الكتلة الأوراسية عالم ثلاثي الأقطاب

قبل ستة أسابيع صرح مسؤول أميركي كبير في هيئة الأركان الأميركية تصريحاً على درجة من الأهمية لم ينل ما يستحقه من اهتمام من وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث حيث قال إن العالم أصبح ثلاثي الأقطاب أميركا وروسيا والصين، وأردف أن أميركا هي الأقوى بين تلك الأقطاب، ولكن ثمة كتلة أوراسية تتشكل وتمثل تحدياً حقيقياً للكتلة الأطلسية. والمقصود هنا حلف الناتو والغرب على ضفتي الأطلسي.

مسألة أخرى جديرة بالوقوف عندها وهي أنه لأول مرة في التاريخ الحديث تجري مناورات برية مشتركة بين الجيش الروسي والصيني وعلى الأراضي الروسية أعقبتها مناورات بحرية صينية وروسية في بحر الصين الجنوبي والشرقي، حيث اليابان وفيتنام وكوريا وبالإضافة إلى ذلك كان للقمة الروسية الصينية التي عقدت عند انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية وما صدر عنها من تأكيد على أهمية الأمن الاستراتيجي العالمي واحترام الأمن القومي للدول، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية مديدة تزيد قيمتها على مئات المليارات من الدولارات إضافة إلى اعتماد اليوان الصيني والروبل الروسي في التبادل بين الدولتين بدل الدولار ما يحد منه بوصفه إحدى أدوات الهيمنة على الاقتصاد العالمي، ووسيلة ضغط سياسي كل هذه المعطيات تشير إلى حقيقة أن عصر الهيمنة الأميركي والقطبية الآحادية التي استمرت لثلاثة عقود قد بدأ يتلاشى رويدا رويدا ويترافق مع صعود روسي صيني في المشهد الدولي بكل تجلياته وأشكاله، وأن ثمة مؤشرات حقيقية على انكفاء أميركي وأوربي على مستوى العالم بدءاً من الانسحاب الأميركي المذل من أفغانستان وما تواجهه أميركا في العراق والفشل الغربي في ليبيا والفرنسي في مالي وهزيمة المشروع الأميركي الصهيوني الغربي في سورية والتحدي الذي واجهته السياسة الأميركية مع ايران واستجدائها للعودة للاتفاق النووي، ولعل القشة التي قصمت ظهر البعير هو ما جرى في أوكرانيا، حيث ظهر حلف الناتو والغرب عموماً عاجزاً عن مواجهة روسيا التي لم تسمح للناتو بالتمدد في محيطها الاستراتيجي وأمنها القومي والخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس بوتين واعتبرها ثوابت روسية لا مهادنة أو مساومة أو تلاعب فيها واقتران قوله بالفعل.

كل ما تمت الإشارة إليه مقترناً بما أقدمت عليه روسيا الاتحادية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين من قرارات شجاعة وجريئة تصب في خدمة مصالح روسيا وأمنها القومي وما شكلته من كسر لحاجز الخوف عند البعض من أميركا وحلف الناتو وكيف استخدم الغرب أوكرانيا كبش فداء لمصالحة الجيواستراتيجية ثم تخلى عنها في اللحظة الحرجة وحالة الارتباك والتردد الذي ظهر فيه ذلك الحلف وخشية أعضائه من مواجهة عسكرية مكلفة مع روسيا الاتحادية، حيث كان الرئيس بوتين واضحاً في تحذيراته من أن أي تدخل عسكري لجانب أوكرانيا سيكون له أثر مدمر وغير مسبوق على من يجرؤ على ذلك أو حتى التفكير به كل ذلك يؤكد حقيقة أن العالم بدأ يعيش إرهاصات أولى لنظام دولي جديد يقوم على الشراكة وليس الاستئثار، عام سيكون متعدد الأقطاب كما أشار المسؤول الأميركي قبل ستة أسابيع وكما هو حاصل حقيقة على أرض الواقع والأكثر من ذلك أن هذه القطبية الثلاثية المأمولة ستكون القوة الفاعلة فيها الكتلة الأوراسية المتمثلة بشكل أساسي من روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية المتحالفتين بوصفهما قوتين عظميين في الحسابات العسكرية والاقتصادية والتقانية إضافة إلى كونهما عضويين دائمين في محلس الأمن الذي لن يكون كما كان قبل عقدين من الزمن ذراع للخارجية الأميركية وغطاء لشرعنة مشاريع الهيمنة الأميركية وحمى التوسع والتدخل في شؤون الدول.

إن قراءة ما جرى ويجري في العالم خلال السنوات العشر المنصرمة بدءاً مما جرى في ليبيا واليمن والعراق وسورية ومالي وفنزويلا وأفغانستان والملف النووي الإيراني وراهنا في أوكرانيا وما رافقه من تغير في المناخ الدولي والمزاج الشعبي الغربي إدراك حقيقة أن المغامرات الأميركية والأوربية لن تجر إلا المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لتلك الشعوب وأن القطبية المخفية والحقيقة المسكوت عنها تتمثل فيما تجلبه تلك المغامرات من مليارات الدولارات لشركات السلاح والتروستات الكبرى والشركات العابرة للقوميات وليس ما تصدره وتعلن عنه من أكاذيب وبروباغندا منظمة عن الحرية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب التي أصبحت عناوين ممجوجة لم تعد تنطلي على كل ذي بصيرة.

إضاءات- د. خلف المفتاح

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة