سلسلة الضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية على سورية لم تتوقف منذ بداية الحرب الإرهابية، وهي تأخذ منحى تصاعدياً عند كل محطة فشل جديدة تواجه مخططات أميركا وشركائها الداعمين للإرهاب، واليوم نحن على أبواب الاستحقاق الرئاسي، ما يعني أن منظومة العدوان ستكثف من حدة ضغوطها وصولاً إلى الذروة، وهي قد بدأت بالفعل ممارسة هذه الضغوط، ولكن هل ستحقق مآربها وأجنداتها السياسية، أم ستجد نفسها أمام واقع هزيمة جديدة؟.
اليوم انطلقت في سوتشي الروسية جولة جديدة من اجتماعات “آستنة” بهدف تحريك مسار الحل السياسي، المكبل بقيود الابتزاز الأميركي والغربي، وهذه الجولة استبقتها الدول الراعية للإرهاب برسائل تصعيد ترفع من خلالها سقف شروطها لإنجاز أي خطوة على هذا المسار، لاسيما وأن تلك الدول فشلت مجدداً في توظيف عمل لجنة مناقشة الدستور خلال جولتها الخامسة بخدمة مخططاتها الاستعمارية، والعدوان الصهيوني على محيط دمشق كان أحد هذه الرسائل، وهو يشير – أي العدوان- إلى أن منظومة الإرهاب لن تتخلى عن دعم مرتزقتها على الأرض، ما لم تحقق جولات الحوار الحد الأدنى من أجنداتها السياسية التي لم تزل عاجزة عن تحقيقها حتى اليوم، ورسالة العدوان الصهيوني هذه، لا شك أنها ممهورة بختم الإدارة الأميركية الجديدة، كإشارة واضحة لماهية السياسة التي تجنح هذه الإدارة لانتهاجها، وهي استكمال لسياسة إدارة أوباما التي طالما استبقت جولات الحوار السوري في جنيف فيما مضى، بالإيعاز لمرتزقتها الوهابيين التكفيريين بارتكاب مجازر وحشية بحق المدنيين، بهدف تفخيخ المسار السياسي.
التهديد باستخدام أسطوانة “الكيميائي” المهترئة مجدداً، هي رسالة تصعيد ثانية، فإرهابيو ” النصرة” و” الخوذ البيضاء” “يستعدون للقيام باستفزاز ” كيميائي” جديد في منطقة خفض التصعيد بإدلب لاتهام الجيش العربي السوري، وبات معروفاً أن الغرب يلجأ لهذا الأسلوب القذر كلما أراد زيادة حدة الضغط السياسي على الدولة السورية، ودائماً كانت مثل هذه الاستفزازات تتم بناء على أوامر أميركية تعطى للتنظيمات الإرهابية، ويشارك في تنفيذها خبراء من أجهزة استخبارات أوروبية وتركية وصهيونية، ليصار بعد ذلك إلى إلصاق التهمة بالجيش العربي السوري، رغم كل الوثائق والأدلة والبراهين التي قدمتها الحكومة السورية وثبت أن الإرهابيين هم من يمتلكون الأسلحة الكيميائية، وزودتهم بها منظومة العدوان، إلا أن هذا الغرب يصر على استخدام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كسلاح إرهابي، وأداة لممارسة الضغط والابتزاز السياسي، وهذا النوع من الضغط والابتزاز، من المرجح أن تستخدمه الدول المعادية عدة مرات في المرحلة المقبلة.
تحركات المحتل الأميركي المتمثلة باستقدام المزيد من التعزيزات العسكرية واللوجستية لتكريس وجوده غير الشرعي في منطقة الجزيرة، واستمرار نهبه للنفط والمحاصيل الزراعية لتشديد مفاعيل “قيصر”، والممارسات القمعية المتصاعدة لذراعه الإرهابي “قسد”، والاعتداءات المتواصلة للمحتل التركي ومرتزقته الإرهابيين في الشمال السوري، كلها تصب في خانة الضغوط المتصاعدة لمحاولة تحصيل مكاسب سياسية عجزت منظومة العدوان عن تحقيقها عبر الإرهاب والعدوان، وكلها تصب اليوم في سياق التصويب على مسار الحل السياسي، والاستحقاق الرئاسي القادم، ولكن سورية لم يسبق لها أن خضعت يوماً للضغط والابتزاز، ومنظومة العدوان خبرت هذه الحقيقة على مدار العشر سنوات الماضية من عمر الحرب الإرهابية التي تشنها على الشعب السوري، والعالم أجمع بات يدرك هذه الحقيقة أيضاً.
نبض الحدث – ناصر منذر