ملتقى دبسي عفنان ورهاناته

بمبادرة من الأجهزة الرسمية والأمنية والشعبية التأم مئات السوريين من فعاليات مختلفة ضمت وجهاء ونخب ثقافية وسياسية مثلت الطيف الوطني في الرقة بتنوعه المتناغم والمنسجم مع الفكرة الحضارية السورية وذلك في ناحية دبسي عفنان الواقعة في الريف المحرر وعلى الرغم من أن المبادرة تركزت من حيث المبدأ على أبناء الرقة إلا أنه في الواقع شكل تجمعاً لكثير من المناطق والأطياف السورية سواء من حيث الحضور أو في المحتوى والمضمون والمخرجات بدليل أن ما انبثق عنه وما سينبثق من نتائج . لقد أكدت الكلمات والمداخلات على الثوابت الوطنية وعلى رأسها احترام سيادة سورية أرضاً وشعباً ومؤسسات وطنية منتخبة عبر الاختيار الحر بدءا من موقع الرئاسة وصولاً للبرلمان ورفض كل أشكال التدخل الخارجي أو مظاهره المخلة بالسيادة سواء كانت ذات طابع عسكري أو مؤسسي إضافة إلى شجب العدوان التركي على الأراضي السورية والحديث عما يسمى كذباً مناطق آمنه لا تعدو كونها احتلال بمسمى مضلل ومخادع والمطالبة بعودة مؤسسات الدولة السورية إلى كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات والتنظيمات غير الشرعية وتحذير كل من يتعامل مع القوى الخارجية على حساب وحدة وسيادة الأرض السورية ما يتهدد أمنها الوطني واستقراها المجتمعي.

والى جانب التأكيد على الثوابت الوطنية تضمنت مخرجات الملتقى العديد من المطالب المتعلقة بالبناء الديمقراطي والسياسي واحتياجات المواطنين وما ينغص سبل حياتهم ومعيشتهم وما يعانونه مما يسمى “قسد”، وأشاد المجتمعون بالخطوة المهمة المتمثلة بالتسويات التي جرت مؤخراً وما تركته من آثار إيجابية على المناخ العام في كافة المناطق وصدمة قوية للقوى غير الشرعية وتحدثوا عن أهمية استمرارها وتطويرهما بما ينسجم مع رغبات أطياف واسعة من الشعب السوري وقواه الحية إضافة إلى النظر بقضايا المختطفين والمعتقلين والفارين من الخدمة العسكرية والاحتياطية ومعالجة أوضاعهم وتسويتها عدا عن الذي انخرط بعمل إرهابي نتج عنه سفك دماء ودمار، وتخريب متعمد لمؤسسات الدولة بوصفها ملكية عامة يحميها القانون.

كما طالب المجتمعون بإصدار مرسوم عفو عن بعض الجرائم التي ارتكبت بفعل الظروف التي فرضتها الأزمة سيما في المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات الإرهابية الأمر الذي يفسح المجال لعودة مئات آلاف السوريين اللاجئين في دول العالم ولاسيما دول الجوار واقترح الملتقى فكرة تشكيل لجان شعبية في المحافظات من فعاليات اجتماعية ذات مصداقية للمساعدة في حل القضايا التي تواجه أبناءها ومواطنيها كصيغة شراكة وتعاون بين المجتمع المدني والدولة تجسيداً لمفهوم التشاركية بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والخدمية في ظل ظروف صعبة أفرزتها الحرب العدوانية على سورية واستنزفت الكثير من إمكاناتها ومواردها الأمر الذي يستلزم تعاوناً حقيقياً في مهام إعادة الإعمار بأوجهه المتعددة المادية والبشرية كما تم التأكيد على دور المقاومة الشعبية في طرد المحتل الأميركي والتركي وأعوانهما ولاسيما ميليشيا “قسد” الانفصالية وغير الشرعية وضرورة دعم تلك المقاومة بكل السبل وحث كل من يتعاون مع أيّ قوة غير شرعية على ترك ذلك والانخراط في الحالة الوطنية وممارسة كل أشكال الوضع القائم بكل السبل العسكرية وغيرها.

إن قراءة ما جرى في دبسي عفنان في إطار ظروف وسياقات وتضاريس الأزمة سواء من حيث حجم ومستوى الحضور والخطاب والمخرجات أو لجهة أنه يندرج في إطار مبادرة أهلية من الداخل السوري وليس بفعل أو رغبة خارجية والتعامل الإيجابي من السلطة السورية مع فكرة إقامته وتعزيزه بإطلاق سراح عشرات الموقوفين والمعتقلين ما يعكس حسن نية ودعم للفكرة يجعل المراقب لما جرى ويجري من محاولات للوصول إلى حل سياسي سواء في جنيف أو أستانه وما وصلتا اليه من حالة تعطيل وجمود ومراوحة في المكان أو الدوران في فراغ كل ذلك يشجع على الرهان على مستوى متقدم و واسع لملتقى سوري يضم كافة المناطق السورية وبتمثيل واسع الطيف لكل النسيج الوطني بتنوعه وغناه يشكل نواة حقيقية لحوار سوري سوري ينتهي بمخرجات هي نتاج فائض قوة الداخل ورغباته ورؤاه لسورية المتجددة ما يمنحه فرصة قطع الطريق على كل القوى الخارجية التي تتاجر بما تطالب به بعض معارضة الخارج مستخدمة نفوذها وسطوتها على المشهد الدولي بحيث تستثمر في أوراق تلك المعارضات مستغلة الحالة التي خلفتها حرب استمرت لأكثر من عشر سنوات لتمرير وتحقيق مصالحها الجيوسياسية على حساب شعوب المنطقة استثمارا في ظروف الأزمة وتداعياتها.

إن الاستثمار الإيجابي للطاقة الوطنية في المجتمع السوري والرهان عليها وتعزيزها من قبل الحكومة والأجهزة المختصة والتعاطي الإيجابي مع ما تطلقه من أفكار ومبادرات يؤسس لثقافة اجتماعية وسياسية جديدة علما أن المنظمات الأهلية التي تشكلت خلال الأزمة وما قبلها قد اطلعت بدور إيجابي لجهة تقديم المساعدات لأسر الشهداء والجرحى أو تقديم المعونات المادية والعينية للأسر الفقيرة في الريف دعما للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ما يعني أن ثمة رهانات حقيقية على دور سياسي للمجتمع في إطار حل الأزمة عبر الحوار الوطني السوري السوري انطلاقاً من تلك الأرضية.

إن ذلك الملتقى وما جرى فيه من حوار مباشر بين القيادات السياسية والأمنية يشكل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لأن فيه كسر للحواجز القائمة بين المواطن والمسؤول وبداية تغيير للصورة السلبية لعمل بعض الأجهزة أو تصرفات وسلوكيات العاملين فيها إلى صورة إيجابية تتمثل بمتابعة قصايا المواطنين وحاجاتهم والحرص على السلم الأهلي والشخصي لكل مواطن بدل تعقبه واستغلاله بذريعة التقارير الكيدية مع التأكيد على أن أمن الوطن والمواطن هو مسؤولية الجميع مواطنين ومؤسسات مختصة وتفاعل مباشر بينهما في سبيل تحقيق المصلحتين الوطنية وقضايا الناس ويومياتهم ومعاناتهم نتيجة ظروف الحرب التي شنت على سورية إضافة إلى أن الملتقى الحواري شهد استجابة فورية لبعض القضايا ووعود بمتابعة قضايا أخرى مع الجهات صاحبة الصلاحية والاختصاص.

إن تجارب عديدة تقدم الكثير من الأمثلة في هذا المجال فكم من مبادرات فردية وأفكار أطلقت حصدت نتائج عظيمة وساهمت في تحقيق نتائج باهرة ودونما كلفة باهضة أو ثمن سياسي وكان الرابح الوحيد فيها هو المجتمع وما كان لذلك ان يتحقق لولا التعاطي الإيجابي والجاد مع مندرجاته وحيثياته سواء من السلطات المعنية أو من كل من يدعي الحرص على المصالح الوطنية العليا فهل يشكل ملتقى دبسي عفنان الوطني مساراً ونقطة بداية لحوار سوري سوري يضع خواتيم للأزمة ببصمة سورية نظيفة يفضي للوصول لاستقرار اجتماعي حقيقي وطمأنينة وسلام داخلي؟.

 إضاءات- د. خلف المفتاح

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة