الثورة – متابعات
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن ملف المقاتلين الأجانب الذين حاربوا في سوريا إلى جانب فصائل المعارضة لايزال يشكّل أحد أبرز التحديات السياسية والأمنية التي تواجه الرئيس السوري أحمد الشرع، في وقت تدخل فيه البلاد مرحلة حساسة من التحوّل وإعادة بناء مؤسساتها.
وبحسب التحقيق الذي أجرته الصحيفة من داخل سوريا، ترى الحكومة السورية الجديدة في هؤلاء المقاتلين “شركاء في السلاح” و”أوفياء للثورة”، بينما ينظر إليهم الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بقلق بالغ، نتيجة ارتباطات بعضهم بمجموعات متطرفة شاركت في النزاع، أو بسبب تجارب سابقة مشابهة في دول أخرى.
منذ اندلاع الثورة في عام 2011، توافد الآلاف من الجنسيات المختلفة إلى الأراضي السورية للانضمام إلى الفصائل المسلحة، لاسيما في المناطق الشمالية والشرقية، وشاركوا في معارك واسعة النطاق ضد قوات النظام، واليوم، يبرز وجودهم كملف شائك يتقاطع فيه البعدان الداخلي والدولي.
الرئيس أحمد الشرع، وفق الصحيفة، يحاول الموازنة بين الاعتراف بمساهماتهم ودورهم في الثورة، وبين الضغط الدولي المطالب بإخراجهم أو تحجيم نفوذهم. وفي هذا السياق، نقلت “نيويورك تايمز” عن مصادر مطلعة أن الحكومة السورية بدأت بدمج عدد من هؤلاء المقاتلين في صفوف الجيش النظامي ضمن عملية إعادة الهيكلة العسكرية.
الصحيفة أشارت إلى أن العديد من المقاتلين الأجانب لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم الأصلية خوفاً من الملاحقة القانونية أو السجن، بينما أنشأ كثير منهم أسراً داخل سوريا، ما يعقد فكرة ترحيلهم أو إنهاء وجودهم بشكل قاطع.
وفي مقابلة أجراها الرئيس الشرع مع “نيويورك تايمز” في أبريل/نيسان الماضي، ألمح إلى إمكانية منح الجنسية لبعض أولئك المقاتلين الذين عاشوا سنوات في سوريا وشاركوا بفعالية في الثورة، بشرط التزامهم بالقانون وعدم تهديدهم لأمن الدول الأخرى. وقال: “طالما أنهم لا يخلّون بالنظام العام ويحترمون السيادة، فلا مشكلة فعلية في وجودهم”.
تقديرات دبلوماسية أشارت إلى أن عدد المقاتلين الأجانب المتبقين في سوريا يتراوح بين 3,000 و5,000، معظمهم من الإيغور ودول قريبة من النفوذ الروسي، بالإضافة إلى بعض الجنسيات العربية.
وفي تطور لافت، أكدت الصحيفة أن الإدارة الأميركية وافقت مؤخراً على خطة مقترحة من الحكومة السورية تقضي بدمج هؤلاء المقاتلين ضمن صفوف الجيش الوطني، تحديداً ضمن الفرقة 84، وهو ما كان يُعد سابقاً شرطاً تعجيزياً أمام تطبيع العلاقات أو رفع العقوبات.
ونقلت وكالة “رويترز” عن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، قوله إن هناك تفاهماً واضحاً مع دمشق بشأن دمج نحو 3500 مقاتل أجنبي، غالبيتهم من الإيغور ودول الجوار، ضمن الترتيبات العسكرية الجديدة، في إطار مسار أوسع لإعادة هيكلة العلاقة بين البلدين.
وختمت “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الملف سيظل محط أنظار المجتمع الدولي، باعتباره أحد المؤشرات الحساسة على قدرة سوريا الجديدة على الموازنة بين متطلبات الأمن الداخلي وضغوط الشراكة الدولية.
