هل يمكننا التأثير في الرأي العام والقرار الأميركي؟

ما زالت الولايات المتحدة الأميركية أكثر الدول تأثيراً في المشهد الدولي بحكم قوتها الاقتصادية والعسكرية والمالية والإعلامية، وعلى الرغم من أنها تعتمد إستراتيجية كونية لجهة بقائها اللاعب الأكبر في المسرح العالمي ووجود مؤسسات تدير دفة السياسة الخارجية إلا أن طبيعة النظام السياسي واللعبة الديمقراطية تفسح في المجال لقوى الضغط أي اللوبيات أن تلعب دوراً وفق كيفية معينة للتأثير في السياسة الخارجية المتعلقة ببعض القضايا ومنها قضايانا العربية ومنها القضية الفلسطينية وغيرها.

ومن خلال حوار أجرته مؤسسة أنتلجنس سكويرد في جامعة نيويورك قبل عدة سنوات وأتيح لنا الاطلاع عليه شارك فيه روجر كوهين محرر الشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز آنذاك ورشيد الخالدي أستاذ الدراسات العربية بجامعة كولومبيا والسفير الأميركي السابق في الاتحاد الأوروبي ستيوارت أيزنستات ووكيل وزارة الخارجية السابق وايتمار رابينوفتش وهو سفير سابق أيضاً للكيان الصهيوني في واشنطن، وكان موضوع الحوار هل السياسة الأميركية تجاه المنطقة العربية كانت ما زالت تخدم المصالح القومية الأميركية؟ أم إن على أميركا اتخاذ خطوة إلى الوراء ومراجعة سياستها تجاه إسرائيل والمنطقة عموماً؟ وقد كانت وجهة نظر المتحاورين مختلفة في هذا السياق، حيث دعا كل من روجر كوهين والخالدي إلى ضرورة إعادة النظر بالسياسة الأميركية تجاه المنطقة، لأنها فشلت حتى الآن في تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل، وهذا برأيهم يضر بالمصالح الإستراتيجية الأميركية والأمن القومي الأميركي.

ويرى الكاتبان أن السياسة الخارجية الأميركية تجاه قضايا المنطقة لا تخضع للتحليل الناقد، حيث بلغ حجم المساعدات السخية الأميركية لإسرائيل خلال عقد واحد 60 مليار دولار إضافة إلى تواطؤ أميركا مع ما سمياه الإرهاب العالمي لجهة تحقيق ما يسمى أمنها القومي، وعلى النقيض من ذلك يرى أيزنستات ورابينوفتش أن تراجع الولايات المتحدة الأميركية عما سمياه (العلاقة الخاصة بإسرائيل) يعد خذلاناً للمبادئ الأخلاقية- على حد زعمهم -ما يؤدي إلى التخلي عن حليف ديمقراطي وحيد في المنطقة لا يمكن إلا الاعتماد عليه وذلك إن حصل فسيشكل رسالة غير جيدة لحلفاء أميركا في العالم.

وبالعودة للعنوان وكي نصل إلى مؤشرات حول إمكانية التأثير في الرأي العام الأميركي يمكننا قراءة نتائج استطلاع رأي الجمهور الذي قامت به مؤسسة “أنتلجنس سكويرد” قبل وبعد الحوار المشار إليه لنقف على حقيقة من تمكن أكثر من غيره من استمالة عدد أكبر من الجمهور تجاه وجهة نظره، ففي الاستطلاع الأول فضلت نسبة 33 بالمئة التراجع في العلاقة مع الكيان الصهيوني، بينما عارض ذلك 42 بالمئة من المستطلعة آراؤهم، وكان 25 بالمئة غير محددي المواقف، وبعد الحوار أعربت نسبة 94 بالمئة عن تأييدها لحدوث تراجع في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعارضته 47 بالمئة، وكانت هناك نسبة غير محددة المواقف ما يعني أن الذي فاز في الحوار ودعا إلى إعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل هم النسبة الأكبر.

إن تحليل نتائج الاستطلاع على الرغم من محدودية مساحته وطبيعة الجمهور المستطلعة آراؤه تعطي مؤشرات ودلالات يمكن الركون إليها وتشي بإمكانية إحداث تأثير في الرأي العام الأميركي تجاه قضايا المنطقة، ومنها القضية الفلسطينية، وإنه -أي الجمهور الأميركي- ليس كتلة صماء أو قطيعاً يقاد، حيث يشاء الساسة أو الإعلام المنحاز، فالساحة الإعلامية والثقافية والأكاديمية في أميركا مفتوحة لمن أراد ولوجها، وإن الرأي العام الأميركي قابل للتغيير والتأثير فيه، وخاصة على مستوى الأجيال الشابة وتحديداً طلبة الجامعات والمستويات الأكاديمية وحتى المؤسساتية إذا ما أحسن العمل والتعامل معها، وذلك عبر التنظيم وتشكيل جماعات ضغط (لوبيات) والتنسيق والدعم المادي والتأطير المؤسساتي للناشطين ومحاولة استقطاب النخب الأكاديمية والإعلامية والسياسية والفنية ورجال الأعمال والانفتاح الكامل على المجتمع الأميركي ومد جسور حوار حقيقي معه والاستثمار في الرأسمال العربي الاجتماعي والمعرفي المتواجد في الساحة الأميركية وولوج مراكز الأبحاث والدراسات مطبخ السياسة الأميركية ومغذيه الإستراتيجي.

إن فتح النوافذ والبوابات الثقافية والإعلامية والشعبية بين العرب والشعب الأميركي وعدم الاقتصار على البوابات السياسية والمواقف المسبقة والصلبة المؤدلجة التي لا يسرها علاقة طيبة ومتوازنة بينهما هو أمر غاية في الأهمية ويخدم المصالح المشتركة لكلا الشعبين، وهذا لا يقلل بالتأكيد من أهمية الحوار السياسي إن أتيح أن يحصل، ولكنه يوفر حتماً فرصة وأرضية لعلاقات سياسية ومجتمعية أكثر توازناً ورسوخاً، ولعل ما شهدناه مؤخراً من نشاطات لمجموعات سورية منظمة وممولة من قوى معارضة في أميركا وأوروبا حققت نتائج تمثلت في مواقف سياسية تجاه الأزمة في سورية هو المثال الحي على إمكانية حصول ذلك ما يستدعي أخذ ذلك بعين الاعتبار والتحرك وليس الانتظار والترقب.

إضاءات – د . خلف المفتاح

 

 

 

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة