ثمة مواقف وتصريحات تشير إلى تغييرات محتملة في الموقف الأميركي تجاه سورية مع إدارة بايدن، وثمة اعتقاد راسخ أن تلك السياسات لا تتغير مع تغيير ساكن البيت الأبيض أياً كان جمهورياً أم ديموقراطياً .
ففي موقف لافت ﺗﻤّنع وزير الخارجية الأميركية الجديد أنتوني بلينكن، عن تأييد اعتراف إدارة ترامب بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل معقباً في الوقت ذاته بأن (السيطرة على الجولان في هذا الوضع لها أهمية حقيقية لأمن (إسرائيل)). ما يعني قول الشيء وعكسه في ذات الوقت، وهو بذلك يتنكر لقرار ترامب، فيما يعيد تكرار الرواية الصهيونية بأن سورية بوضعها الحالي وهي تواجه الإرهاب بفصائله ومجموعاته المنتشرة في أكثر من منطقة ما زالت تشّكل (تهديداً لأمن إسرائيل). وأضاف: (إن الأسئلة القانونية) يقصد حول الاعتراف (شيء آخر وﺑﻤرور الوقت إذا تغير الوضع في سوريةً، فهذا شيء نبحثه، لكننا لسنا قريبين من ذلك).
الصورة هذه بالعودة إلى سياسة العصا والجزرة التقليدية، لكنها تعطي انطباعاً أولياً عن رغبة في تغيير الصورة المعروفة سابقاً عن سياسة الرئيس ترامب التي اتصفت بالصلف والغرور والتناقض .
وفي موقف ثانٍ لافت أيضاً فقد صدرت تصريحات منسوبة لوزارة الدفاع الأميركية قال فيها الناطق الرسمي باسم البنتاغون إن مهمة القوات الأميركية في سورية ليست حماية آبار النفط، ولكن تنحصر مهمة تلك القوات البالغة تسعة آلاف عسكري في قتال تنظيم داعش الإرهابي، الأمر الذي يعكس التناقض في جوهر الموقف، فكيف تحتل قوات أجنبية أرضاً سورية وتدعي قتال داعش ولا تقوم بالتنسيق والتشاور المباشر والكامل والكبير مع الجهة التي تحارب داعش وكل التنظيمات الإرهابية منذ ما يقارب العقد من الزمن، وهي ما زالت مستمرة في تنفيذ تلك المهمة المقدسة دفاعاً عن العالم الحر نفسه مثل الدفاع عن سورية والوطن العربي بمواجهة هذا الخطر الذي يتهدد انتشاره العالم كله، وهذا ما نراه من مواقف الحكومات كلها في الخشية من عودة انتشار داعش، وحتى عودة مقاتلي داعش أو أسرهم وعائلاتهم إلى دول أوروبا بخاصة.
هذه المؤشرات وتصريحات غيرها تعكس انطباعاً أولياً في وجود احتمالات قوية لتغيرات في المواقف العدوانية للولايات المتحدة الاميركية وستتبعها القارة الاوروبية العجوز في تغيير موقفها، لكن الوقائع على الأرض وتاريخ العداء والخلافات في الفترة الماضية القريبة لا تبشر أبداً بوجود عوامل إيجابية محتملة، ذلك أن الفكر والخلفية الاستعمارية والرغبة في السيطرة على المقدرات الاقتصادية والسيطرة على المنطقة ما زالت محددات أساسية لسياسة الغرب تجاه سورية والمنطقة العربية كلها، وهي لن تتغير طالما بقي العرب وحكوماتهم على هذا الحال من الخلافات والتشرذم والضعف، وفي سورية هناك حقيقة راسخة أساسها الثبات والصمود ورفض الهيمنة الخارجية كلها تشكل عناصر المواجهة التي تنتهي بالانتصار، وهذا الرهان الأكبر.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد