الحزب يركز على المساواة ، وتكافؤ الفرص ، ويتبنى قيماً محافظة اجتماعياً ، وخلافاً للحزب الديمقراطي ، فإن الحزب الجمهوري يرفض زيادة الضرائب ، كما أنه استمد شعبيته في الأوساط الأمريكية كونه رفع شعار محاربة الرق والعبودية في البلاد .
ولكن أين الحزب الجمهوري اليوم في ميزان الرضا الأمريكي الداخلي ، قبل الرضا الخارجي العالمي ؟!، سؤال تجيب عنه ببساطة الإحصائيات ، والمواقف ، والسلوكيات ، وحتى السياسات الرسمية قبل الشعبية ، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الحقيقة التي وثَّقها المؤرخون والتي تقول أن ما جرى في الكابيتول يعتبر المرة الأولى التي يتم فيها اقتحام الكونغرس منذ عام 1814 عندما أحرقه البريطانيون خلال حرب 1812.
ألا يمكننا أن نقول بأن أحداث الكابيتول قلبت الطاولة بما عليها من أوراق على رأس الحزب الجمهوري ، وأنها أحدثت انشقاقات واسعة في صفوف الحزب ذاته ، وفي أوساط الأمريكيين أيضاً ؟!، وإلا كيف يمكننا أن نفسر مواقف الرؤساء الأمريكيين من هذه الأحداث الدامية ؟!، وكيف يمكننا أن نبرر تخلي الجمهوريين بالآلاف عن حزبهم وانشقاقهم عنه ؟!.
الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما اعتبر أحداث الكابيتول وما تخللها من عنف أعمالاً مخزية ، لكنها ليست مفاجئة ، ملقياً باللوم على قادة الحزب الجمهوري ووسائل الإعلام الموالية لهم ، الرئيس الجمهوري الأسبق جورج دبليو بوش شن أيضاً هجوماً عنيفاً على القادة الجمهوريين الذين أججوا حالة التمرد التي شهدها مبنى الكابيتول والتي تليق بـ”جمهوريات الموز على حد وصفه وليس بجمهورية بلاده الديمقراطية .
أما الرئيس السابق الديمقراطي بيل كلينتون فقد اعتبر ما حصل اعتداء غير مسبوق على المؤسسات الأمريكية ، معتبراً أن هذا الهجوم غذَّته أربع سنوات من السياسات المسمومة والتضليل المتعمد ، فيما كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هو الآخر قالها بالفم الملآن : لم أعد أعتبر نفسي جمهورياً بعد الآن .
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه مصادر رسمية انسحاب أكثر من 30 ألف أمريكي من الحزب الجمهوري خلال الأسابيع التي تلت اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني من قبل مؤيدي ترامب .
صحيفة ذا هيل حول هذا الموضوع قالت إن الموجة الهائلة من الانشقاقات عن الحزب هي في الواقع نزوح جماعي غير مسبوق ، يمكن أن يسبب مشاكل لحزب يحاول شق طريقه بعد خسارته السباق الرئاسي ، والأغلبية في مجلس الشيوخ .
المحللة السياسية آنّا ياروفايا من ناحيتها نشرت في صحيفة فزغلياد مقالاً لها توقعت فيه زوال الحزب الجمهوري الأمريكي بعد وضوح الشرخ بين قياداته وقواعده ، موضحة أن 72 % من الناخبين الجمهوريين “ترامبيون” ، ولن يدعموا أبداً هؤلاء السياسيين الذين تخلوا عن ترامب ، وسيؤدي هذا الانقسام إلى إضعاف الفرص الانتخابية للحزب بشكل كبير في ظل ظروف نظام الأغلبية الانتخابي ، وفي مثل هذه الحالة سيصبح تناوب الكوادر داخل الحزب أمراً لا مفر منه ، ونتيجة لذلك ، ستصبح “الترامبية” أساس الأيديولوجية الجمهورية ، وهكذا ، فإن الحزب في شكله الحالي سوف يكف عن الوجود ، وسوف تأتي قوة جديدة لتحل محله .
هذا في حين كشفت دراسة سويدية أن الحزب الجمهوري الأمريكي لم يعد يختلف عن الأحزاب المستبدة ، ووجدت الدراسة أن الحزب الجمهوري في ظل ترامب تحول من الدفاع عن الأعراف الديمقراطية إلى تشجيع العنف ، ورأت الدراسة التي أعدها معهد في- ديم في جامعة غوتنبرغ بالسويد – أن التحول في الحزب الجمهوري بدأ مطلع القرن الحالي حيث تبنى شيطنة وتشجيع العنف ضد معارضيه .
وفي تقرير أعده جوليان بورغر بصحيفة الغارديان أوضح الأخير أن الحزب الجمهوري فقد صفته الليبرالية في العقدين الماضيين وبات يشبه الأحزاب في المجتمعات المستبدة في أوروبا وأكثر تشدداً من أحزاب – يمين – الوسط المشابهة له في القارة الأوروبية .

وبناء عليه يمكننا أن نقول إن الحزب الجمهوري هو قاب قوسين أو أدنى من نهايته ، ليس هو فحسب بل يمكن أن نمضي أشواطاً أبعد من ذلك ، ونقول إن الإمبراطورية الأمريكية بدأت مرحلة خطيرة في تاريخها ، وما هذه الأحداث الدامية ، والانشقاقات الحزبية ، والرفض الشعبي لسياسات حكامها إلا الشرارة الأولى لهذا التاريخ الجديد

 

آخر الأخبار
ماجد الركبي: الوضع كارثي ويستدعي تدخلاً دولياً فورياً حاكم مصرف سورية المركزي: تمويل السكن ليس رفاهية .. وهدفنا "بيت لكل شاب سوري" عمليات إطفاء مشتركة واسعة لاحتواء حرائق ريف اللاذقية أهالي ضاحية يوسف العظمة يطالبون بحلّ عاجل لانقطاع المياه المستمر الشرع يبحث مع علييف في باكو آفاق التعاون الثنائي حافلات لنقل طلاب الثانوية في ضاحية 8 آذار إلى مراكز الامتحان عودة ضخ المياه إلى غدير البستان بريف القنيطرة النقيب المنشق يحلّق بالماء لا بالنار.. محمد الحسن يعود لحماية جبال اللاذقية دمشق وباكو.. شراكات استراتيجية ترسم معالم طريق التعافي والنهوض "صندوق مساعدات سوريا" يخصص 500 ألف دولار دعماً طارئاً لإخماد حرائق ريف اللاذقية تعزيز الاستقرار الأمني بدرعا والتواصل مع المجتمع المحلي دمشق وباكو تعلنان اتفاقاً جديداً لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا مبادرات إغاثية من درعا للمتضررين من حرائق غابات الساحل أردوغان يلوّح بمرحلة جديدة في العلاقة مع دمشق.. نهاية الإرهاب تفتح أبواب الاستقرار عبر مطار حلب.. طائرات ومروحيات ومعدات ثقيلة من قطر لإخماد حرائق اللاذقية عامر ديب لـ"الثورة": تعديلات قانون الاستثمار محطة مفصلية في مسار الاقتصاد   130 فرصة عمل و470 تدريباً لذوي الإعاقة في ملتقى فرص العمل بدمشق مساعدات إغاثية تصل إلى 1317 عائلة متضررة في ريف اللاذقية" عطل طارئ يقطع الكهرباء عن درعا تمويل طارئ للدفاع المدني السوري لمواجهة حرائق الغابات بريف اللاذقية