حراك النهايات

لا يخلو التحرك الروسي الأخير في منطقة الخليج العربي من أهداف واضحة تجاه الحدث السوري بعد عشرة أعوام من حرب عدوانية إرهابية على سورية، لم تترك أسلوباً قذراً ولا طريقة خبيثة إلا وجرى اتباعها بغية إسقاط النموذج الاجتماعي السوري لكونه يمثل نموذجاً للعامل المعادي للتمدد الاستعماري والسيطرة الغربية على المنطقة، ويشكل في الوقت ذاته العنصر الصاد والمعادي للمشروع الصهيوني بشكل مباشر.
كما يمثل هذا الحراك الروسي رداً موضوعياً ومنطقياً مواجهاً للمحاولات الأميركية والغربية الساعية للدخول في مرحلة صراع جديدة في ظل الإدارة الأميركية الجديدة وما يرافقها من عودة قوية لدور الدولة العميقة، وما سيرافقها من محاولات صد وإضعاف للمساعي الروسية التي جاءت على مدى السنوات الماضية، وما حققت من تقدم على مسارات أستانة وسوتشي بشكل واضح، فضلاً عن الدور المتنامي في مسار جنيف، حيث العقدة الأميركية ما زالت متزايدة ومتعاظمة مستندة إلى لا منطق القوة وإلى عقلية الهيمنة وذهنية السيطرة الغربية.
توقيت التحرك الروسي له دلالات لا تخفى على المتابعين والسياسيين، فهي تتزامن مع قرب انتهاء فترة المئة يوم الأولى من حكم الرئيس جو بايدن وما يتم الإعلان فيه عن رغبة في اللجوء إلى الأساليب الدبلوماسية والقانونية في حل النزاعات والخلافات في العالم، فيما العالم ينتظر مدى دقة ومصداقية هذه الادعاءات.
كما يتزامن هذا الحراك مع انقضاء عشر سنوات من العدوان الغربي الإرهابي المستمر على سورية، دون أن يستطيع تحقيق أهدافه البعيدة في تدمير بنية المجتمع السوري وإسقاط النموذج المجتمعي المتكامل الذي صاغه السوريون وحدهم على امتداد الزمن، فكانوا النموذج المتفرد العصي على الفهم للخارج، والبعيد عن المقاربة، وغير القابل للاختراق والسقوط، رغم كل التدمير والخراب والتجويع والحصار وحرق المحاصيل الزراعية وسرقة الثروات المعدنية والنفطية وغيرها.
في ظل هذه المتغيرات والظروف الراهنة تأتي التصريحات الخليجية داعية إلى ضرورة العمل على إيجاد حل سياسي في سورية والعمل على عودة سورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، أو بصورة أدق ضرورة إعادة مقعد الجامعة المسروق لسورية، في الوقت الذي لا تسعى سورية لذلك، بل ربما العكس تماماً، فقد كان قرار تجميد عضوية سورية في مجلس الجامعة عاملاً مساعداً لكشف المواقف المتآمرة من البعض على سورية.
واليوم تأتي دول الخليج العربي لتطالب بالعودة للجامعة إضافة للعمل السياسي النشط للعمل على إيجاد حل سياسي مقبول بعد عشرة أعوام من العدوان والدمار والحصار الذي لم يزد سورية إلا ثباتاً، ولم يزدها إلا إيماناً بحتمية انتصارها استناداً لحقائق وعوامل لا تتغير تمثلها متلازمة التلاحم الحقيقية بين الشعب والجيش والقيادة المتمثلة بشخصية القائد التاريخي السيد الرئيس بشار الأسد، وهو يقدم كل يوم دليلاً إضافياً على إبداعاته في اجتراح حلول وأساليب متعددة ومستحدثة لمواجهة كل التحديات والأشكال المستجدة في العدوان والحصار، فضلاً عن حضوره المستمر والدائم بين أبناء شعبه وجنوده لا ينفصل عنهم ولا يفارقهم لحظة واحدة.
العالم السياسي كله يدرك أن كل الأساليب العدوانية فشلت في إجبار سورية على الرضوخ، الأمر الذي يحتم الانتقال إلى أسلوب آخر قد تكون القنوات الديبلوماسية والسياسية بعض أشكاله وهو ما سيتضح في قادم الأيام، مع ضرورة الحذر من دور أميركي قد يعيق أو يعطل تلك المساعي ويفشل هذا الحراك الذي يتلمس القنوات القانونية في مساعيه.

معاً على الطريق- مصطفى المقداد

 

آخر الأخبار
"بوابة العمل" تصنع الفرص وتستثمر بالكفاءات المعرض الدولي لإعادة الإعمار فرصة جديدة للبناء في سوريا "المركزي": تفعيل التحويلات المباشرة مع السعودية يدعم الاقتصاد لجنة "سلامة الغذاء" تبدأ جولاتها على المعامل الغذائية في حلب "إعمار سوريا": نافذة الأمل للمستثمرين.. وقوانين قديمة تعوق المسيرة محافظ حلب يفتتح ثلاث مدارس جديدة في ريف المحافظة الجنوبي تعاون بين "صناعة دمشق" ومنظمة إيطالية لدعم التدريب وتأهيل الشباب الرئيس الشرع يبحث مع الأمير بن سلمان التعاون الثنائي آلية جديدة لخفض تكاليف إنتاج بيض المائدة في دمشق وريفها  سوريا تعلن اعترافها الرسمي بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة  الرئيس الشرع خلال جلسة حوارية في الرياض: السعودية تشكل أهمية كبرى للمنطقة وسوريا ركيزة أساسية لاستقر... 2500 فرصة عمل في ملتقى بوابة العمل الرابع بدمشق "الرياض 2025".. ضوء أخضر لجذب الاستثمارات العالمية إلى سوريا الشرع يلتقي السواحة وأبو نيان والجاسر في الرياض خبير نفطي يقترح خطوات إنقاذية لقطاع النفط المتهالك الوفد السوري يشارك في لقاء النخب الاقتصادية بالرياض عاصم أبو حجيلة: زيارة الشرع للرياض تعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة دمشق الذكية.. من ماروتا وباسيليا إلى مدينتين خضراوين "تقانة المعلومات": خطوات ثابتة نحو أمن رقمي متكامل مشاركة سوريا في "مبادرة الاستثمار" رسالة اطمئنان للمستثمرين