الثورة – جهاد اصطيف:
التقى محافظ حلب المهندس عزام الغريب وفداً من أبناء المحافظة، اليوم، يمثلون أحياء المدينة وريفها، لم يكن اللقاء عادياً، بل اتسم بجدية واضحة عكست حجم التحديات المعيشية والخدمية التي يواجهها السكان، ورغبة الأهالي في نقل صوتهم مباشرة إلى المسؤول الأول في المحافظة.
منذ بداية الجلسة، أبدى المحافظ انفتاحه على جميع الطروحات، مؤكداً أن سوريا تمرّ اليوم بمرحلة تثبيت الدولة، والداعم الأساسي لهذا المسار هم أبناء الشعب الذين دفعوا ثمن التحرير، مشدداً على أن هذه اللقاءات لن تكون شكلية، بل ستستمر بشكل دوري لضمان متابعة التنفيذ وتذليل العقبات.

بين الخدمات والعدالة الاجتماعية
الوفد نقل مجموعة واسعة من المطالب، يمكن تقسيمها إلى محاور رئيسة: أهمها الخدمات الأساسية، مثل إعادة الكهرباء والمياه بشكل مستقر، والإسراع بإيصال مياه الفرات للشرب والري كحلّ دائم لأزمة المياه، وتحسين الطرقات الريفية وزيادة نقاط الشرطة لحماية المارة، وتشديد الرقابة على الأفران وضبط أسعار المواد التموينية.
وفي مجال التعليم والثقافة، طالب الأهالي بضرورة تطوير التعليم ما قبل الجامعي وإعادة تأهيل المدارس المتضررة، وتفعيل المراكز الثقافية في القرى والبلدات لخلق فضاءات اجتماعية إيجابية، ودعم الحلقات القرآنية في المساجد باعتبارها ركيزة تربوية ودينية، وفي محور العدالة الانتقالية والحقوق، طالبوا بتسريع عمل لجنة العدالة الانتقالية وإيجاد حلول لملفات المعتقلين، وإعادة المنازل المستولى عليها إلى أصحابها، ومعالجة قضايا “الغصب البين”، ودمج السجلات المدنية في ريف حلب مع السجلات الرسمية للدولة لتسهيل معاملات المواطنين.
محور القطاع الزراعي والمعيشي أيضاً كان له متسع من النقاش، ومن أهم المطالب، تسريع استلام مستحقات المزارعين لقاء القمح، وإلغاء الضرائب المفروضة على الأعلاف والمواد الزراعية، وتوفير مواد التدفئة بأسعار مقبولة قبل حلول الشتاء، كما نال محور رعاية ذوي الشهداء والمصابين حيزاً واسعاً من النقاش، وأفضى إلى ضرورة تأسيس هيئة خاصة تعنى بشؤونهم، والاستفادة من الطاقات والخبرات في مؤسسات الدولة.

خطوات عملية ولجان مختصة
المحافظ أوضح أن لجنة “الغصب البين” تدرس حالياً أكثر من 900 طلب يتعلق بممتلكات الأهالي، مؤكداً أن العمل يتم بدقة عالية نظراً لحساسية الملفات. وأضاف: إن اللجنة المختصة بالعدالة الانتقالية ستزور حلب قريباً لمتابعة الملفات بشكل مباشر.
وفي ملف الخدمات، أشار المحافظ إلى أن المجال فتح أمام الأهالي لترميم منازلهم المهدمة جزئياً، بما يساعد على عودة المهجرين، موضحاً أن المحافظة تعمل مع الوزارات المعنية لتأمين دعم إضافي لمشاريع المياه والكهرباء.
كما كشف المحافظ عن مساعٍ لتشكيل لجنة خاصة تُعنى برعاية ذوي الشهداء والمصابين، وإشراكهم في برامج التنمية المحلية.

أفق جديد لحلب
يخرج المراقب من هذا اللقاء بانطباع واضح أن محافظة حلب تسعى إلى بناء عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطن، أساسه الاستماع المباشر للمطالب، وتفعيل دور اللجان الفنية والهندسية، إلى جانب الإصرار على مسار العدالة الانتقالية.
وفيما تتوالى الاجتماعات وتتشابك التحديات، تبقى إرادة الأهالي ورغبة الدولة في تحقيق الاستقرار هما الركيزتان الأساسيتان لمستقبل أكثر إشراقاً.. فحلب التي عرفت مرارة الحرب، تقف اليوم على عتبة مرحلة جديدة عنوانها إعادة البناء والتماسك الاجتماعي، مستندة إلى عزم أبنائها وإصرار مؤسساتها.