الثورة _ رنا بدري سلوم:
لم يقف ضيق التنفس عائقاً أمامه في الدخول الى إحدى الخزانات وحرّاقات النفط لتصوير فيلمه الوثائقي “أموال وسط الدخان” ، فلم تكن للمسافات أهمية ولا للزمن أيضاً، شهران مضى على ولادة فيلم وثائقي حمل رسالته الإنسانية وهويته السوريّة ليحصد اليوم الذهبية بمهرجان DEAUVILLE GREEN AWARDS في فرنسا، منافساً 500 فيلم حول العالم.
مؤلف ومخرج الفيلم الزميل عمر البم وفي حديث خاص “للثورة” بين أن الفيلم الوثائقي هو قصة الأطفال الذين هربوا من ويلات الحرب ليعملوا في حرّاقات منطقة ترحين” بريف حلب الشمالي، يعيشون ويطبخون النفط ويدمنون على أدوية أمراضهم المستعصية التي خلفتها تلك المهنة في منطقة مخصّصة لتكرير النفط فقط، ومع ذلك يقطنون في مخيمات بالقرب منها، فيحاصرهم دخان الحراقات كيفما اتجهوا، ما يسبب أمراضاً مزمنة كمرض السرطان و”التلعيس “والتليف الرئوي والأورام، عدا عن أمراض العيون والندوبات التي تتركها ألسنة النيران على أجسادهم الغضّة.
ويشير البم إلى أن سياسة النظام البائد لم تكن بريئة من ضحايا لقمة العيش بسبب قطع طرق المساعدات الإنسانية واحتكار النفط ما ساهم في لجوء معظم الأطفال إلى العمالة وتحمل المهنة الشاقة والتي تؤدي أحياناً إلى الموت نتيجة مضاعفاتها وأسباب الاشتعال المفاجئ.
وقد عرض البم في فيلمه الوثائقي المتقن الصنع الآراء بدءاً من أسر الأطفال مروراً ببيئة العمل المضنية وصولاً إلى التخصّصات الطبية وعمل الدفاع المدني في وسط الحرائق، فيلم مدته عشرون دقيقة لكن في مضمونه أعواماً من الحرقة والظلم والأسى الأسدي.
“أموال وسط الدخان” من تصوير وإخراج عمر البم، ومونتاح مالك ابو عبيدة، وهو من إنتاج قناة العربيّة، بإشراف ومتابعة المخرجة لبنى حداد.