لايغير المفترس طبيعته، بل لايمكن له أن يفعل ذلك حتى لو حاول، فهو مجبول على العدوان والأذية، واللافت حد الغراب في هذه السيكلوجية أنها ليست عند الكواسر فقط، بل ربما كان الإنسان المدعي الحضارة والتقدم أكثر ولوغاً فيها من الحيوانات التي لا تفترس إلا حين الحاجة للغذاء، أو الدفاع عن النفس.
الأمر ليس من باب المبالغة، ولا هو رصف كلام مجاني، بل نعيشه في المشهد السياسي العالمي، ولاسيما في الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية التي أصابت البشرية، انزلت بها آلاف الكوارث والمصائب ومازالت تفعل، لا يتغير الأمر مع حزب ديمقراطي أو جمهوري ولا مع كونغرس أو آخر، الكل يتبارى في ابتكار أساليب الشرور التي يريد أن تبقى موزعة في العالم كله.
ومن باب الغباء الذي يغرق به الكثيرون أنهم يعولون على إدارة تأتي:أنها سوف تقلب معايير التوحش الأميركي ليكون اللمسة الإنسانية، لايمضي وقت قصير حتى يكتشف من ينتظر أن قفازات الكلام والوعود ليست إلا وسيلة ونقطة للوصول، ومن ثم كلام الليل يمحوه النهار.
لم يكن ترامب إلا وجه أميركا المتوحش الأكثر انسجاماً مع ما هم عليه، خلع القفازات، وبكل الوقاحة سلب أموال الخليج، وتباهى بذلك، واليوم يفعل بايدن الأمر نفسه، لكنه يحاول بعد شهر العسل الموعود بالتصريحات الخلبية، يحاول أن تبقى قفازاته لأطول فترة ممكنة، لكنه على ما يبدو ضاق بها ذرعاً، وحشيته في العدوان على الأراضي السورية، وفي تهديداته التي يطلقها، وأكاذيب أركان إدارته، كلها على خطا الإدارات السابقة، ومع ذلك ثمة من مازال يعتقد أن أميركا جمعية خيرية، خلعت حمالات الصدر، وكشفت عن صدرها لترضع العالم قيم محبة وإخاء، وبيديها تمد رغيف الخبز والدواء.
هذا الانغماس في وهم وضلالات واشنطن، سيصل إلى نهاياته، مهما امتد الزمن، لكن كم سيكون الثمن مرتفعاً، وعلى حساب من، وكيف؟، أسئلة يجب أن تبقى تقرع آذان الجميع، لعل من به صمم يسمع ولو حرفاً واحداً، أميركا صندوق شرور العالم، ولن يخرج منها إلا ما خرج من صندوق ميدوزاز.
البقعة الساخنة- ديب علي حسن