الثورة – وعد ديب:
يلعب المصرف المركزي دوراً منظماً وحيوياً في العلاقة بين الأسر والشركات من خلال أدواته النقدية والتنظيمية بعد الأزمة السورية، ويفترض أن يركّز هذا الدور على تحقيق التوازن بين حماية المستهلك (الأسرة) ودعم المستثمر (الشركة) لتحقيق الاستقرار والنمو.
يقصد بالأسر.. هي الجهات التي توفر الادخار عن طريق الودائع وتستهلك السلع والخدمات، كما يقصد بالشركات الجهات التي تقترض الودائع من المصارف كرأس المال للإنتاج والتوظيف، وتقدم السلع والخدمات، وإن العلاقة بينهما تعتمد على التمويل والاستهلاك، وهنا يأتي دور المصرف المركزي لتنظيم هذه العلاقة بما يضمن استقرار الاقتصاد.
عن دور المصرف المركزي في العلاقة بين الأسر والشركات
قال لصحيفة الثورة الدكتور في العلوم المالية والمصرفية في جامعة القلمون نهاد حيدر: من خلال إدارة السيولة والائتمان يحدد سعر الفائدة، الذي يؤثر على قرارات الأسر في الادخار أو الاقتراض (قروض سكنية، استهلاكية…).
قرارات الشركات في الاستثمار والتمويل (قروض إنتاجية، تشغيلية…).
في الأزمة السورية، يكون للمصرف المركزي دور في ضبط أسعار الفائدة لتقليل التضخم وتحفيز الطلب الفعّال.
وكذلك السيطرة على التضخم لحماية القوة الشرائية للأسر عبر أدوات السياسة النقدية (كعمليات السوق المفتوحة، الاحتياطي الإلزامي…)، وأن التضخم المرتفع يضعف استهلاك الأسر، مما يقلل من أرباح الشركات، والعكس صحيح.
إضافةً إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تشجيع التمويل المسؤول يصدر المصرف المركزي تعليمات للمصارف بتوجيه جزء من القروض نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة (لخدمة الأسر المنتجة).القروض السكنية (لتحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي).
وكذلك تكون العلاقة المصرفية- والكلام لحيدر- من خلال ضمان الاستقرار المالي الذي يخدم الطرفين عندما يعمل النظام المصرفي بكفاءة، تتمكن الأسر من الادخار بأمان، وتتمكن الشركات من الحصول على التمويل لتوسيع أنشطتها.
يتدخل المصرف المركزي وقت الأزمات لضمان عدم انهيار هذا التوازن.
أما فيما يتعلق بتعزيز الشمول المالي
فالمصرف يشجع المصارف على تقديم خدمات للأسر ذات الدخل المحدود (فتح حسابات، قروض صغيرة).
كما يدعم أدوات التمويل الجديدة التي تفيد الشركات الصغيرة (مثل المحافظ الإلكترونية، التمويل الإسلامي…).
دكتور العلوم المالية والمصرفية قدم شرحاً توضيحاً عن الأدوات النقدية والتنظيمية التي يستخدمها المصرف المركزي للعب دور منظم وحيوي في العلاقة بين الأسر والشركات، وقال: سعر الفائدة الأساسي أثره على الأسر: يؤثر على تكلفة القروض الاستهلاكية والسكنية، ويحفز الادخار عند ارتفاعه، أما أثره على الشركات يخفض أو يرفع تكلفة تمويل الاستثمارات والتشغيل.
عند خفض الفائدة- زيادة الطلب على القروض- دعم الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.
متابعاً.. ومن الأدوات أيضاً نسبة الاحتياطي الإلزامي النسبة التي يُلزم بها المصرف المركزي البنوك التجارية بالاحتفاظ بها من الودائع، وكلما انخفضت النسبة، زادت قدرة البنوك على الإقراض. وهذا يؤثر على قدرة المصارف على تمويل الأسر والشركات.
مضيفاً: وتلعب عمليات السوق المفتوحة شراء أو بيع السندات الحكومية دوراً لتنظيم السيولة، وإن الشراء يضخ سيولة في الاقتصاد (تحفيز)، والبيع يسحبها (انكماش)، وهي أداة غير مباشرة تؤثر على التمويل المتاح للأسر والشركات.
وكذلك إدارة سعر الصرف يؤثر تثبيت أو تعويم العملة على القوة الشرائية للأسر وتكاليف الاستيراد للشركات. وإن استقرار سعر الصرف يساعد الأسر على استهلاك السلع المستوردة، ويخفف التكاليف على الشركات.
الأداة.. تأثيرها على الأسر وعلى الشركات
سعر الفائد- تكلفة القروض والادخار- تكلفة التمويل والاستثمار الاحتياطي الإلزامي -توفر القروض- قدرة المصارف على تمويل الأعمال
تعليمات القروض -تسهيل الوصول للقروض السكنية -تحفيز القروض التشغيلية
سعر الصرف -استقرار الأسعار -تكلفة الاستيراد والتصدير..
وعن الأدوات التنظيمية للمصرف المركزي
نوه الخبير المالي والمصرفي بأن إعادة هيكلة المصارف تتم من خلال تقييم الوضع المالي للمصارف، وخاصة المتعثرة منها.
وكذلك دعم عمليات إعادة الرسملة لبعض البنوك إذا لزم الأمر. وتشجيع الاندماجات بين المصارف لتقوية مراكزها المالية.
وكذلك بالتعليمات الخاصة بمنح القروض حيث يتم تحديد شروط الإقراض للأسر (قروض سكن، قروض تعليم…) والشركات (قروض تشغيل، قروض استثمار). ويمكن توجيه التمويل نحو قطاعات محددة حسب أولويات التنمية.
وأيضاً سقف الإقراض ومخاطر التركّز يتم وضع حدود لنسبة القرض إلى الدخل (بالنسبة للأسر) أو إلى رأس المال (بالنسبة للشركات). وهذا يعمل على تخفيف المخاطر النظامية، وضمان توزيع عادل للائتمان.
وكذلك تعزيز الرقابة المصرفية والحوكمة حيث يتم التأكد من سلامة البنوك وقدرتها على خدمة كلا الطرفين (أسر + شركات) من خلال: تحديث نظام الرقابة والإشراف المصرفي وفق معايير بازل II و III.وIIII
فرض معايير ملاءة رأس المال والسيولة ومخاطر الائتمان بشكل أكثر صرامة.
مراقبة ممارسات الحوكمة داخل المصارف، وخاصة ما يتعلق بإدارة المخاطر.
وفيما يتعلق بتعليمات الشمول المالي- بحسب حيدر- يتم إلزام المصارف بتوفير خدمات مالية للفئات ذات الدخل المحدود والمشاريع الصغيرة مما يعزز وصول الأسر إلى التمويل، ويمكن من دعم تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMEs). ويؤدي إلى انتشار الخدمات المصرفية لتشمل المناطق النائية والمواطنين غير المتعاملين مع البنوك.
مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: مما يضمن بيئة مصرفية نظيفة وآمنة، تشجّع الأسر على الادخار والشركات على الاستثمار بثقة.
وشدد على إجراءات واقعية وضرورية يجب أن تتخذ بعد الأزمة السورية، منها إصدار تعاميم بتقييد حركة رؤوس الأموال خارج البلاد للحد من المضاربة على الليرة.
وكذلك إلزام المصارف بزيادة رأسمالها لمواجهة مخاطر الأزمة والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار. وتنظيم عمليات تمويل الاستيراد لضبط الطلب على القطع الأجنبي.
استقرار الليرة
وبرأي الخبير الاقتصادي حيدر يفترض أن يسعى المصرف المركزي إلى تحقيق أهداف مصرفية من خلال تلك الأدوات النقدية والتنظيمية، وهذه الأهداف هي
استعادة الثقة بالقطاع المصرفي من خلال
وضع سياسات نقدية ومالية تُعيد الثقة بالمصارف المحلية.
وكذلك تعزيز استقرار الليرة السورية لتقليل المخاطر المرتبطة بالإيداع والسحب. والإشراف على ضمان الودائع لحماية صغار المودعين.
دعم استقرار سعر الصرف والسياسة النقدية من خلال إدارة سعر الصرف للحد من تقلبات السوق، بما ينعكس إيجاباً على الجهاز المصرفي. والتحكم بمعدلات الفائدة للحد من التضخم وتحفيز الائتمان المنتج.
وكذلك تطوير البنية التحتية المالية برقمنة النظام المصرفي (نظام الدفع الإلكتروني، المحافظ الرقمية).. تحسين أنظمة الدفع والتسوية بين المصارف.