الثورة أون لاين – رشا سلوم:
لم يكن التراث العربي يوماً ما بعيداً عن الفكر التربوي أبداً.. ويمكن للباحثين في هذا اللون من العلوم أن يقفوا على ملامح أكثر من نظرية تربوية في تراثنا القديم ..وقد نوقشت الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في ذلك ..
ربما كانت الراحلة ملكة أبيض أول من بدأها..
اليوم تعود الدراسات إلى التعمق أيضاً في البحث وتتخذ شخصيات محددة لذلك كما فعل سعيد شريفي في بحثه عن الفكر التربوي عند الماوردي وهو يرى أننا
لا نجد نظرية تربوية خاصة عند الماوردي، ولكن يمكن أن نستوحي هذه النظرية من أهم كتبه منها الأحكام السلطانية وقوانين الوزارة، وكتاب أدب الدنيا والدين، وكتاب الرضاع، وقد انطلق الماوردي من طبيعة الإنسان ودور المجتمع في تغيير المجتمع حيث أعطى أهمية للعقل وبيّن أن من حكمة الله أنه خلق الإنسان ضعيفاً ليدرك عجزه ويرى أن التهذيب والتربية ملازمان لفكر الإنسان، وبيّن دور العقل في عملية التربية، وبهذا سبق برتراند راسل في الفعل التربوي وتحدث عن العوامل البيولوجية والعادات والمواضعات الاجتماعية والثقافية في نشأة الإنسان.
ومن الكتب المهمة أيضاً الدراسة التي حملت عنوان ..الفكر التربوي عند الماوردي تأليف الدكتور فاضل عباس علي النجادي..وقد صدر الكتاب عن دار تموز بدمشق …
والكتاب الذي نتحدث عنه يتناول عبر ما يقارب ال٣٠٠ صفحة الكثير من القضايا التي كان الماوردي مشغولاً بها ..وهي معالم التربية التي عمل عليها .
من هو الماوردي ..؟
تشير الممعطيات التي قدمتها الكتب والمواقع إلى أنه سمي الماوردي، نسبة إلى مهنة بيع ماء الورد في أسرته، أو عمله فيه. ولد في البصرة، وفيها انكبَّ على التحصيل العلمي، يطلبه في مجالس الفقهاء والمحدثين والمناظرين، وأهل العربية وفنونها، فامتلك الحجة وناصية العربية، وانتقل إلى بغداد حاضرة العلم والأدب، يرتاد مجالس الفقه والحديث والتفسير واللغة، فيكتسب أصول الفقه والمناظرة.
وكان له حلقة يقصدها طلاب العلم وذوو المكانة فيه، يشرح لهم أصول الفقه وقواعده، والسياسة وأحكامها، والخلافة وموجباتها، والوزارة والولاية والدواووين، وكلٌ يشهدون بسعة اطلاعه، وينتفعون باستنباطاته.
وللماوردي النكت والعيون والمجلد الخامس منه في تفسير القرآن والحاوي الكبير الذي طبع في (24) مجلداً ونصيحة الملوك وتسهيل النظر في سياسة الحكومات، وأعلام النبوة ومعرفة الفضائل والأمثال والحكم والإقناع في الفقه، وقانون الوزارة وسياسة الملك وغير ذلك..
وكتاب الدكتور علي النجادي يبحث في الفكر التربوي الذي أسسه الماوردي، وسلط الضوء على عصره، ومن اللافت ان الماوردي نهض بفكر تربوي جديد، نجد أسسه اليوم بصيغ مختلفة، لكنه قام على ما أسس له الماوردي، الكتاب يقع في 286 صفحة من القطع الكبير وقد صدر بدمشق عن دار تموز .