مع الارتفاع الهائل في أسعار الأجهزة الالكترونية في ظل ارتفاع سعر الصرف لكونها سلعاً مستوردة، فإن تجارة من نوع جديد قد راجت وانتعشت ولا تزال ألا وهي تجارة بيع القطع التي تتكون منها تلك الأجهزة والقائمة على -سرقة- أجزاء منها خلال عمليات إصلاحها والتي باتت تدر على أصحابها آلاف الليرات.
فالتقدم التكنولوجي الكبير الذي يعد السمة الأبرز لعصرنا الحاضر يبدو أنه لم يواكبه على ما يبدوأي تطور مماثل لدينا في جودة الخدمات المرتبطة بتلك الأجهزة ولا في الرقابة عليها ولا حتى في القوانين الناظمة.
وكم من مواطن تعرض عند إقدامه على إصلاح عطل ما في جهازه إلى خسارة الجهاز بالكامل فيما لو سوّلت لمقدم الخدمة نفسه بتبديل قطع الجهاز والادعاء بتلفه، وليفاجأ المواطن بعد ذلك بعدم قدرة أجهزة حماية المستهلك بعمل أي شىء له وتذرعها بأن الأمر يعتبر “سرقة ” و ان هذا لايعد من اختصاصها انما من اختصاص الجهات الأمنية لأن القوانين المعمول بها لم تتضمن مواد تعالج جودة هذه الخدمات ولا يوجد مخابر لدى الوزارة للتحقق من مواصفات الأجهزة ولا فنيين؟!
رغم تكرارنا الحديث عن هذا الموضوع إلا أن شيئاً لم يتغير فالتعديل الأخير على قانون حماية المستهلك لم يضع حداً لذرائع أجهزة الرقابة التي تعترف بأن القوانين قاصرة عن شمول نواح أساسية خاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات للمستهلكين وأنها لم تأت على ذكر العديد من الحالات التي يمكن أن تحدث خلال التعاملات التجارية وهي المعنية أصلاً بصياغة تلك القوانين بما يلبي حاجة المستهلكين ويحفظ حقوقهم في الحصول على المنتجات والخدمات بالمواصفات المطلوبة.
الواقع الذي نعيشه من ضرورة استخدام تلك الأجهزة والارتفاع الكبير في تكلفة اقتنائها وإصلاحها يفرض ضرورة حتمية أخرى من إعادة النظر في القوانين المتعلقة بها وتضمينها معايير واضحة لقياس جودتها وإحداث لجان تقوم بفحص المنتجات وفقاً لتلك المعايير من خلال مخابر خاصة بهذا الغرض علما بأن التعاقد مع أصحاب الخبرة والنزاهة من الفنيين في القطاع الخاص يعد أمراً متاحاً وبديلاً مناسباً عن مخابر الوزارة في حال عدم توافرها، ذلك بما يسد الثغرات الموجودة في القانون ويشكل حفظاً لحقوق المستهلك وحماية له من كل أشكال الغش والسرقة والاستغلال التي يزداد تعرضه لها في ظروفنا الحالية.
حديث الناس – هنادة سمير