مع تطور العلم والتقانة تطرح في سوق الإعلام بعض المصطلحات العلمية وتدخل في التداول اليومي وربما تشكلت عنها تصورات أو مفاهيم غير دقيقة بحكم الترجمة وولادة المصطلح ومن ثم تعريبه، ومن هذه المصطلحات الذكاء الاصطناعي لجهة أن الذكاء صفة وسمة للكائنات البشرية والحية على وجه العموم ولا سيما أن استخدامه قد كثر في الآونة الأخيرة إلى درجة أن الكثيرين من هم في الأوساط العلمية باتوا يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يعني سيطرة الآلات على مجمل النشاط البشري، ما يعني تراجع أو اضمحلال دور الإنسان في النشاط البشري على وجه العموم، كما يعني المزيد من البطالة والعطالة في أسواق العمل.
ولتوضيح المفهوم والإضاءة عليه فقد عرف الذكاء الاصطناعي على أنه الفعالية التي تبديها البرامج والآلات بشكل متساو مع القدرات الذهنية للبشر وأنماط عملهم كالقدرة على التعلم والاستنتاج و ردود الفعل، كما يعنى بكيفية صنع أجهزة قادرة على اتخاذ سلوك ذكي، وقد عرف الأميركي جون مكارثي منذ أكثر من ستين عاماً -وهو أول من استخدم المصطلح- الذكاء الاصطناعي بأنه: علم وهندسة صنع آلات ذكية، ولكن المفهوم تطور بشكل كبير منذ ذلك التاريخ وحتى الآن ليصل إلى ما يسمى تقنية التعلم العميق التي ترتكز وتركز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي عمل الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التعلم وتطوير نفسها دون تدخل من الإنسان لدرجة أن تقنية التعلم العميق أثبتت القدرة على استيعاب وتعلم الألفاظ والترجمة من لغة إلى أخرى، وفي كانون الأول عام 2014 أشار أحد أهم علماء الفيزياء في العالم وهو البريطاني ستيفن هوكينغ إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي قد يمهد الطريق لفناء الحياة البشرية مع احتمال امتلاكها القدرة على إعادة تصميم نفسها، وأيد هوكينغ في توقعاته المستثمر الأول لهذه التقانة الون موسك الذي وصف الذكاء الاصطناعي (بشيطان مستحضر).
وعلى الضفة الأخرى فإن العديد من العلماء والخبراء يرون عكس ذلك وبحسب وجهة نظرهم فإن الذكاء الاصطناعي لن يتسبب بأي مخاطر على دور الجنس البشري، ولا ينبغي القلق من التقنيات الحديثة لأنها ستبقى تحت سيطرة من ابتكرها وهي تسير وفق تطور بطيء وتدريجي ولن تصل إلى درجة المخاوف التي يبديها بعض الضالعين في هذه التقانة التي ستحتاج حتماً إلى تطوير علوم جديدة مهما كان أصحاب الخيال العلمي مجنحاً مع قناعة بعض الباحثين في ذلك المجال بأن الآلات الذكية ستوازي في مستقبل قد لا يتجاوز السنوات الخمس ذكاء الإنسان وربما تتجاوزه، وهنا يرى المدير العام لشركة غوغل أن عصر الهواتف الذكية اقترب من نهايته ليستبدل بالذكاء الاصطناعي، وأن الأجهزة ذات الذكاء الاصطناعي ستستطيع يوماً ما من أن تتمتع بالحواس الإنسانية مثل الرؤية والشعور أكثر من البشر أنفسهم.
إضاءات- د خلف المفتاح